تتميز الأرض عن باقي كواكب المجموعة الشمسية بتوفرها على كل الظروف الملائمة للحياة، فكثافتها ومسافة بعدها عن الشمس وشدة جاذبيتها وسرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس تسير وفق معادلة ربانية دقيقة وموزونة لتوفر كل الأسباب التي تجعل مختلف أنماط الحياة ممكنة على سطح الأرض، ويستطيع الإنسان أن يعيش فيها باستقرار يقول عز وجل في محكم كتابه الحكيم "ألم نجعل الاَرض مهادا" [النبأ، 6]. يزخر الكوكب الأزرق بوفرة الماء من خلال المحيطات والبحار التي تغطي أكثر من 70% من سطحه، ومن خلال دورة المياه التي تجعل الماء يتوزع على مختلف بقاع العالم بفضل عملية التبخر، وتكوُن السحب، وبفضل الرياح التي تنقلها إلى المناطق الداخلية لليابسة. قال الله سبحانه وتعالى "الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله" [الروم، 47]. يرجع الفضل للغلاف الجوي الأرضي في وصول القدر الكاف، كما وكيفا، من الأشعة الشمسية، وهو يلعب دورا رئيسيا لجعل الحرارة معتدلة على عموم سطح الكوكب بخلاف الكواكب الأخرى التي لا تتوفر على غلاف جوي، تبلغ درجة الحرارة في كوكب الزهرة مثلا ما بين 420 و520 درجة مئوية لذلك فهو غير مؤهل للحياة بتاتا.. بفضل الطبقة الأولى للغلاف الجوي أي طبقة التروبوسفير يتجمع بخار الماء في الهواء المتصاعد ليكون الغيوم، كما تساهم هذه الطبقة بواسطة ثاني أكسيد الكاربون في منع حصول تفاوت كبير بين درجتي الحرارة في الليل والنهار، وذلك بإرجاع القسم الأكبر منها إلى سطح الأرض بالليل. وتجدر الإشارة إلى الدور الهام الذي يلعبه الغلاف الجوي لانعكاس وإرجاع الأشعة المضرة والمؤذية للكائنات الحية كإشعاعات جاما وإكس والأشعة فوق البنفسجية الخطيرة المؤذية المسببة لحدوث الحروق وظهور سرطان الجلد.. كما يرجع الفضل لجزيئات الغازات المكونة للغلاف الجوي في انعكاس الأشعة الضوئية وجعلها ضياءا بالنهار. كما تتكون القشرة الأرضية من ألواح صخرية دائمة الحركة فهي تطفو فوق الطبقات الباطنية الساخنة والعميقة المنصهرة، ولولا الجبال التي جعلها الله تبارك وتعالى أوتادا لما استقرت القارات، وثبتت قال الله سبحانه وتعالى "والارض مددناها والفينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون" [الحجر، 19]، وقال عز من قائل "أمن جعل الاَرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل اَكثرهم لا يعلمون" [النمل، 63]. وصف القرآن الكريم بدقة متناهية الآيات المتميزة التي خص بها الله الكرة الأرضية، والمثير للإعجاب والدهشة أن كل ما توصل إليه علماء الفلك، وعلماء الجيولوجيا، وعلماء البحار هذا العصر يشهد بهذه الحقائق القرآنية التي تؤكد أن الله عز وجل سخر الأرض للإنسان، فمن قرأ كتاب الله العزيز كيف ينكر أنه كلام الله الذي أنزله هدى ورحمة للعباد؟ قال الله تبارك وتعالى "سنريهم ءَاياتنا في الاَفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكفِ بربك أنه على كل شيء شهيد" [فصلت، 52].