مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة 20 فبراير بعيون اليسار مساهمة علي القيطوني

علي القيطوني مناضل شامخ، جمع بين السياسة والثقافة، و الفن والاعلام
ولد علي القيطوني بفاس يوم 17 نونبر سنة 1958. اعتقل أبوه وجده وأخواله سنة 1943 بتهمة مقاومة الاحتلال. تابع دراسته الابتدائية والثانوية بفاس، ثم الجامعية بالقنيطرة والرباط. شارك في عضوية ومسؤولية جمعيات ثقافية وفنية خلال السبعينات من القرن الماضي، من بينها "نادي الفنون" و"المرآة" و"الأقنعة".
شارك في مبادرات نضالية عديدة داخل ثانويات "مولاي ادريس" و "صلاح الدين الأيوبي" و "ابن الهيتم" بفاس، أدت إحداها إلى "التخلي عن خدمات" أحد الأساتذة العنصريين الأجانب.
قام بمعارض فن تشكيلي خلال نهاية السبعينات كما شارك في بعض المسرحيات من ضمنها "حلاق درب الفقراء" للمرحوم الركاب و "عيشة قنديشة أو لعبة المسخ القديمة" للمرحوم أحمد التسولي، حيث بدأ مشواره الفني بالموت شنقا سنة 1970 بغابة المعمورة، وذلك في تمثيلية تم عرضها أمام المرحوم علال الفاسي.
هرب إلى أوروبا سنة 1978 حيث تم استقباله بحفاوة من طرف بعض الثوريين الكطلانيين ثم شيوعيين فرنسيين.
خوفا من التنكيل الذي كان منتشرا على نطاق واسع في تلك المرحلة، قامت أسرته بإحراق بعض وثائقه الشخصية مباشرة بعد هربه من البوليس.
بعد عودته إلى المغرب، نشر ديوان شعر باللغة الفرنسة تحت عنوان "شرارة" تم حجزه يوم فاتح مارس 1982 من السوق المغربية بعد أن بيعت أكثر من 1000 نسخة منه في ظرف أيام قليلة.
تم اعتقاله يوم 6 مارس الموالي بمنزل أسرته بفاس، وحجز البوليس كتبه ورسائله وصوره وكذا بعض المسائل الشخصية التي لا علاقة لها لا بالشعر ولا بالثورة.
تعرض للتعذيب لدى بعض مصالح الشرطة وتم تهديده بالتعدي جنسيا على خطيبته السابقة وعلى أمه التي ناضلت أسرتها من أجل استقلال البلد. قضى 41 يوما في الكوميسارية بفاس.
تم الحكم عليه يوم 18 ماي 1982 ب 15 سنة سجنا و10 ملايين ذعيرة مالية بتهم نشر وتوزيع قصائد تمس بشخصية رئيس الدولة، وتدعو إلى ارتكاب جرائم تمس بالأمن العام والسلامة الداخلية للدولة.
بعد أن قضى ما يناهز العشر سنوات من السجن، تم إطلاق سراحه يوم 16 غشت 1991، ضمن مجموعة من المعتقلين السياسيين الذين استفادوا من عفو عام، على إثر الحملة التضامنية الرائعة مع المعتقلين والمختطفين والمنفيين، محليا ودوليا.
خلال الاعتقال، تم تبني القيطوني كمعتقل رأي من طرف منظمة العفو الدولية التي قامت بحملة خاصة من أجل إطلاق سراحه، كما تبناه العديد من اتحادات الكتاب الدولية على رأسها الأنجليزي والفرنسي والأمريكي والأسترالي والكطلاني والياباني والفرنكوفوني الكندي.
راسلته داخل السجن شخصيات دولية من طينة المرحوم اللورد هارولد بينتر، وحسب بعض المصادر، فقد طالب بإطلاق سراحه بطرق دبلوماسية الرئيسان المرحومان ياسر عرفات وفرانسوا ميتران، وكذا السيد المختار امبو، المدير العام السابق لليونسكو.
عرضت قناة ال بي.ب.س. الأنجليزية برنامجا خاصا حوله شاهده 30 مليون شخصا عبر العالم.
تلقى قبل إطلاق سراحه ما يناهز ال 5000 رسالة وبطاقة بريدية من مختلف بقاع المعمور من ضمنها من "العالم العربي"، واحدة من الجزائر وأخرى من مصر، وعلم حسب بعض المصادر المؤكدة بأن ضعف ذاك العدد تم حجزه من طرف البريد المركزي,
حصل خلال الاعتقال على جائزة دولية بقيمة 10.000 دولار أمريكي، أسسها اثنان من ضحايا ماك كارتي التي شكلت فترة حكمه كارثة حقيقية على الحقوق والحريات بالولايات المتحدة الأمريكية.
شارك قبل إطلاق سراحه بمدة قصيرة تم سنوات بعد ذلك، في مختلف مبادرات تجميع اليسار المغربي.
انتخب مرارا عضو لجن وطنية ومحلية ووظيفية تمثل تيارات وتنظيمات اليسار المغربي الجذري.
ساهم في تأسيس "الحركة من أجل الديمقراطية" وتحمل مسؤوليات قيادية فيها.
كما كان من ضمن مؤسسي اليسار الاشتراكي الموحد وعضو لجنته المركزية وعضو مكتبه بفاس.
ساهم في تأسيس منظمة العفو الدولية بالمغرب ولجن التضامن مع كافة المعتقلين السياسيين والمختطفين والمنفيين، وكان نشيطا في لجن التضامن مع الأموي والبلعيشى ونور الدين جرير.
شارك في إنقاذ حياة العديد من المضربين عن الطعام، من ضمنهم خالد الشرقاوي واعوينتي بنسالم، ومضربي القرية والموظفين المطرودين من طرف عمدة مدينة فاس، حيث استرجعوا كلهم وظائفهم وينعمون اليوم بحياة كريمة.
