نطمح إن شاء الله تعالى من خلال هذا الركن إلى تقديم ما تيسر لنا من نظرات نتفقه ونتفكر من خلالها الأدعية التي ينطوي عليها كتاب الله عز وجل. نظرات تقوم على تتبعها واستقرائها وتحليلها والكشف عن أساليبها ومقاماتها وما تكتنزه من دروس وعظات وإرشادات ومقاصد. والجدير بالتنبيه عليه هنا أن مقاصد الدعاء في القرآن المجيد لا تنحصر في مجرد الاستجابة، وإنما تمتد لتشمل قضايا ومسائل متنوعة. ومن ثم ندرك المغزى من كون الأدعية القرآنية جديرة باهتمام المتفقه الذي يجدر به دائما الإفادة منها[1]؛ لأنها أدعية مباركة تجمع بين صفاء التوحيد وقصد الإخلاص، كما تجمع بين اللغة النقية والمعاني والمقاصد السامية. لا تخفى أهمية هذا الركن؛ لأن الله عز وجل افتتح كتابه المجيد بالدعاء في سورة الفاتحة واختتمه أيضا بالدعاء في سورتي المعوذتين. وبين هذا الاختتام وذلك الافتتاح يقف المرتل لكتاب الله أمام نماذج متعددة لأدعية أجراها الله عز وجل على لسان الملائكة والأنبياء والمرسلين والحواريين وغيرهم من عباد الله الصالحين. وقد صيغت تلك الدعوات القرآنية في أساليب مخصوصة، وسيقت في مقامات مختلفة، واستهدفت دلالات ومعاني ومصالح مقصودة ما أحوجنا إلى استيعابها والتشبع بها وإعمالها في حياة الإنسان الفرد وفي حياة المجتمع والأمة. -------------------------------- 1. أفاد كثير من الفقهاء من الأدعية القرآنية في سياق بحثهم في شروط الدعاء وآدابه وقواعده وفضائله.