2. الوحدة القياسية على المستوى الجماعي لقد عانت البشرية كثيرا على الصعيد الاجتماعي من آثار الجهود الخارصة لتبيّن معالم وسمات العمران البشري الأمثل، كما عانت عبر تاريخها من إملاءاتِ وتحكماتِ المستبدّين أفرادا وجماعات. وقد كانت الذعائر والتكاليف باهضةً، إذ كم قُدّم ويقدّم من الأبرياء الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا حطبًا لهذه المشاريع اليوطوبية، ليتبيّن بعد حين أنها لم تكن سوى سراب يباب، ولات حين مناص، وما الحالة السوفياتية منّا ببعيد. وبما رحمة من الله تعالى فقد جعل سبحانه وتعالى الوحدة القياسية على المستوى الاجتماعي تتمثل في المجتمع النبوي حيث تمكن النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم من جعله بهداية الله وتوفيقه يَنُثُّ كله بالهداية للتي هي أقْوم فضاءً وعمرانا وإنسانا ووظائف ومراكز وعلائق. وقد كان البدء بأن تم تغيير اسم مهاجر الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم من طَيبة ويثرب إلى المدينة -بألف ولام التعريف- ليفهم أن العمران الشاهد كان هو ذاك. ولئن تكلم الفلاسفة عن المدينة الفاضلة وتاقوا إلى التعرف على الوحدة القياسية بهذا الخصوص، فإن النبوة -بأمر الله وفضله- قد أنشأتها واقعا حيا نابضا حفظت معالمه المركزية رغم كل التفريط والتقويض الذي يَبْدُر مثله عن البشر. فالنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم قد زرع آيات الوحي وعلاماته وبصائره في نفوس أصحابه الكرام رضي الله عنهم، فَانْدَهَقَتْ منها إلى واقعهم لتكون هاديات خالدة للمحجة البيضاء التي لَيلُها كنهارها ولا يزيغ عنها إلا هالك.. يتبع في العدد المقبل بعون الله تعالى..