شارك في إطلاق العديد من المبادرات النضالية خلال العشرين سنة الماضية، كما ساهم في لجن مختلفة : التضامن المطلق واللامشروط مع الصحافة المغرية ومع الشعبين العراقي والفلسطيني، الحركات الاجتماعية، الإرهاب، زلزال الحسيمة وفيضانات الراشيدية، المرأة، الطفل، الحقوق الثقافية وحقوق الإنسان على العموم، البيأة، الحركات البديلة، نهب المال العام...
اشتغل مع صحف دولية كالوول ستريت ومع إذاعات أجنبية كال بي.ب.سي وإذاعة فرنسا الدولية وتلفزات كالسويدية والبلجيكية والمدرلينية وكقناة الجزيرة الناطقة باللغة الأنجليزية. كما يقدم مساعدات لبعض صحفيي القناة الثانية المغربية ولبعض الوكالات الأجنبية العاملة ببلادنا كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
اشتغل مرارا بمدينة فاس كمكلف بالتواصل بمناسبة بعض الأنشطة ذات الطابع المحلي والدولي.
طيلة أكثر من عشر سنوات، خاض نضالات مريرة من أجل تحرير أرض عائلية من دسائس ومؤامرات وهجمات العديد من الجهات الإدارية والثقنية والمفيوزية.
اعتبرت العديد من الجهات الصحافية والحقوقية والسياسية بأن بطاقة السوابق التي تم تسليمها إليه من طرف الشرطة الثقنية والعلمية، بالطريقة التي صيغت بها، كان هدفها المبيت حرمانه من الترشيح للانتخابات التشريعية باسم حزبه.
بسبب كل ذلك، قام بالعديد من التحركات والحملات والنضالات وصلت حد الاعتصام بمقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وأمام السفارة الإسبانية بالرباط، ثم الإضراب عن الطعام الذي طال مدة شهر كامل.
من اجل إنقاذ حياته والاستجابة لمطالبه، تم تأسيس لجنة تضامن بمدينة الدار البيضاء دعمته كثيرا خلال الإضراب.
تضامنا معه، خاض أكثر من 70 مناضلا ومناضلة إضرابا تضامنيا معه.
أسست العديد من الشخصيات الحقوقية والسياسية والنقابية والفنية والشبيبية والإعلامية، "لجنة إنقاذ حياة الشاعر علي القيطوني" اعتبرت الأولى من نوعها بالمغرب من حيث الحجم والتنوع في الانتماءات والتحرك العاجل والفاعلية القصوى.
آخر ضربة تلقاها من طرف السلطات الأمنية المحلية بمدينة فاس بداية سنة 2010، جواز سفر وبطاقة تعريف يدعيان بأنه ازداد بمدينة صفرو, وليس فاس التي ازداد فيها بالفعل. ما تؤكده كل الأوراق الإدارية التي حصل عليها خلال الخمسين سنة الماضية.
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::...................................................................................................................
تميزت مطالب حركة 20 فبراير بقدر كبير من الواقعية والذكاء السياسيين، وذلك من دون أن تتوفر على خبراء ذوو حنكة عالية ومنظرين ينبهونها للمنزلقات والمغامرات الغير محسوبة العواقب، ومن المراهنة الكبيرة على واقع نضالي يعرف الردة والتقاعس والعزوف السياسي واللامبالات على نطاق واسع.... وقد اتسمت مطالب الحركة بالعمق والوضوح والجرأة وبعد النظر، وقد همت مجالات مختلفة ومصيرية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، حقوقية وثقافية...
في هذا الإطار، نجد على رأس شعارات الحركة، النضال ضد الفساد والاستبداد وكذا بعض المطالب البسيطة والتي لا يمكن أن يختلف عليها اثنان من الديمقراطيين، حيث تم نقلها من الواقع اليومي للمواطنين... هذا، وقد تم تدقيقها وتوسيعها من بعد في ظل " الحراك" السياسي الذي سيعرفه المجتمع على إثر انطلاق مسيرات واتساع تأثير الحركة، وكذا التحاق فئات جديدة من الداعمين والداعمات بصفوفها، من ضمنها : الحركة النسائية، والحركة الثقافية الأمازيغية وجمعيات وفعاليات الهجرة المغربية، وبعض رجال الأعمال، وبعض المفكرين والأدباء والفنانين والجمعويين المعروفين محليا ودوليا...
وتتلخص مطالب الحركة على الشكل التالي:
1) تغيير الدستور (وليس تعديله كما كلفت بذلك لجنة المانوني). ما يعني ضرورة إقرار دستور ديمقراطي (شكلا ومضمونا) فيه فصل حقيقي للسلط ويشكل قطيعة نهائية مع الاستبداد والانفراد بالسلطة وبالقرار ... وهو ما عبر عنه بعض الفاعلين ب"ملكية برلمانية" بما تحمله هذه العبارة من معاني ومرجعيات تاريخية وعملية، كما سماه آخرون "دولة مدنية عصرية"، مع بعض التفاصيل بالنسبة لإطارات سياسية وحقوقية ومدنية، أو لحملة فكر وقلم انخرطوا منذ البداية في دينامية حركة 20 فبراير... على رأسها ضرورة إسقاط أية إشارة لأمير المؤمنين في أي مشروع جديد يجب أن يناقش على نطاق واسع قبل أن يطرح على الاستفتاء، وذلك لكون جوهر "إمارة المؤمنين"، لا تتناقض فقط مع أي دستور يحمل صفة الديمقراطي، بل تتعارض معه في عمقه وبنيانه ومراميه التي تعني بأن السلطة هي للشعب وليس للأمة، وبأن الحرية والعدل والمساواة للجميع، بل تلغيه كليا وتعلو عليه، وذلك لكونها تستمد شرعيتها من سلطة دينية أو إلهية، وليس سلطة دنيوية كسلطة الشعب، صاحب الجلالة والإكرام ... وهو ما سيمهد لا محالة، لطرح مفهوم الدولة العلمانية في مرحلة موالية، التي أعتبرها شخصيا شرطا أساسيا وضروريا لأي تطور سياسي وحضاري وثقافي فعلي ببلادنا، وعنوانا الحرية والعدل والمساواة...
