بوريطة في منتدى تحالف الحضارات: تحت قيادة جلالة الملك لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار بل جسده على أرض الواقع    اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يدخل حيز التنفيذ    منتخب التايكوندو يتوجه إلى هونغ كونغ للمشاركة في بطولة العالم للبومسي    حركة سعيد شعو تدين لقاء الجزائر وتكشف خفاياه    أداء إيجابي في تداولات بورصة الببضاء    البنك الدولي يمنح المغرب 250 مليون دولار لدعم برنامج جمع النفايات الصلبة في المدن        الذهب يصعد مع تراجع الدولار قبل صدور بيانات التضخم الأمريكية    المغرب واليابان يوقعان مذكرة تعاون في مجال تعزيز الاستثمار    فريق دونالد ترامب يوقّع اتفاقا مع البيت الأبيض لمباشرة عملية انتقال السلطة    بدء سريان وقف إطلاق النار بين "حزب الله" اللبناني واسرائيل    مباحثات مغربية أمريكية لتعزيز التعاون العسكري المشترك    من أطلق الشرعي؟    غوتيريش يرحب بوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل    خالد لحلو يترأس دورة المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بمكناس    دوري أبطال أوروبا: إنتر يتصدر والأتلتيكو يكتسح والبايرن يعمق جراح سان جرمان    بعد اتهامات ثقيلة..أوزال رئيس الرجاء الأسبق يودع سجن عكاشة    نتائج مباريات الجولة الأولى من مجموعات دوري أبطال أفريقيا    15 سنة سجنا نافذا لقاتلة الطالب أنور    السجن يستقبل رئيس الرجاء السابق    حجز مجموعة من الحيوانات البرية والزواحف كانت موجهة للبيع بشكل غير مشروع    القصر الكبير : توقيف موظف بمؤسسة بنكية بتهمة اختلاس 50 مليون سنتيم    قضاء الرباط يقرر عدم تسليم الدكتور الإمام لمصر    كدمات في رأس ووجه بيب غوارديولا بعد نهاية المباراة أمام فينورد بالأبطال    صاحب الجلالة يؤكد على ضرورة التوصل إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة    انتخاب الاستقلالي الفخاري رئيساً لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس - مكناس    ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تسجل ارتفاعا بنسبة 4 في المائة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وتنفيذ سياسات اجتماعية منصفة ومستدامة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | إجراءات زجرية ضد مروجي الأخبار الزائفة بمواقع التواصل الاجتماعي    تركيا تعلق الدراسة في عدد من الولايات بسبب العواصف الثلجية    استثمارات ضخمة.. شركة الطرق السيارة بالمغرب تبدأ أشغال توسيع عقدتي عين حرودة وسيدي معروف        نادي الدفاع الحسني الجديدة لكرة الطائرة بالجديدة منتشه بانجازاته المتميزة خلال السنوات الاخيرة    المؤبد والسجن النافذ لمرتكبي جريمة قتل شاب في حي المطار بالجديدة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين    فتح تحقيق في محاولة تصفية مدير مستشفى سانية الرمل تطوان    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يهزم الرجاء بعقر داره في افتتاح مباريات دور المجموعات        "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»        في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    حوار مع جني : لقاء !    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزعامة في العائلات الصوفية: بيت أبي المحاسن الفاسي نموذجا.. (3)
نشر في ميثاق الرابطة يوم 23 - 05 - 2013

كما يشهد على علو مقام أبي العباس أحمد الحافظ تنويه والده بخصوصيته، وبلغت ثقة الشيخ الوالد بابنه حدا جعله يعهد إليه بإدارة أخطر أنشطة الزاوية في حياته، حيث أسند إليه خطة الإمامة بمسجد الزاوية من أول صلاة صليت بها بعد أن أتم بناءها[1]، كما أنابه عنه في إرشاد الناس بالزاوية نفسها[2].
ورغم ذلك، فالأكيد أن أبا العباس الحافظ لم يكن وارث حال والده، ولم يحظ منه بالإذن في التلقين؛ فتلك أمور استأثر بها عمه، عبد الرحمن العارف، كما علمنا، دون سواه من رجال العائلة الفاسية، أو رجال الطائفة الصوفية الفاسية. لكن ذلك لم يمنعه من التصدر للمشيخة خلفا لوالده في الزاوية الفاسية الأم، بدلا من صاحب الإرث[3]، ويخيل إلينا أن أبا العباس الحافظ كان يحظي بشعبية أعظم بالمقارنة مع عمه عبد الرحمن العارف، وإلا كيف نفسر قلة عدد من انضم إلى مجلس هذا الأخير بباب القرويين من أتباع أخيه أبي المحاسن، كما تقدم؟ فلاشك أن الغالبية العظمى منهم، رضوا بأبي العباس أحمد الحافظ ابن أبي المحاسن الفاسي شيخا للطائفة في الزاوية الفاسية الكبرى بالمخفية. ولاشك أيضا أن الشيخ الجديد لهذه الزاوية ولطائفتها كان في المستوى، ونجح في الحفاظ على مكانة الزاوية ونشاطها المعهود، وإن كان لم يمارس عمل المربي للمريدين[4]. ويفسر ذلك إقبال أتباع الطائفة على ممارسة أنشطتهم المعتادة بالزاوية، وخصوصا الاجتماع على الوظائف المرتبة والأحزاب المعهودة، بما فيها الإضافات الشهيرة لأبي العباس الحافظ في هذا الصدد[5].
