الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.. تعويض 76 في المائة من الملفات الطبية في مدة زمنية لا تتجاوز الآجال القانونية    سجن عكاشة ينفي تعذيب معتقلين حتى الموت    الملك يبعث برقية تعزية إلى بايدن    سدود جهة طنجة – تطوان – الحسيمة تتوفر على مخزون مائي يفوق 876 مليون متر مكعب    التحقيقات تكشف تفاصيل مثيرة عن كارثة الطائرة الكورية.. هل كان الجشع وراء الحادث؟    2025: سنة التغيير في ملف الصحراء    الحسيمة..العثور على جثة أربعيني داخل منزل ببني بوعياش    بسبب الفوضى.. والي جهة طنجة يأمر بإيقاف منح الرخص لأصحاب "الجيلي الأصفر"    تأملات مرحة في موضوع جدي!    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    تبون يمارس سياسة "كاموفلاج" للتغطية على أزمات الجزائر الداخلية    شخصية السنة/الدجاجلة: بين جغرافيا الجسد وسيكولوجيا السلطة !    التكنولوجيا في خدمة التعليم: التحالف الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مع شركة هواوي المغرب    الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت    الدورة الثالثة لمهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش ما بين 30 يناير و2 فبراير المقبلين    تأجيل محاكمة فؤاد عبد المومني إلى تاريخ 20 يناير المقبل    المالكي يغادر السجن بعد تخفيض العقوبة    جماهير الرجاء تطالب عادل هالا بالاستقالة    إسرائيل تنفذ عملية "سرية" في سوريا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزارة الثقافة تعلن موعد الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    سطات تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن 100 عام    دراسة: طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    دراسة تكشف عدد الدقائق التي يفقدها المدخن من حياته مع كل سيجارة    حقوقيات يطالبن بفتح تحقيق في واقعة نقل مريضة على نعش في أزيلال    وزارة التربية الوطنية توزع 240 تفرّغا نقابيا على 5 نقابات تعليمية    سخرية عارمة من رئيس جهة سوس بسبب حديثه عن إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر بطاطا    تراجع أسعار النفط وسط تعاملات ضعيفة    وفاة المطرب المصري الشعبي الشهير أحمد عدوية    الذهب يرتفع بفضل زيادة الإقبال على الملاذ الآمن وسط حالة غموض عالمية    تبون يواجه الأزمات الداخلية لبلاده بتجييش الجزائريين ضد المغرب وفرنسا    مسبار "باكر" الشمسي يحقق إنجازا تاريخيا باقترابه من الشمس والتحليق في غلافها الجوي    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    ما مصير "النوميرو أوتشو" أوناحي بعد تجربة بناثينايكوس اليوناني؟    غوارديولا يصل للمباراة رقم 500 مع مانشستر سيتي    كيميتش: "لم أستطع النوم بعد خروج ألمانيا من بطولة يورو 2024"    مراجعة مدونة الأسرة... عوائق أمام نجاح التواصل مع الرأي العام    بسبب فرضه الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يواجه الاعتقال    أحمد الشرع يؤكد أن الانتخابات في سوريا قد تحتاج إلى أربع سنوات لتنظيمها    ارتفاع حصيلة قتلى حادث السير في إثيوبيا إلى 71 شخصا    المدرج الجنوبي" يخرج عن صمته ويرفع الورقة الحمراء في وجه رئيس الرجاء ومكتبه    داري وعطية الله يعززان دفاع الأهلي في مواجهة إنبي    علاكوش يشرف على تأسيس النقابة الوطنية للمتصرفين التربويين بجهة الدار البيضاء سطات    مع اختتام فعاليات مهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية.. المنظمون يهدفون إلى تحقيق 1000 جدارية بالمدينة    مع انتشار البطالة .. جمعية المعطلين بالناظور تعلن عن " اسبوع الغضب"    الوزاني بخمسة أهداف في البرتغال    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنف المتخيل في رواية إصرار
نشر في المسائية العربية يوم 23 - 01 - 2013


المسائية العربية
في جو ممطر احتضن نادي الهمداني عصر يوم السبت 19 يناير 2013 لقاءً حول رواية إصرار للناقد والروائي بوشعيب الساوري والذي نظمه الصالون الأدبي بالدار البيضاء. وقد ترأس هذا اللقاء القاص سعيد جومال الذي قدم له بورقة تعريفية بالكاتب وموقعه في الساحة النقدية والروائية المغربية وطرح مجموعة من الأسئلة تهم التخييل الروائي في رواية إصرار.