في هذا الإطار كذلك، ارتفعت في الآونة الأخيرة، العديد من الأصوات المطالبة بإسقاط ورحيل الفصل 19 وكافة الفصول والقوانين والأعراف البالية، التي تضفي نوعا من القداسة على الملك وتعطيه بالتالي إحدى صفات الله، والتي سيستعلمها لا محالة على هواه متى شاء وأينما شاء، كقارب نجاة وكسيف دموقليس لمواجهة أية وضعية منذرة بالخطر على شخصه أو مملكته... كما طالبت تلك الأصوات والحركة على العموم، بتأسيس دولة الحق والقانون والمؤسسات التي تعلو ولا يعلى عليها.
2) إعادة الاعتبار لثقافات وهويات المغرب الغنية والمتعددة، عربية، أمازيغية، إسلامية، إفريقية، متوسطية، يهودية، صحراوية ومنفتحة على الحضارات الإنسانية، وكذا المطالبة بضرورة دسترة الأمازيغية بجانب العربية وباعتبار اللغتين لغتان وطنيتان ... بل إن النقاش الواسع الذي عرفته هذه المسألة، من بين ما طرحه، التفكير الجدي في إضافة "الدارجة المغربية" باعتبارها اللهجة الأم لعدد غفير من المواطنين واللغة المتداولة على نطاق واسع داخل البيوت وفي الشارع والمعاملات التجارية اليومية...
3) حل الحكومة والبرلمان، باعتبارهما نابعين من تزوير مفضوح للإرادة الشعبية وسطو ممنهج على سلطة الشعب، وكذا بسبب فقدانهما لأية مصداقية ولآية صلاحيات فعلية في ظل الدستور الحالي ولغيابهما المطلق عن الفعل... كما أن هناك من يطالب بإلغاء الغرفة الثانية، وذلك لتواجد العديد من لوبيات الفساد داخلها، ولكونها أسست أصلا لتشكل نوعا من البلوكاج بالنسبة للغرفة الأولى وستكون دوما سدا منيعا في وجه أية حكومة ستنبع بالفعل من انتخابات حرة ونزيهة وتكون حاملة لهم الإصلاح والتحرر والانعثاق ... كما أن هناك من يطالب اليوم بانتخاب رئيس الحكومة بالاقتراع المباشر، وذلك بهدف توفره على "سلطة شعبية" تمكنه من مواجهة أي سلطة أخرى تحلم بالسطو على صلاحيات أية حكومة ديمقراطية سيتم تأسيسها في المستقبل.
4) إصلاح القضاء وإصلاح الإدارة، وهي شعارات أصبحت حيوية بالنسبة لبلدنا ولسلمه الاجتماعي وإقلاعه الاقتصادي، حيث يعاني من فسادهما المواطن والصحافة، والإطارات المدنية والسياسية، وكذا بعض المستثمرين الأجانب... فهما يعتبران بحق أساسا للملك وللاستقرار، ومن شأن إصلاحهما وتطهيرهما ودمقرطتهما وتأسيسهما على قيم العدل والحرية والمساواة وعلى قيم الشفافية والمواطنة الحقة، أن يضع اللبنات الأساسية لتطور المغرب ونموه وإطلاق قدراته، بعيدا على لوبيات الفساد ومافيات التهريب والمخدرات والعقار والجماعات المحلية، وعن استئساد وهيمنة ذوي الجاه والنفوذ على اقتصاد البلد وخيراته وذلك من دون حسيب ولا رقيب...
5) حل الأجهزة السرية، وضرورة تبعية أجهزة الأمن للجهاز الحكومي ومراقبتها ومساءلتها من طرف ممثلي الشعب.
6) إغلاق مراكز الاعتقال السرية، وعلى رأسها معتقل تمارة الذي أصبح الاسم الذي يطلق عليه "كوانتمارة"، وذلك نظرا للعديد من الشهادات والتقارير التي أكدت تواجده، وفضحت تورطه في استنطاق بعض معتقلي " كوانتنامو"... وما التصريحات الأخيرة التي تنفي وجوده بعد بعض الزيارات الرسمية، إلا من باب ذر الرماد في العيون ومحاولة إخماد نار الاحتجاج المطالب بإغلاقه – حيث على لجنة مستقلة أن تأكد أو تنفي ذلك بالفعل... مما لا يعفي بعض مسؤوليه من المساءلة والعقاب على ما ارتكبوه من أفعال إجرامية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مع تجريدهم وآخرين من أمثالهم، من أية مسؤوليات إدارية أو سياسية، وإبعادهم عن أية سلطة.
7) متابعة ناهبي المال العام والمبذرين لخيرات الشعب في المهرجانات والحفلات وشراء الضمائر، خاصة من ثبت في حقهم الضلوع في ذلك.
8) إصدار عفو تشريعي عام على كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلين الراي وعلى رأسهم معتقلو 20 فبراير، وكذا إلغاء الأحكام القضائية التي صدرت في حق البعض وفق قوانين لم يتم إصدارها إلا نزولا عند رغبة أجندات أجنبية...
9) تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، التي ظلت جلها حبرا على ورق.
