هذا هو الجزء الثالث والخمسون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته. أبو يحيى المواق: أبو بكر بن خلف الأنصاري القرطبي الفاسي (ت 599ه) [القسم السابع] ذكرت في المقال السابق أنه وقعت لبعض الفضلاء أوهام في أسامي الآخذين عن أبي بكر المواق، نظير الوَهَم الذي وقع له في شيوخه، وسبق التنبيه عليه، وكنت قد وعدت بأنني سأخص كل وهم حصل في أسامي الآخذين عن أبي بكر المواق بتنبيه. ومجموعها أربع، وسأفرد –إن شاء الله تعالى- لكل تنبيه قسما خاصا به من أقسام هذا المقال. التنبيه الرابع: أدخل الأستاذ الدكتور البحاثة محمد خرشافي ضمن تلاميذ أبي يحي المواق، وممن تتلمذ له واشتهر بالسماع منه: أبا علي الرُّنْدِي: عمر بن عبد المجيد بن عمر المالقي الأزدي (547-610)[1]. وهذا الذي ذهب إليه الدكتور محمد خرشافي وهم ظاهر؛ فإن ابن صاف المذكور، والذي أخذ عنه أبو علي الرُّنْدِي غير المواق، فهما رجلان، وجَعْلُهُمَا واحدا وَهَم من أوهام الجمع والتفريق، كما مضى التنبيه على هذا في المقال السابق. وأما أبو علي الرُّنْدِي فهو الإمام النحوي المشهور: عمر بن عبد المجيد الرُّنْدِي أصلا ثم المالقي، مصادر ترجمته كثيرة، منها: التكملة لابن الأبار[2]، وبرنامج الرعيني –وهو ممن أخذ عنه-[3]، وصلة الصلة لابن الزبير[4]، والذيل والتكملة لابن عبد الملك[5]، وأعلام مالقة لابن عسكر وابن خميس[6]، وإشارة التعيين لعبد الباقي اليماني[7]، وتاريخ الإسلام[8]، ومعرفة القراء الكبار[9]، والمستملح[10]، للذهبي، والبلغة للفيروز آبادي[11]، وغاية النهاية لابن الجزري[12]، والإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب[13]، وبغية الوعاة[14]، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها[15]، للسيوطي -ذكره لبيان المشتبه في النسبة إلى الرندي بالراء والنون والزيدي بالزاي والياء-، وفهرس الفهارس للكتاني[16] -أورده لأنه ذو برنامج مشهور[17]-، ومعجم المؤلفين لرضا كحالة[18]، وهدية العارفين إسماعيل باشا[19]. ولم يذكر أحد من هؤلاء أبا يحيى المواق في جملة شيوخه، وإنما ذكر أصحابُ أصلِ هذه الترجمة فيهم أبا بكر ابن صاف المقرئ، وذكروا أنه لقيه وأجازه، وينظر في هذا: التكملة لابن الأبار[20]، وصلة الصلة لابن الزبير -الذي تتبع كثيرا من جزئيات أحواله-[21]، والذيل والتكملة لابن عبد الملك -وهو أحسن من استقصى شيوخ الرندي-[22]، والإحاطة لابن الخطيب[23]. يتبع في العدد المقبل.. -------------------------------------- 1. مقدمة تحقيق بغية النقاد النقلة، قسم الدراسة، 170. 2. التكملة لكتاب الصلة، 3/305-306. 3. برنامج الرعيني ص: 86-88. 4. صلة الصلة، 4/72-75. 5. الذيل والتكملة، س: 5، ق: 2/450-454. 6. أعلام مالقة، ص: 326. 7. إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين، ص: 240. 8. تاريخ الإسلام، 13/482. 9. معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، 3/1227-1228. 10. المستملح، ص: 320-321. 11. البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة ص: 220-221. 12. غاية النهاية في طبقات القراء، 1/524. 13. الإحاطة في أخبار غرناطة، 4/107-109. 14. بغية الوعاة، 2/220. 15. المزهر في علوم اللغة وأنواعها، 2/448. 16. فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، 1/429-430. 17. قال عنه ابن الزبير في صلة الصلة، (4/74): "ألف أبو عليّ برنامجاً جامعاً حافلاً هو من معتمدات البرامج، حرر فيه أسانيده وأتقنها غاية الإتقان، وأمعن". 18. معجم المؤلفين، 2/564. 19. هدية العارفين، 1/784. 20. التكملة لكتاب الصلة، 3/306. 21. صلة الصلة، 4/73. 22. الذيل والتكملة، س: 5، ق2/450. 23. الإحاطة في أخبار غرناطة، 4/108.