للمسائية العربية أسراك ASSARAG مادة مشتركة : علي هرماس / مروان تومنار هل فعلا يمكن أن تتكلم الصورة؟ طبعا لا! هل يمكن مجازا استنطاقها ؟ بالتأكيد نعم ! شكلت الصورة دوما مدار اهتمام الانسان، بفضلها يتخيل ويتصور ويتمثل، ومن خلالها يمكنه إعادة بناء ذاته le physique وعالمه من حوله l'entourage ، للصورة أدوار مختلفة وتوظيفات متعددة منها السياسية الايديولوجية التي تهدف حشد الأنصار وجلب الأتباع ،والاعلانية الاشهارية التي تتوخى الترويج التجاري وتسويق الذوق المفضل والاختيار الأمثل واكثرها تداولا الصورة التذكارية الشخصية ... انطلاقا من كون الصورة لغة بصرية، فهي تعتبر الوسيط الأكثر شيوعا في العالم يفهمها حتى الشرائح الاجتماعية التي تعاني الأمية الأبجدية التي فرضتها عليهم ثقافة الحرف الذي يشكل سلسلة مترابطة من الكلمات تعطينا متوالية من الجمل والعبارات وأخيرا نص مقروء ؛ أما الصورة فهي قبل كل شيء مساحة ذات قياسات طول وعرض، أحيانا بعمق بصري منسوخ ، تعطي المتلقي كليا ودفعة واحدة بالتزامن لا بالتعاقب، هذا ما يجعل للنص المكتوب بداية ونهاية فيما الصورة يحددها اطار هندسي رباعي الهوامش. للصورة سلطة محورية متعددة بتعدد أنواعها ووظائفها أو مهامها، وهو ما يجعلها دوما نمطية في التصنيف مكتفية بداتها وما تحيل عليه دونما حاجة لنص حرْفي يوضح مدلولها ويشرح ما ترمز اليه، فهي اما تبلغ رسالة بصرية أو تكرس ايديولوجية فكرية كاعتمادها والتركيز عليها اكثر عبر سياسة الرموز المصورة في الممارسة الانتخابية ؛ قبل منتصف القرن التاسع عشر، كان مضمون الصورة موكول ليد الانسان وعينيه وفرشاته وألوان التشكيل، بعد ابتكار آلة التصوير الضوئي حلت محل العين البشرية العدسة البصرية الميكانيكية هي آلة التصوير، فظهرت بذلك الصور الشمسية أو الضوئية التي تسمى عرضيا ثنائية اللون المتدرج ما بين الأبيض والأسود وهو اللون المحايد neutre ، وما فتأت الصورة تتطور لتصبح قزحية الألوان الى أن وصلت اليوم الى الصورة الرقمية . من أهم سمات الصورة أنها تمارس على المتلقي إغراء حيث تستوقف الانسان ، وسحرا من حيث كونها تشد بصره وتستحوذ على فكره لحظة قد تطول أو تقصر بحسب الحمولة الفكرية – دعاية انتخابية أو اشهار - أو تشخيص ذكرى من خوالي الأيام الجميلة كالأفراح الحميمية والمناسبات العائلية، هذه الاخيرة نجد المتأمل بعمق والمتحسس بإمعان بصري غالبا لا يملك إزائها قدرة وسلطة سوى التماهي بين أحضان لحظات من الزمن الجميل، فتمارس على مخيلته تنويما مغناطيسيا وسهوا تخديريا لأن الشخص في تلك اللحظة لا يرى الصورة بقدر ما يرى ما تصوره ويتذكر ما توحي به إليه. لذلك فهو يعتقد مشاهدة الأشخاص والاشياء كما هي بينما الحاصل انه يراها كما تقدم له خاصة بعد دخول التكنولوجيا الرقمية على خط فن التصوير. سلطة الصورة تمكن من خلق هالة ضوئية بتسليط الأنظار على النجوم الفنية وصنع مشاهير السينما والغناء والرياضة انها سلطة الوسيط الأكثر رواجا واستهلاكا، ولا يقتصر الأمر على الصورة الورقية أو القماشية teeshirt فقط بل يتعداهما ليشمل الصورة على الشاشة الصغيرة والكبيرة والرقمية، من أهم وظائف الصورة الفوتوغرافية توثيق اللحظات والأشياء، فهي تحمل معها دائما مدلولها وما تحيل عليه اننا لا نرى الصورة كمقطع بصري بل نرى ما تصوره أي مضمونها