10) التحقيق المستقل والنزيه فيما وقع يوم 20 فبراير بالحسيمة من احتراق لخمسة شباب تؤدي كل المؤشرات والشهادات إلى نفي الرواية الرسمية فيما يتعلق بتلك المأساة، وكذا متابعة المقترفين لهذه الجريمة الشنعاء، من منفذين وواقفين وراءهم... نفس الشيء بخصوص الشهيد كريم الشايب، وفدوى العروي، ومختلف الخروقات والتجاوزات والمؤامرات التي وقعت منذ 20 فبراير وإلى الآن، وكذا الأعمال البلطجية التي من ضمنها من كانت محكمة التدبير والإخراج... هذا، من دون نسيان أعمال النهب والسرقة والدمار والسب والضرب المبرح التي قامت بها عناصر بوليسية متمرنة وبدون مبرر يذكر، وذلك مباشرة بعد انتهاء المسيرات السلمية ليوم 20 فبراير وما تلاه من هجمات قمع شرس...
11) تأسيس إعلام وطني مستقل عن الحكومة والإدارة والقصر، وفتح المجال السمعي–البصري، مع تغيير قانون الصحافة وكافة القوانين ذات الصلة، في اتجاه يلغي نهائيا كافة المواد المخلة بالكرامة والماسة بالمهنية، والمتوفرة على أحكام حبسية في حق جنود وجنديات السلطة الرابعة التي لن تستقيم ديمقراطية بدونهم.
12) من بين المطالب الأساسية التي تمت بلورتها في مسار الحركة والتي أبدعت فيها شعارات وصور ورسومات المظاهرات التي عمت أحيانا ما يناهز 120 مدينة وقرية (بما فيها مدن وعواصم أوروبية وأمريكية): القضاء على اقتصاد الريع وإسقاط رموز الفساد والاحتكار، وعدم الجمع بين السلطة السياسية والسلطة التجارية، وإبعاد أصدقاء الدراسة عن العمل السياسي والتجاري، وتحديد سقف أجور الوزراء والبرلمانيين ومدراء الوكالات والمجالس وتفعيل قرارات بعض الغرف والمجالس واللجن التي تعتبر بحق غرفا جوفاء وكيانات جامدة، لا تصلح إلا للسينما ولإيهام العالم بأن المغرب يتوفر على آليات مراقبة شفافة.
13) مطلب آخر التقطته الحركة بفضل انفتاحها وتفاعلها مع محيطها المباشر، ألا وهو قضية دسترة المساواة بين الرجل والمرأة ومسألة المناصفة التي أصبحت الشعار المركزي للعديد من الجمعيات النسائية الفاعلة، وذلك نظرا لنسبة النساء داخل المجتمع، وللدور الذي تلعبهن في مختلف المجالات (وهي مناسبة لتحية المناضلة الحقوقية الحاضرة معنا اليوم !)، وكذا لكون تحفظات المغرب في هذا المجال لا توجد لها مبررات في عصر انتصار العقل والحكمة والانفتاح، والتطور السريع والعميق للعلاقات داخل مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.... ولأنه من شأن تجاوزها، أن يحقق بعضا من الإنصاف لمن تعطينا الحياة، وتعلمنا الصبر والأناة والتبصر، ولمن تغذينا وتسهر على راحتنا وتصاحب أولى خطواتنا، وذلك قبل نزولنا يوما ما إلى أزقة ودروب حركة 20 فبراير...
14) من بين المواضيع التي لم تلق اهتماما كبيرا، لا من طرف الحركة، ولا من طرف مختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، مسألة الجهوية المرتبطة أ شد الارتباط بالحل النهائي لقضية الصحراء وبالتدبير الديمقراطي لمسألة الهوية، حيث كانت المقترحات حولها يطبعها الضعف والعمومية المفرطة، بل وغابت أية إشارة إليها في البعض الآخر... الاستثناء الوحيد ربما الذي عرفه المغرب، هو بداية الجواب على هذا الإشكال الذي قدمه منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب خلال مؤتمره الأول المنعقد أخيرا بمدينة الشاون (وذلك بعد المنع السابق) ... هذا، في الوقت الذي تعتبر فيه "الجهويات"، أو"الأوطونميات" كما سماها المنتدى، عصب الزاوية في الدستور الجديد وفي خطاب 9 مارس المعلن عنه، حيث سيشكل حجمها وعمقها ومدى توسعها، مدى وفاء المشروع الجديد لضرورة توزيع السلط، ومدى استجابته لمطالب الحركة الثقافية الأمازيغية وعموم الديمقراطين.
15) كما حملت البيانات والرسائل المفتوحة والوقفات والمظاهرات والإضرابات التي انخرطت في دينامية حركة 20 فبراير، العديد من المطالب الاجتماعية المتعلقة بالتعليم وبالصحة وبالبيئة وبالشغل وبالتعويض عن البطالة. هذا ، وقد التحقت بالحركة وعملت في صفوفها فئات ذات مطالب قطاعية صرفة أو ذوو الاحتياجات الخاصة الذين عنونوا انخراطهم القوي في أنشطتها ب " ما دوزش بلا بنا" ! ... أما بعد عملية أركانة ورغم اللبس الكبير الذي يحيط بها، فقد طفت على السطح مجددا مسألة الإرهاب والجريمة المنظمة، وما يهدد بلادنا من أخطار بفعل تكالب جهات عديدة ضد سلمه وطمأنينته...