وفي ورقته، قارب شعيب حليفي رواية "إصرار" لبوشعيب الساوري من ثلاثة مباحث: القصة والأسلوب والرؤية .معتبرا أن شخصية هشومة استطاعت بناء حكاية كبرى بثلاثة منافذ ترويها بمشاعر متناقضة، وكأن كل حكيها هو بحث وإصرار لفهم ما جرى من أعطاب تُفسد الحاضر؛ لذلك اختارت الساردة أسلوبا مقطعيا وتناوبيا بتمهيدات تأملية بالإضافة إلى ما تتضمنه الرواية ،في مجرى الحكاية وتفاصيلها، من رؤى اجتماعية وسيوسيولوجية وتحليلنفسية للصراع المجتمعي في قرى ومدن هامشية تحمل تاريخها بوصفه محنة لم تتخلص من رواسب الإعاقة .
وختم شعيب حليفي ورقته بتقديم بعض التأويلات لعدد من أحداث الرواية الموسومة دائما بالصراع والعنف والعطب .
وفي مداخلة تحت عنوان: "الطفولة المعنفة في رواية إصرار" ركز نور الدين بن الكودري على ثلاثة محاور في تناوله للرواية، وخصص المحور الأول للإطار العام للرواية، وأشر فيه على مدينة كنيخ الفضاء الذي دارت فيه أحداث الرواية وظروف زواج امبارك بن العربي وخديجة بنت البراني، هذا الزواج الذي قام على وهم الحب، حيث ستنهار هذه العلاقة في بداية الزواج وتثمر الطفلة هشومة، التي اكتوت بمناقرتهما اللامنتهية. أما المحور الثاني فركز فيه على مظاهر العنف التي تعيش في أجوائها الساردة هشومة، هذا العنف الذي انعكس على نفسيتها لتصبح عدوانية تجاه نفسها وتجاه الآخرين في ظل إهمال تام لأبويها باحتياجاتها، مما اضطرها للخروج إلى الشارع لكسب قوتها، هي الطفلة التلميذة التي تكبر في غفلة من والديها، تتحمل أعباء الحياة وحيدة لتكون ضحية عنف معنوي داخل البيت وعنف مادي خارجه. أما المحور الثالث فخصصته لأبعاد السرد في الرواية معتبرا أن السرد تركز في البحث عن أسباب العطب الذي يعرفه علاقة والدا هشومة، وأيضا للإجابة عن السؤال الذي يؤرق هشومة لماذا هي منبوذة من طرف والديها .
وتطرقت سعاد مسكين في ورقتها المعنونة ب"الحكاية وعنف المتخيل في رواية إصرار" إلى منطق الحكي الذي عرفته عوالم الرواية الحكائية؛ وحصرته في إعادة الكاتب الاعتبار للحكاية باعتبارها سردا بسيطا يقوم بشكل أساس على فعل" التذكر"، ويتأسس على السرد الشفهي عبر حضور محكيين: محكي هشومة الذي يرصد مسار حياتها بين فضاءي كنيخ والبادية، محاولة القبض على سر العراك بين أبيها وأمها. ومحكي الرواة الذي يفتضح هذا السر، ويبحث عن تاريخه الخفي. واعتماداً على المحكيين تنسج الرواية خيوطها بشكل تناوبي، ويظل الخيط الناظم بين المحكيين معاناة طفلة عاشت كل أشكال العنف سواء الذي مورس عليها، أو مارسته هي على نفسها وعلى الآخرين، إيمانا منها بمنطق الغلبة والانتصار من أجل البقاء. وخلُصت ورقة الباحثة إلى أن عالم الرواية اتسم بالمفارقة حيث يبدو بناؤها بسيطا ظاهريا إلا أن ملامح العمق تبدو دفينة في رؤية الكاتب لمختلف الإعاقات التي عرفتها الشخصية المركزية وأثرت سلبا على مسارها الاجتماعي والنفسي. الأمر الذي جعل الرواية تندرج في صنف الرواية "التحليلية".
