المسائية الثقافية السيرة الإشكالية تأتي الرواية الثانية للكاتب المغربي بوشعيب الساوري "إصرار" ، بعد نص سابق ( غابت سعاد ) لتأكيد إصرار الكاتب على الاحتفاء بالحكاية والحفر في تفاصيلها المنسية انطلاقا من شخصية المرأة وهي تروي حكايتها لإضاءة جوانب ساخنة من طفولتها القاسية ، وما تعرضت له من جروح وجودية تركت في نفسها ألاما فائرة بمشاعر متناقضة من الحب والكراهية ، مشتتة في تفاصيل شخصية بين ثلاثة فضاءات : البيت بما يمثله من ضيق وتوتر ؛ والمدينة (كنيخ = ثلاثاء سيدي بنور ) بأزقتها ودروبها حيث التسكع والصراع من أجل كسب لقمة العيش ؛ أما الفضاء الثالث فتمثله خزائن الماضي الملآى بحياة متقلبة وعابثة لأبويها في فضاءين آخرين : فنطاسة والكوارط . وبالتناوب مع حكايتها التي رسمت فيها أنين جروحها ، تستدعي الراوية شخصية هشومة ، وبإصرار، ما ميّز حياة والديها من خصام دائم بعد قصة حب مليئة بالمفاجآت . كما تستدعي فضاء كنيخ، مدينة مركزية في الحكاية ، وما يحيط بها من فضاءات للبؤس تأوي عالم البؤساء والمهمشين . وقد اختار المؤلف أسلوب السيرة الإشكالية على لسان هشومة الساخن، وذلك لكي تفهم ما جرى وما يجري في بيتهم أولا ، وفي المجتمع ثانيا ، ولكي تتخلص من حاضرها وتحوله إلى ماض منبوذ ، وقد قررت الابتعاد عن كنيخ ، عبر اختيار السفر وما يحمله من شعور عام بالتطهر، وآخر مزدوج يزاوج بين الحنين والضجر . كما اختار الكاتب تقنيات ثلاث بارزة للبناء الجمالي العام للرواية ، تمثلت في تقطيع النص إلى 33 مقطعا مشهديا ، وفي إتباع أسلوب التناوب بين أنا هشومة وأنوات الآخرين ؛ مثلما لجأ المؤلف إلى اختيار حفلت به كل المقاطع وهو تلك التمهيدات التأملية في القضايا التي تطرحها الرواية . مرآة العتبة لا يمكنُ ، في أي تحليل ، الاطمئنان إلى نتائج بحث حول علاقة الغلاف بدلالات النص ، خصوصا إذا ما تعددت الطبعات . لكننا في رواية إصرار نجد ما يغري بالنظر إلى تلك العلامات المتبادلة بين غلاف يُمثل صورة امرأة بلباس أبيض على كرسي اعتراف وسط السواد ، وبين هشومة كما تتجسد في الرواية وهي تتكلم بتلك الجرأة في اثنين وثلاثين مقطعا من الرواية ، فيما جاء المقطع