أعزائي عزيزاتي،
عرفت الحركة قبل انطلاق شرارتها الأولى في شوارع وأزقة المدن المغربية وبداية انغراسها في أفئدة المواطنين، العديد من الأعداء والمتربصين بتلاحمها، وقد كانت الاتهامات التي وجهت لها ونشرت على أوسع نطاق كالتالي: "هؤلاء ينشطون وفق أجندة جبهة البوليساريو، حيث هي التي تمولهم وتوفر لهم الدعم اللوجستيكي"، "إنهم ملاحدة وكفار وأكلة رمضان ومدمنون على الحشيش والقرقوبي"، " هي حفنة من الشيوعيين تريد زعزعة استقرار البلد والمس بمقدساته وثوابته الوطنية"، "إنهم جنود محمد، إسلاميون تابعون لجماعة العدل والإحسان المحضورة وللسلفية الجهادية ويدعمون القاعدة" ، "هم متطرفون يودون إحراق البلد"، "هؤلاء جمهوريون هدفهم إسقاط الملكية التي ينعم في ظلها المغرب بالنعيم والرفاه والطمأنينية، وخلق الفوضى والتسيب"، "هادوك دراري، شباب طائش، غير منظم، غير واع، بدون انتماء سياسي وبلا تاريخ نضالي، مجهول الهوية..."، "هادوك الناس ديال الفايسبوك واليوتوب والتويتر، ما عندهم شغال غير السيبير والشاط..."، "هؤلاء يتجاهلون الاستثناء المغربي، ويعتقدون بأنهم في تونس أو مصر اللتان لم تكونا تنعمان بالحريات مثل المغرب، حيث لم تكن بهما لا أحزاب، ولا نقابات، ولا صحافة مستقلة، ولا هم يحزنون"... تلك كانت بعض الكليشيهات التي نشرتها الجوقة المخزنية وجحافل البلطجية على نطاق واسع، وذلك مباشرة بعد الإعلان عن إنشاء الحركة في إحدى صفحات الفايسبوك، حيث كان لي شرف الانتماء إليها (رغم كوني "هرمت"...) في اليوم الأول من انطلاقها...
وبما أن العديد من الأصوات تتحرك وفق مشيئة الأسياد المتحكمين في الرقاب وفي العباد، فقد شاركت في هذه الهجمة الشرسة منذ انطلاق الحركة وحتى يوم مسيرات 20 فبراير، العديد من الجهات الحزبية والصحفية والشبيبة المنغرسة حتى النخاع في منطق "بلاد المخزن"، أو المستفيدة من دوام نعماته. فبالإضافة إلى مختلف أجهزة النظام البولييسية والإدارية والإيديولوجية (من ضمنها وكالة المغرب العربي للأنباء التي لجأت إلى الكذب والبهتان ليلة انطلاق احتجاجات يوم 20 فبراير بالذات)، فقد انتمت إلى الجوقة بامتياز، تلك الأحزاب الإدارية التي كانت بعضها تسمى يوما ما باحزاب "الكوكوت مينوت"، على رأسها ذلك المخلوق العجيب الذي يشبه بعض الكائنات الفضائية التي تعج بها أفلام الرسوم المتحركة: حزب الأصالة والمعاصرة، أو Le PAM على وزن PIM-PAM-POUM أوصوت أول طلقة نارية يتفوه بها مسدس 007. حزب كان هدفه المبيت قبل انطلاق حركة 20 فبراير، هو التحول إلى "أب الأحزاب"، وذلك إسوة ب "أم الوزارات" كما كانت تسمى وزارة الداخلية على عهد إدريس البصري الغير مأسوف على وفاته... حزب حصل على القسط الأوفر من التنديد داخل المظاهرات التي عمت مملكة محمد السادس، كما تم فضح رموزه وأذنابه ومخططاته الجهنمية...
كائنات حزبية فضلت مواجهة رياح التغيير التي هبت على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي عبر تأثيرها الحدود المتوسطية وصفق لها مثقفون وبرلمانيون وساسة أوروبيون وأمريكيون، وفضل "إخواننا" حماية السلطة المخزنية العتيقة من العصف بسلطاتها اللامتناهية. وهو موقف طبيعي نظرا لاستفادتها من الوضع السائد بالمغرب ولكونها تتقاسم الكعكة وتخاف من سيادة الشفافية والديمقراطية، حيث من المؤكد بأنه في ظل سيادتهما، ستشمل فضائح بالجملة العديد من رؤوسها، وحيث سيتأكد للعالم أجمع، بأنها فقدت أجزاء كبيرة من قواعدها وحادت عن مسارها السياسي والإيديولوجي وتحولت إلى أدوات طيعة في يد النظام ... أحزاب أضحت بالملموس، تشبه شركات متعددة الأسهم، تسيرها مصالح ذاتية وأطماع ودسائس...
كيانات سياسية جمدت وتخلفت واضحت مهددة بالاندثار، وبالتالي ستتحمل جزءا لا يستهان به من المسؤولية التاريخية في خلق فراغ سياسي مهول، لن يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى الكوارث وانتشار الظلام وسيادة العنف والعنف المضاد، وكذا إلى انطلاق المؤامرات من كل حدب وصوب ، ضد وحدة المغرب واستقراره ونموه وتطوره...
أحزاب من بينها من فقدت مصداقيتها وتجدرها داخل المجتمع وانسلخت عن الواقع وأضحت تلعب دور " شهرزاد" في حاضرة السلطان، حيث أطلق عليها عصيد اسم " الهيئة الاستشارية" التي عليها إبداء الرأي للملك عند الطلب. وفيما عدى ذلك، فهي تنتبه جيدا لعدم الخروج من صف الموالين والمصفقين والمتملقين والشاكرين لحمده ولنعمته...
للأسف الشديد، فقد التحقت بتلك الجوقة في البدايات الأولى لحركة 20 فبراير، أحزاب لها تاريخ نضالي مشهود وأعطت العديد من الضحايا والشهداء وأجيال من الأطر والمثقفين والمفكرين، كما شاركت فيها ببعض التفاوتات، كافة الأحزاب المشاركة في الحكومة وفي ملذات اللعبة الديمقراطية المغشوشة، وللتذكير، فإن مجموعة الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الثلاثون التي شاركت في الانتخابات الأخيرة، لا تتعدى 20%. ما يعطيكم فكرة عن تمثيلية هذه الأحزاب للشعب المغربي ولطموحاته وآماله...
