قبل أربعة عشر قرنا جاء سيد البشرية، نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، بوحي إلهي يكنز العديد من الأسرار والحقائق العلمية الفلكية التي حيرت العقول والأذهان، وبفضل الازدهار العلمي الهائل، اهتم الإنسان بالبحث ودراسة كل هذه القضايا المحيطة بالكون والشاهدة على قدرة الله عز وجل في الخلق والإبداع، وتبين بجلاء أن الوحي ألإلهي إنما هو نور ورحمة إلهية معجزة. فكيف تحدث القرآن الكريم عن حركة الشمس والقمر في الفضاء؟ يقول عز وجل: "وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون" [الاَنبياء، 33]، ويقول جلت قدرته: "وءَاية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون" [يس، 36-39]، وقال عز وجل: "وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى" [الرعد، 2]. فقد أشار الله عز وجل إلى الأرض من خلال كلمتي الليل والنهار، وذكر أن الأرض والشمس والقمر يتحركون في حيز فضائي وصفه بكلمة فلك، كما بين الله عز وجل أن حركة الشمس والقمر هي حركة محسوبة وموزونة، بحيث لا يقع تصادم بينهما وذلك إلى أجل محدد. وقد أظهرت أحدث التقنيات المستعملة لملاحظة ودراسة مكونات الفضاء أن الكون يضم ما يقرب مائة مليار مجرة ذات أشكال وأحجام مختلفة، وكل مجرة تضم حوالي مائة ألف مليون نجم. عدد كبير من هذه النجوم تتوفر على كواكب أغلبها ذات أقمار. كما أثبتت الأرصاد الفلكية أن كل هذه الأجرام هي في حالة حركة دائمة بحيث تدور حول نفسها وتجري في مسارات محددة بدقة متناهية منذ آلاف السنين. تستغرق الشمس مدة قدرها 25.38 يوما لتدور حول نفسها ومدة تقدر ب 250 مليون سنة لتدور في فلكها دورة كاملة حول مركز المجرة. ويدور القمر حول الأرض في مدار بيضوي مرة كل 29.5 يوما، وهي نفس المدة التي يستغرقها ليكمل دورته حول نفسه، ولهذا السبب نرى دائما وجها واحدا للقمر. تدور الكواكب والنجوم حول محورها وهي تدور مع المجموعة التي تنتمي إليها حول المركز من خلال مدارات مضبوطة، وتدور المجموعة الشمسية أيضا حول مركز المجرة، فالكون يدور بدقة مدهشة وتوازن عجيب مثل الساعة.. وهنا نلاحظ دقة التعبير القرآني في الآية: "كل في فلك يسبحون" فكل مجرة تدور حول نفسها في باطنها، لكن ليس كجسم واحد، بل كل جرم يدور في فلكه الخاص. يقدر العلماء عمر المجموعة الشمسية بخمس مليارات سنة أي أن الشمس أكملت عشرين دورة كاملة حول مركز مجرة درب التبانة، ويقول علماء الفلك أن نجمنا استوفى نصف عمره بحيث سيبقى لمدة تصل إلى حوالي خمسة مليار سنة، وهو يجري في الفضاء بسرعة 19 كيلومتر في الثانية نحو منطقة نجم النسر الطائر ETOILE VEGA. وقد خلق الله تبارك وتعالى الكون من العدم وجعل فيه مئات الملايين من الأجرام السماوية التي تجري وتسبح وفق مسارات ومدارات محددة خاضعة لقوانين فلكية دقيقة تدل على رحمته وحسن تدبيره عز وجل، وجعل الشمس منبع النور والطاقة والدفء وسخر الشمس والقمر لقياس الزمن، وجعل الأرض تسبح في الكون دون أن يشعر بذلك العقل البشري، وخلق فيها كل ما يضمن حاجياته من هواء وغذاء وملبس وغيرها من النعم التي تطيب بها حياته. ألا نعيش في غفلة حقيقية عن ديننا الحنيف، ألسنا في حاجة ماسة لتجديد إيماننا بمدبر كل هذه الأجرام ومسخر كل هذه المخلوقات؟ المراجع 1. ماهر أحمد الصوفي، الموسوعة العلمية الكبرى-آيات الله في خلق الكون ونشأة الحياة في السماء الدنيا والسموات السبع، المكتبة العصرية صيدا- بيروت 2008م. 2. محمد باسل الطائي، صيرورة الكون، مدارج العلم ومعارج الايمان، عالم الكتب الحديث، الطبعة الأولى 2010. 3. La Bible, le Coran et la science, Maurice Bucaille, Seghers, 15ème édition 1976.