وجاءت الورقة الأخيرة لأحمد بلاطي موسومة ب: "ذكورة وأنوثة قراءة رواية: "إصرار" لبوشعب الساوري في ضوء بعض مفاهيم النظرية النسوية"، انطلق فيها من التأكيد على أن النصوص الروائية التي يكون فيها جنس الكاتب مختلفا عن جنس السارد، تشكل متنا غنيا لفهم العلاقة الملتبسة بين الذكورة والأنوثة في الأدب، واختبار بعض المفاهيم النقدية التي تنظر للإبداع انطلاقا من جنس المبدع. إذ يضع نص "إصرار" منذ البداية مسافة بين الكاتب والسارد، لا يتعلق الأمر بكاتب يكتب باسم مستعار نسائي، ويحتمي خلف اسم مؤنث ليوقع أعماله، كما بالنسبة لعدد من الكتاب، وهذا ما يثير مجموعة من التساؤلات.
ويضيف الباحث بأن الكاتب قد شيد حواره مع النص انطلاقا من ثلاثة عناصر حاول من خلالها البرهنة على انتمائه للنصوص المؤنثة التي استطاعت تشريح حياة البطلة الساردة "هشومة"، العنصر الأول: تشييد الحكاية، تشييد الذات الأنثوية فمن خلال تشييدها للحكاية تتشيد هويتها، المدركة باعتبارها ذاتا سردية، لفهم العلاقة المتشنجة التي تربط والديها، ولتفسير حالة الشذوذ التي تعيشها وبكونها أنثى ليست ككل الإناث. وللمحافظة على إحساس القارئ بأنه بصدد سرد أنثى لجأت الساردة إلى السرد بضمير المتكلم المؤنث، وتحديد نفسها بعلامات الأنوثة اللفظية في وصف الآخرين لها، ثم توجيهها السرد لأنثى.
العنصر الثاني، أن هذا السرد يسعى لكشف الجراحات الوجودية للأنثى المشيدة:- كسهو الوالدين عن تسجيلها لحظة ميلادها، مما جعلها تحس بأنها ابنة غير شرعية، ثم تعرضها للاغتصاب.
العنصر الثالث: فقدان هوية الأنثى: اللباس، العيش أنثى، الحب، علاقتها بالجنس الآخر.
إن الساردة وهي تحكي حكايتها وحكاية والديها إنما تسعى لتقول إنها ليست سوى نتاج للظروف التي أنتجتها وإنما تحكي من أجل أن تضع قطيعة مع عالم والديها الذي لا تطيقه. والأنثى لن تصير إلا ما جعلها عليه المجتمع. لا تخلق الأنثى "لا تولد الأنثى امرأة بل تصير كذلك".
وفي ختام هذا اللقاء قدم الروائي بوشعيب الساوري شهادة عن تجربته الروائية حملت عنوان "المصادفة هي أعظم روائي" المستعار من بلزاك، وقد سلط فيها الضوء على كواليس كتابة رواية إصرار، مؤكدا أن فكرتها وإشكاليتها المركزية المتمثلة في سوء التفاهم الأبوي وما يترتب عنه من عنف على الأطفال وأعطاب نفسية ووجودية واجتماعية نبعت صدفة في إحدى مقاهي سيدي بنور، التقطها الكاتب من حديث كان يدور بين شخصين كانا بجانبه، وقد كيفها مع كثير من المحكيات المسموعة والمتخيلة عن المشردين والأطفال المتخلى عنهم وخلق إشكالية مناسبة لها وهي وهم الحب وآثاره النفسية والاجتماعية. كما أنه أفاد من كتاب الحبيب الدايم ربي: مدينة سيدي بنور والضواحي: الإنسان والمجال الذي ساعده على ضبط فضاءات الرواية. وقد أكد أن روايته انطباع يحاول أن يكون صادقا في نقل تفاصيل حياة طفولة قاسية، كما أبرز أن الرواية تميل إلى أن تكون ظاهرية وشخصية فاهتمامها الرئيس ينصب على الشخصية الإنسانية كما تجلو نفسها في المجتمع، أي نقلها من داخلها، على حد تعبير فراي. لذلك واجهه تحد كبير تمثل في جعل بطلة روايته تتولى مهمة السرد، وقد ساعده على النجاح في هذا التحدي هو أن البطلة الساردة فاقدة لهويتها كأنثى.
وعن سبب اهتمامه بالمرأة في عوالمه التخيلية رد بوشعيب الساوري ذلك إلى الاختلاف الذي يصنع الكاتب، وأنه ارتأى أن يميز أعماله بحضور المرأة من أجل التميز: فكل روائي يحاول أن يخلق لنفسه تيمة يتميز بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.