أحزاب كان بعضها على حافة التسيب والانشقاق بسبب المواقف المتضاربة من حركة 20 فبراير وتواجد مناضلين ديمقراطيين في صفوفها لهم غيرة على البلد وحقوق المواطنين... في هذا الإطار، وعدى حزب " العدالة والتنمية" الذي يتحفنا زعيمه بخرجات وشطحات بهلوانية، فقد تعالت العديد من الأصوات داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تدعو إلى النزول إلى الشوارع بهدف دعم حركة 20 فبراير، بل منها من نزلوا بالفعل، من ضمنهم أطر قيادية ونسائية وشبيبية، وطنيا ومحليا... وهو ما أثار التقدير والاعتزاز... أحزاب هرمت قياداتها من دون أن تؤسس للبديل المنتظر، وان تمرر مشعل تضحيات أجيالها السابقة إلى الشباب الثواق دوما إلى العدل والحرية...
في المقابل، انخرطت تنظيمات اليسار بأشكال مختلفة في دينامية وسيرورة حركة 20 فبراير، وذلك منذ انطلاقها، بل منها من فتح لها أبواب المقررات على مصراعيها وشاركت أطرها بقوة في لجن ومجالس دعمها وأبدعت في الدفاع عنها وعبرت عن مواقف جريئة تجاهها وبخصوص الإصلاحات العميقة التي يتطلبها البلد ونص الدستور الديمقراطي الذي على المغرب أن ينعم في إطاره من أجل رقيه وتقدمه... في هذا الإطار، تحية تقدير واعتزاز لهذه الإطارات السياسية المناضلة ولرموزها، بشيخها وشبابها، نسائها ورجالها، الذين جربوا المحن إبان العهد السابق، وذاقوا الويلات وعصا المخزن خلال الأسابيع الأخيرة وتم الاعتداء على حرمة مقراتهم وعلى بعض قيادتهم وعرفوا القمع والتنكيل. كما لا ننسى أن تحيي الدور الذي قامت به بعض الجمعيات الحقوقية والنسائية والشبيبية والثقافية، في دعم الحركة ماديا ومعنويا وفي تطعيم صفوفها ومؤازرة معتقليها وتوفير التطبيب والعناية لجرحاها، خاصة لدى غياب المسؤولية والتواطؤ المكشوف أحيانا داخل بعض المستشفيات بعد الهجمات القمعية الشرسة...
ودائما فيما يتعلق بالدعم المادي والمعنوي للحركة، فسيشهد التاريخ للعديد من المثقفين المرموقين ولبعض جمعيات وفعاليات المهاجرين، وفنانين ورجال أعمال وجمعويين، انخراطهم المبكر والمستمر، في ديناميكية الإصلاح والتغيير التي أطلقتها هذه وإعطاءها الأساس الفكري والمرجعي، والدفاع عنها في وسائل الإعلام محليا ودوليا، وتوفير الهواء النقي لثباتها على مواقفها الأصلية والأصيلة، ودعم طموحها وانتشار تأثيرها داخل أوساط مختلفة... وهو نفس الشيء الذي مارسه الطلبة والتلاميذ والمعطلون وبعض التيارات اليسارية الأخرى التي شكلت بحق وفي بعض المدن، العمود الفقري للمسيرات الشعبية التي ولأول مرة في تاريخ المغرب وبهذا الحجم، شهدت مشاركة عدد كبير من النساء والفتيات والأطفال، بل وأسر كاملة أحيانا، حيث عرفت بعضها نقاشات حادة حول دعم الحركة. مما اضطر معه بعض الآباء والأمهات إلى النزول إلى الشارع، ربما درءا لكلمة "ارحل" الملتهبة... "ارحل" عن بيوتنا ومن حياتنا ومن أحلامنا... "ارحل" من خيالنا المملوء بالمنع وبالحرام وبالمكروه... "ارحل" ودعنا نؤسس لمغرب المستقبل...
كما نود الإشادة بالفعاليات التي انخرطت في المنتدى المواطن من أجل التغيير الديمقراطي أو التحقت بصفوفه من بعد، حيث بلغ العدد الإجمالي لأعضائه وعضواته إبان انعقاد جمعه العام مؤخرا بمدينة الدار البيضاء، 540 منخرطا من بينهم الأديب عبد اللطيف اللعبي. وتجدر الإشارة بأن أرضية تأسيسهم سجلت انطلاق مرحلة جديدة من النضال من أجل التغير الديمقراطي تميزت بظهور حركة 20 فبراير، كما أكد الموقعون قناعتهم بأن التغيير الديمقراطي يتطلب دستورا ديمقراطيا يقر نظام ملكية برلمانية...
وإذا اختارت بعض المركزيات دعم الحركة بشكل واضح، فقد آثرت أخرى البقاء على الهامش، أو ترك الحرية لبعض نقاباتها التي انخرطت بقوة في "الحراك" السياسي والاجتماعي الحالي... هذا، وقد التحق مؤخرا نقابات قطاعية مهمة بالشارع، وذاقت بدورها عصا المخزن التي لم تعد تستثني أحدا، في محاولة يائسة لتعميم الهدوء والسكينة على كامل التراب الوطني، وذلك قبل الإعلان عن مشروع الدستور الممنوح، يليه الانخراط في نادي الملكيات الذي من ضمن أهدافه حماية أنظمة قمعية مهترئة ووقف أي حلم في التغيير...
