وتميزت الجلسة للافتتاحية، التي عرفت مشاركة فعاليات من مختلف القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الاجتماعيين والهيئات المنتخبة والمنظمات الدولية وخبراء وطنيون ودوليون، بالرسالة الملكية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمشاركين، ربط من خلالها الحاضر بالماضي، مؤكدة حرص جلالته على التفعيل الأمثل لنظام المساعدة الطبية وتجاوزه لكافة المعيقات، وتطويره وتبسيط مساطره ضمانا للاستفادة الواسعة للفئات المعوزة من المواطنين، وضرورة استحضار إدماج البعد الصحي في مختلف السياسات العمومية، في إطار من النجاعة والالتقائية، وذلك ضمن مقاربة ترابية جديدة قوامها توطيد سياسة القرب، تندرج في صلب الإصلاح المؤسسي العميق للجهوية المتقدمة. وعرفت أشغال الجلسة الافتتاحية التي ترأسها الحسين الوردي وزير الصحة، تلاوة الكتاب الأبيض، من طرف الكاتب العام للوزارة، الذي جرى إعداده من طرف وزارة الصحة، إذ سيشكل أرضية لمناقشة محاور إصلاح القطاع الصحي في المغرب، ويشخص المنظومة الصحية في المغرب. وستتمحور أشغال المناظرة الوطنية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول خمسة محاور، تتعلق بالتغطية الصحية الشاملة ومدى فعالية أنظمة التمويل، الحكامة في القطاع الصحي، المساواة في الولوج إلى الرعاية الصحية وما تتضمنه كحق دستوري في مجال الصحة، التدريب وتوفر مهنيي الصحة، والتحديات الجديدة للصحة في ظل التحول الوبائي وقضايا الرصد والأمن الصحي. وستتدارس مختلف الفعاليات والشركاء بقطاع الصحة، المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للصحة، التي قاطعها مجموعة من النقابات المهتمة بمجال الصحة، أولويات إصلاح النظام الصحي، التي انبثقت من انتظارات المواطنين، وطموحات مهنيي الصحة وآفاق تطوير النظام الصحي الوطني، في انتظار صياغة التوصيات التي ستكون قاعدة لمشروع الميثاق الوطني للصحة، الذي سيحدد الأولويات الكبرى للعمل في مجال الصحة للثلاثين سنة المقبلة. وتعتبر المناظرة الوطنية الثانية حول الصحة، محطة أساسية وحاسمة، تهدف إلى طرح الإشكاليات الصحية الوطنية في مفهومها الشامل، وفتح نقاش وطني حول الصحة في سياق الدستور الجديد الذي أقر الحق في الولوج للعلاجات وحق المشاركة باعتبارهما حقوق جوهرية. ويأتي انعقاد هذه المناظرة، كتكملة للحوار الوطني حول الصحة، وتتويجا لمسلسل تشاوري أجرته وزارة الصحة خلال الفترة 2012-2013، إذ بدأ هذا الحوار الوطني حول الصحة بإطلاق برنامج "انتظارات"، جمع ما يناهز 190 مقترحا وانتظارا بخصوص النظام الصحي الوطني، كما أجريت مشاورات مع كل الفاعلين المعنيين في مجال الصحة لتحديد أهم محاور المناظرة الوطنية والنتائج المنتظرة منها. وقال الحسين الوردي وزير الصحة، إن الإستراتيجية القطاعية للصحة لفترة 2012-2016 تندرج ضمن اهتمامات البرنامج الحكومي، وتنبني على سبعة محاور إستراتيجية تتعلق بتحسين الولوج للعلاجات وتنظيم الخدمات، دعم صحة الأم والطفل، الاعتناء بصحة الساكنة ذات الاحتياجات الخاصة، تعزيز المراقبة الوبائية وتطوير اليقظة الصحية، تطوير مراقبة الأمراض غير السارية، التحكم في الموارد الإستراتيجية للصحة وتطويرها، وتحسين الحكامة بقطاع الصحة. وأضاف الوردي، في تصريح ل"المغربية"، أن وزارة الصحة، أخدت بعين الاعتبار ضرورة دعم المكتسبات الواردة في الاستراتيجيات التي سبقتها، والاستجابة في نفس الوقت إلى الاحتياجات الجديدة الملحة، أتناء صياغة هذه الإستراتيجية. وأوضح الوردي، أن التحولات التي عرفها المغرب، كما هو الشأن لدول عربية أخرى، كانت وراء تغيير المقاربة المتبعة لإعطاء صدى قطاعيا بارزا لمقتضيات الدستور الجديد، خاصة تلك المتعلقة بحق الولوج للعلاج والتغطية الصحية، الشيء الذي يفرض علينا الاندماج في الوضع الجديد وبالتالي دمج مقاربتين جديدتين في صياغة هذه الإستراتيجية الجديدة، ويتعلق الأمر بالمقاربة المبنية على حقوق الإنسان والمقاربة المبنية على الديمقراطية الصحية ، إضافة إلى المقاربة المنظوماتية التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية. وأشار وزير الصحة إلى أن الإجراءات التي لها علاقة بالحكامة الجيدة ، تمكن من جهة في وضع مسار للحوار والتشارك أطلق عليه اسم "انتظارات" يهدف إلى تأسيس ثقافة جديدة تعتمد الديمقراطية الصحية كما وردت في الدسنور الجديد، والتي ستفضي إلى صياغة ميثاق وطني حول الصحة، كما تشمل كذلك دعم الجهوية والشراكة بيم القطاعين العام والخاص. وحسب عدد من المشاركين، فإن المناظرة الوطنية للصحة في دورتها الثانية، تشكل فرصة للجميع ، كل بحسب موقعه، للتعبير عن آرائه وتطلعاته من أجل النهوض بالمنظومة الصحية ببلادنا. وأضافوا في لقائهم مع المسائية العربية أن حضورهم لأشغال المناظرة، أكبر دليل على الإرادة القوية التي تجمع كل الشركاء الاجتماعيين، من أجل صياغة مشروع الميثاق الوطني للصحة والذي سيكون قاعدة تاريخية لبلورة المقتضى الدستوري للحق في الصحة لفائدة كافة المواطنات والمواطنين. وأكدوا، أن تحسين الحكامة بالقطاع الصحي يحتاج اليوم إلى تنسيق جدي بين مختلف المتدخلين، لوضع إطار عملي يساعد على الحوار والتشاور في اتخاذ القرار وفي نجاعة العمل، مشيرين إلى أن الجهوية الموسعة حافزا إضافيا لتجسيد هذه الآلية التشاورية على المستوى الجهوي والإقليمي.