وهو جوهر اللغة البصرية وحديث الصورة التي يتجاوب معها مثلا عينة من شباب اليوم حد تخديرهم بأوهام اليقظة يستلهمون منها نموذجهم المفضل في الحياة وتقمص شخصيته التي تسوقها الصورة الاشهارية الفنية. كل الأعمال الفنية التي يخلفها المرء وراءه هي شواهد مادية على حقب تاريخية سابقة طواها الزمن ولفها ثوب النسيان وصارت في خبر كان، لكنها فوق ذلك تعد شواهد رمزية تمنح قوة تعبيرية وحجة تفسيرية لا تتوفر في غيرها، اهمها الصورة باعتبارها وثيقة مادية تشخيصية، من ذلك العشرات من الصور التاريخية – ولا أسميها القديمة - النادرة التي تشهد على ماضي تارودانتالمدينة، جلها أن لم تكن جميعها ألتقطت بعدسة الفرنسي مارسولان فلوندران Marcelin Flandrin )1889 – 1957) مصور مهنة، اشتغل لمدة ضمن الجيوش الفرنسية كمصور موثق، استقر سنة 1901م بالدار البيضاء، اشتغل بداية مع مصلحة التوثيق الفوتوغرافي للجيوش الفرنسية، وهي ممتنة له بالجميل الذي قدمه لها حيث وثق العديد من الربورطاجات المصورة خلال حرب الريف، هذا المعطى بغض النظر عن عشرات الشواهد المادية المصورة التي خلفها لنا عن تاريخ تارودانتالمدينة لوحدها، يفسر أن مهمته بالمغرب كانت غير بريئة مع العلم أن الحماية الفرنسية بالمغرب بدأت سنة 1912م لتستوطن في تار ودانت بعد استخدام الحديد والنار سنة 1934م. ألم يكن الجميل الذي أسداه مارسولان فلوندران للجيوش الفرنسية مشابه لما قام به الأنتروبولوجي الفرنسي القبطان جوستنار حاكم منطقة ايت بعمران حتى لقب بالقبطان الشلح حيث عرف عنه اتقان اللسان الأمازيغي واشتهر بحل المشاكل والنزاعات مقابل تقديم المخطوطات النفيسة "كهدية" ؟؟؟ أسس فلوندران استوديو تحميض الصور – الأبيض والأسود طبعا – في فترة الحماية الفرنسية، أعطاه كاسم وعلامة تجارية " مارس طباعة "Mars Editions كما اشتهر باسم آخر هو" فلوندريا وكالة التصوير " Flandria Agence de photographie، ولَعُه بالطيران وحدة بصره ودقة نظره بتحديد الهدف قبل أن تلتقطه عدسة تصويره، جعله يتفرد بأولى البطاقات البريدية cartes postalesالملتقطة من الجو ومن نقط محددة أرضا أو من فوق ستة أمكنة الأعلى وقتئذ بتار ودانت أهمها سور القصبة وفندق تارودانت ودور القواد وخلفائهم ودار البارود، لتستجيب الصورة لخصائص اللقطة الشاملة المنحدرةvue panoramique plongée la prise de. ساحة أسراك La place ASSARAG وهي تسمية أمازيغية، مدلولها في اللغة العربية الفصحى الفناء الفسيح أو البراح من الأرض لا شجر به، وثم تحوير النطق ليصبح "المراح"، أيام الحماية الفرنسية كان المكان يسمى في تداول السلطة " مشيخة ربع الزاويات " وهي زاوية حمادشة مكان النافورة قبل تحويلها الى مكانها الحالي، والزاوية الطيبية أو التهامية /مولاي الطيب التهامي مكان بنك مصرف المغرب اليوم، والزاوية البونونية أو سيدي البونو لم يتبقى منها سوى النخلة اليتيمة وسط الساحة، والزاوية الأحمدية /سيدي أحمد أو موسى بفناء الرحبة القديمة، والزاوية الدرقاوية /ركراكة بمدخل درب الجزارة قبالة المسجد، والزاوية القادرية /مولاي عبد القادر الجيلاني خلف دار الدباغ سابقا، وأخيرا الزاوية العيساوية /الهادي بن عيسى هدم نصفها مع اربع حوانيت حبسية أواخر عهد الحماية لتوسعة بداية طريق الحدادة من جهة ساحة أسراك . كل زمن وتارودانت بألف خير.