من جهة أخرى لا يمكن إلا أن نسجل انخراط بعض التنظيمات والتيارات الإسلامية في صفوف الحركة ومجالس دعمها، وذلك وفق أجندات خاصة بكل طرف. في هذا ألإطار، علينا أن نؤكد بأنه إذا كان الشارع في ملك الجميع ومن حق أي كائن الالتحاق بركب التغيير، فمن أجل صيانة هذا المكتسب العظيم الذي حققته حركة 20 فبراير، على الجميع الانضباط لسقف مطالبها وعدم الركوب عليها واستعمالها قنطرة قصد العبور إلى ضفة يعلم الله وحده ما يوجد بها من ويلات ومآسي... كما على كل مكوناتها تأكيد إيمانها العميق بالديمقراطية بمفهومها العصري والمنفتح وإعلان قناعاتها بالاختلاف والتعدد وكذا تنديدها بالإرهاب وبالجرائم التي طالت بعض المناضلين المنتمين لليسار المغربي... وأخيرا على الجميع التذكير بالطابع السلمي للحركة وبإيمانها العميق بحرية الفكر والمعتقد وكذا بالمساواة بين بني البشر، بغض النظر عن الانتماء الجغرافي أو العرقي أو الديني أو الجنسي.
أعزائي، عزيزاتي،
إننا ونحن نستبشر ببزوغ عصر الأنوار بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي خضم السنة البوعزيزية ومن داخل ميدان التحرير، نود التأكيد على الدور الريادي والتحرري الذي لعبه الأنترنيت وبعض القنوات التلفزية في تأجيج الصراع ودمقرطة التواصل وزعزعة القيم وتجاوز الممنوعات وتكسير الطابوهات والتأسيس لثقافة الاختلاف ولحرية المبادرة ولوتيرة في التحرك والفعل، يستحيل على الأنظمة الاستبدادية فرملة وقعها ودرء أخطارها...
فاليوم، تم إقرار مفهوم "الفرد" الدخيل على ثقافتنا بالأساس وحقه في ممارسته حريته في التفكير والتعبير والعقيدة، وكذا إطلاق المبادرات وتوسيع الحركات الاحتجاجية على أكبر نطاق بفضل أدوات افتراضية... وهي أسلحة توجد اليوم في متناول ما يناهز 3 ملايين مغربي (من ضمنهم 2 مليون ونصف تقل أعمارهم عن 30 سنة) مسجلين ومسجلات في الفايسبوك ويمارسون نشاطهم اليومي بشكل عادي وخارج أي إطار أسري أو حزبي أو دولتي، أكان دينيا أو جنسيا أو سياسيا... وهو ما لم يكن في الحسبان وما أكدته حركة 20 فبراير المغربية مباشرة بعد ثورتي تونس ومصر المظفرتين وبالموازاة مع ما تعرفه قطر وسوريا واليمن وليبيا ودخول أخرى في حراك سياسي وصراع دموي ومدمر أحيانا لعب فيه الأنترنت دورا لا يستهان به...
إنه بحق "التنظيم السري" الجديد والبرلمان المصغر الذي لا يعرف الممنوعات ولا المحرمات ولا المقدسات ولا الرقابة، وهو بلا منازع يعتبر اليوم أكبر تنظيم في المغرب... هذا، وقد اظهر هذا التنظيم خلال الأسابيع الأخيرة بأنه لا يحتاج لجريدة حزبية تمارس التعتيم عليه ولا لصحيفة يتم تمويلها من طرف جماعات الضغط وتوزع النعوت على من تشاء، بل إلى آلة صغيرة ومن داخل منزله أو بسبير يتواجد داخل زقاقه وإلى دقائق معدودة و5 دراهم على أبعد تقدير، ليخبر العالم بالهجوم على مسيرة أو بتفريق مظاهرة أو بتنظيم وقفة أو "بيكنيك" في اليوم الموالي أو بالدعوة لمواجهة صهاينة يزورون المغرب أو التوقيع على عريضة تدين وزيرا أو وزيرة... وهذا سلاح فتاك واجهه المغرب جزئيا خلال الأشهر الأخيرة عبر وقف بعض المواقع أو الهجوم على أخرى وعبر تمكين بلطجيته من العبث بثالثة ورابعة وخامسة، وهو يستعد ربما لهجوم كاسح بعد الدورات التكوينية التي تلقتها عناصر من أجهزته الاستخباراتية في الخارج.
إّن، ما الذي وقع بالعالم ليخرج الشباب من عالمهم الافتراضي ويقررون النزول إلى الشارع... لدى متابعتهم لما تنقله الجزيرة من مشاهد مباشرة من تونس ومن ميدان التحرير، ولدى إطلاعهم على الفيض الوفير من الصور والمقالات والكليبوهات الموزعة على نطاق واسع داخل الفايسبوك وفي مواقع أخرى، علم هؤلاء بحلول الربيع وبأنه آن الأوان لكي تزهر شجرة الأقحوان... فطنوا بأن عالمهم هو الواقع وليس الخيال، وبأن الأحزاب لا تمثلهم، و بأن الدولة تغتال أحلامهم... فقرروا التحرر والخلاص من عالمهم الافتراضي الذي كان يكبح آمالهم ولكون من يدخله ربما سيبقى سجينا إلى الأبد .....
وهكذا نزلوا إلى الشوارع والأزقة والطرقات يقولون بملء أفواههم : نحن أحياء... نحن المستقبل... نحن التغيير... نحن حملة الفكر المتقد... نحن أبناء وبنات هذا الوطن الذي لا نملك منه قيد أنملة... نحن المضطهدين والمقموعين والمهمشين والمحكوم علينا بالصمت وبالخنوع وبالتواطؤ... نحن شعاع الأمل في حلكة ليلكم... نحن الشحنة التي تحتاجون إليها للخروج من سباتكم... نحن الدماء الجديدة التي تفتقدها شرايينكم... نحن الحجر في برككم الآسنة... نحن السهام التي ستنخر جدران الخوف والطاعة العمياء... نحن الممكن من المستحيل... نحن الأنوار والشعلات التي ستنير لكم الطريق... نحن الزلزال المدمر والنهر الهادئ... نحن الطيور التي تغرد خارج السرب... نحن شموع التغيير التي تحترق من أجلكم... نحن فراشات الربيع.