ويؤكد على شعبية أبي العباس أحمد الحافظ وثقل نشاطه، رغبة سلطان الوقت محمد الشيخ المامون بن المنصور السعدي في الاستعانة به إبان "فتنة العرائش" الشهيرة، لولا أنه آثر المعارضة، والفرار بنفسه إلى ديار أهل عبد الرحمن المجذوب بجبل بوزيري في الغرب.. "ففاجأته هنالك أحوال عظيمة لم يقو عليها، فتوفي بسببها أوائل ربيع الثاني سنة إحدى وعشرين وألف [1612م]، ودفن هنالك "[6].
وإذا أدركنا هذا ، فهمنا المقصود من الأخبار التي تشير إلى تكاثر أصحاب عبد الرحمن العارف بعد أن كانوا قلة، كما مرَّ بنا، وأخبار أخرى تفيد انفراد هذا الأخير بالإمامة في العلم والعرفان وإذعان الكافة له[7]. بل لاشك أن ما شجع العارف على فتح زاوية فاسية جديدة بالقلقليين (سنة 1027ه / 1618م)، هو إغلاق الزاوية الفاسية الأم بالمخفية، قبيل (1021ه / 1612م)، تاريخ وفاة أبي العباس الحافظ في بوزيري، سيما وأن أخاه محمد العربي الفاسي المعروف بشيخ الإسلام، قفا نهجه واختفى بدوره في بادية فاس، إبان أزمة العرائش المذكورة، قبل أن يحط الرحال في تطوان مجاورا للزاوية الفاسية بها، إلى أن توفي (سنة 1052ه / 1643م)[8].
وهكذا يظهر أن أبا المحاسن الفاسي، خلف زاوية رئيسية واحدة، لكنه ترك خليفتين ينتميان معا إلى أسرته، الأول منهما أخوه، وهو عارف، والثاني ابنه، وهو حافظ، وقد تنازعا في صمت حول الزعامة، وبينما ورث العارف منهما أسرار الشيخ الهالك، اختص الحافظ بالمشيخة في تلك الزاوية، الأمر الذي أرغم العارف على الانزواء في القرويين، قبل أن يفتح زاوية جديدة.
لذلك، يمكن القول: إن الصلة الطينية كانت أقوى من الصلة الروحية في هذه النازلة، وأن الشرع كان هو الفيصل في اقتسام التركة بين المتنافسين، حتى إذا رمت الأحداث السياسية بالوارث الشرعي خارج الزاوية، وخارج فاس نفسها، استأثر الوارث الروحي بالزعامة في العائلة الفاسية، وفي الطائفة الصوفية الفاسية نفسها، ولكن من خلال زاوية جديدة هي الزاوية الفاسية التي شيدها بالقلقليين، وصار زعيما لها، من (عام 1027ه / 1618م)، إلى أن توفي في (27 ربيع الأول عام 1036ه / 1626م).
يتبع في العدد المقبل..
----------------------------------------------------
1. بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس.. مصدر سابق، ج: 1، ص: 339.
2. عبد الرحمن الفاسي، ابتهاج القلوب.. مصدر سابق، ص: 309-3111.
3. جاء في نشر المثاني "وقام بعد والده بأحسن قيام.. "، ج: 1، ص: 161.
4. يؤكد عدم وراثة أبي العباس لحال والده، وعدم حصوله منه على الإذن في التلقين، عدم انتساب أي أحد من أتباع الطائفة الفاسية في الطريق إليه. في حين كثر عدد الذين أخذوا عنه علوم التصوف وغيرها من علوم الشريعة.
5. اشتهر أبو العباس بإضافة "حسبنا الله ونعم الوكيل" سبعين مرة، في وظائف الزاوية.
راجع عبد الحفيظ الفاسي، الترجمان.. مصدر سابق، ص: 50 ب.
6. م. بن جعفر الكتاني، سلوة الأنفاس.. مصدر سابق، ج: 2، ص: 321.
7. راجع مثلا، م. بن عيشون الشراط، الروض.. مصدر سابق، ص: 127.
8. م. بن الطيب القادري، التقاط.. مصدر سابق ، ص: 115.
علما أن الأخوين وإن خلفا أبناء، فقد كانوا آنئذ صغار السن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.