تشكل القيم الدينية والأخلاقية ركيزة أساسية في بناء وتماسك المجتمع، وهي في الأسرة تكفل الاستقرار وتحقق الأمان لكل أفرادها، فالوعي العميق بهذه القيم وبقيمتها والالتزام بأسسها، يعتبر مفتاح التماسك الأسري. فالشارع الكريم حثنا على الحفاظ على الأسرة، ووجهنا إلى تدعيم استقرارها وتحقيق سكنها، مصداقا لقوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من اَنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة اِن في ذلك لأَيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم، الآية: 21]. فالإسلام ركز على الأسس المحققة للاستقرار والتماسك الأسري، وهي المودة والرحمة؛ لأن فيها تجتمع كل قيم البناء الأسري. وقد بين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذه الأسس من خلال تعامله مع أهله ورعاية حقوقهم واعتبار ذلك تعبدا لله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"[1]. وهذه الخيرية التي دعا إليها الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن تتحقق إلا بمراعاة أسس البناء الأسري، وهي المودة والرحمة التي دعا إليها الشارع الكريم، والفهم العميق لقيمتهما في الحفاظ على التماسك الأسري. فالسكينة والطمأنينة داخل الأسرة تستجلب المودة والرحمة، وذلك من أعظم المقاصد التي رعاها الشارع الحكيم في تأسيس الأسرة وبنائها. ------------------------- 1. أخرجه الإمام الترمذي في سننه، كتاب المناقب، باب: فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حديث: 3895.