هذا، ومباشرة بعد نزولهم إلى الشارع، حقق شباب وشابات الفايسبوك عدة انتصارات نلخصها كالتالي :
1- نجاح مسيراتهم التي شملت حسب الاعتراف الرسمي 57 مدينة وكانت سلمية وحضارية... هذا فيما يتعلق باليوم الأول فقط، أما في الأيام الأخرى وإلى حدود يوم 22 مايو، فقد كبرت صفوف المتظاهرين والمتظاهرات بشكل مهول ومطرد...
2- الوعي بأنه يوجد داخل صفوفهم ومنذ البداية أبناء وبنات مناضلين ومناضلات ينتمون لتنظيمات سياسية وحقوقية ونسائية وشبابية وثقافية ومدنية، لطالما ناضلت من أجل نفس الحقوق والحريات.
3- قدرتهم على التعبئة الكبيرة التي ستشارك فيها لجن ومجالس دعمهم.
4- صمودهم الأسطوري في وجه القمع والمؤامرات والدسائس والأكاذيب التي شاركت فيها العديد من الجهات.
5- قدرتهم على التأقلم مع الأوضاع الجديدة، خاصة لما تحركت عصا القمع الهمجية.
6- إصرارهم على النزول إلى الشارع والتشبث بمطالبهم سواء بعد خطاب 9 مارس وتأسيس لجنة المانوني، أو هجمة 22 ماي القمعية، والتي تواصلت وتصاعدت بشكل همجي وإجرامي يوم 29 ماي.
7- تشبثهم بشكلهم التنظيمي الذي يذكرنا بتيار طلابي يناضل داخل الجامعات المغربية منذ أواخر السبعينات، حيث مكنهم حتى اليوم من تجنب الجمود والتعثر والتأخير الذي تنتجه غالبا تنظيمات المركزية الديمقراطية، وعلى دمقرطة القرار.
8- القدرة على الاجتهاد والإبداع الذي عرفته تحركاتهم وأنشطتهم المختلفة : صور، فيديوهات، كليبات، أغاني، أفلام، مسرح، رسم، لافتات جديدة شكلا ومضمونا، توزيع الماء والحلوى والشوكولاته في بعض المسيرات، خلق صفحات عديدة في الفايسبوك وتعويض المقرصنة منها بسرعة، إلخ.
9- التمكن من إيصال المعلومة بسرعة والنداء من أجل التدخل قصد المؤازرة والدعم والتضامن.
10- الصدر الرحب للانتقادات والتفتح على أطراف غير ديمقراطية، على أساس برنامج واضح ودون الإخلال بحسن سير المحطات النضالية.
11- الانتشار الواسع، خاصة قبل القمع الشرس ليومي 22 و29 ماي، حيث تمكنوا من استقطاب فئات اجتماعية واسعة، من ضمنها من كان يعارض الحركة في البداية.
12- الإجماع (من طرف المناصرين والمعارضين على السواء) على الاعتراف بالدور المحوري الذي لعبته حركة 20 فبراير في تحريك عجلة التغيير داخل بلدنا، والاعتراف بها كفاعل سياسي وكمحاور أساسي خلال الأسابيع الأخيرة.
أما عن الآفاق المستقبلية فهي ترتبط بشروط عدة، ذاتية وموضعية، داخليا وخارجيا، من ضمنها أساسا :
1- نجاح أو فشل الثورات في منطقة الشرق الأوسط ومدى انتشارها في مناطق أخرى من العالم.
2- تصاعد أو تراجع الدعم الدولي والمواقف المؤيدة (خطاب أوباما مثلا) أو المعارضة (بعض الدول الداعمة للنظام المغربي بشكل مفضوح).
3- مدى قدرة الحركة ومختلف الفاعلين على تجاوز محطة 22 و 29 ماي وعلى تمزيق "شهادة الوفاة" التي أشهرها النظام في تلك الأيام، خاصة بعد حادث المسجد وما تلاه من جدبات وشطحات العبيد، المستنكرة للتطاول على الأعتاب الشريفة.
4- الأشكال التنظيمية التي ستلجأ إليها الحركة بعد الهجمة الأخيرة ومدى قدرتها على التأقلم مع الوضع والعمل على تجاوزه بأقل الخسائر وعلى الإبداع والحفاظ على بعض السرية في تحركاتها المقبلة، التي على بعضها أن تكون فجائية.
5- الدور الأساسي الذي يعود اليوم لمختلف الداعمين للحركة ومدى قدرتهم على توفير إمكانيات استمراريتها وتطورها. في هذا السياق، جاء قرار مسيرات 5 يونيو التي لأول مرة منذ انطلاق المسلسل، يتم اتخاذه في بداية الأمر، من طرف مجلس الدعم وليس الحركة.
6- مدى قدرة الحركة على لم صفوفها ولجم أي محاولة للاحتواء أو الابتعاد بها عن أهدافها الأصلية.
7- مدى الانتصارات التي ستحققها الحركة والشعب المغربي بأكلمه لدى الإعلان عن مشروع المانوني.
8- وأخيرا قدرة الحركة والمناصرين لها على استقطاب اهتمام الرأي العام الدولي والمثقفين والمنظمات الدولية والبرلمانات الأجنبية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وكذا مواصلة تعبئة المهاجرين وتنظيماتهم الذين يعتبرون بحق سفراءها في الخارج...
أعزائي، عزيزاتي،
في هذا الإطار، ومن أجل هذا الهدف بالذات، ثم استدعاؤنا اليوم للحضور إلى أمتسردام.
فتحية تقدير واعتزاز لكافة المناضلين والمناضلات بديار المهجر على مواصلتهم النضال من أجل مغرب الديمقراطية والكرامة والحرية والعدل وحقوق الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.