شهدت مدينة مراكش أواخر شهر أبريل الماضي أشغال الندوة الدولية حول دراسة الأجناس و التي نظمتها كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض و ذلك بفضاءات كلية الطب و الصيدلة. اللقاء حضرته شخصيات وازنة في العلوم اللغوية وخبراء دوليين في العلوم السيميائية و أساتذة باحثين و مختصين إضافة إلى طلبة باحثين مغاربة وأجانب ومجموعة من المهتمين. عبد اللطيف الميراوي رئيس جامعة القاضي عياض و الذي كان قد افتتح أشغال الندوة الدولية أكد على أهمية اللقاء و دوره في التبادل الأكاديمي و البحث العلمي و قيمة المحاور العلمية التي سيتناولها المشاركون. الميراوي أضاف أيضا أن التقارب العلمي يحتم علينا اليوم تنمية الخبرات للنهوض بالبحث العلمي و خصوصا بتخصصات أدبية حيث أن أفق الانتاجات الأكاديمية لا تتوقف فقط على العلوم التقنية المحضة خصوصا و أن الجامعة تحتضن عددا مهما من الطلبة في تخصصات العلوم الإنسانية و القانونية كما أن جامعة القاضي عياض تتسع على تراب جغرافي مهم و وواعد عبر تنمية مستدامة حقيقية. من جهتها، وداد التباع عميدة كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش أكدت على أهمية الندوة الدولية و التي تعتبر مفخرة للكلية و لمدينة مراكش على اعتبار قيمة الحضور و مدة الاستعداد لهذه التظاهرة و كذا حجم المتدخلين و الشركاء الجامعيين بكل من فرنسا و بلجيكا و الملحق الثقافي بالسفارة الفرنسية. عميدة كلية الآداب أضافت أيضا أن محاور الندوة تشكل رمزية دالة على انخراط المغرب في دينامية التعاون الفرنكفوني و تسخير اللغة للتقارب و التبادل الثقافي و الأكاديمي بين الجامعات المغربية و نظيراتها الفرنسية و البلجيكية. مسؤولة التعاون الثقافي بالمعهد الفرنسي لمراكش Claude CORTIER أكدت في تدخلها في افتتاح الندوة الدولية أن التعاون الثقافي بين المغرب و فرنسا هو قيمة مضافة للتعاون المثمر و البناء خدمة للأجيال الصاعدة و تبادل الخبرات كما أن دعم المعهد الفرنسي لمثل هذه التظاهرات يعتبر قاطرة نحو دعم البحث العلمي و تشجيع المبادرات الهادفة و المشاريع العملية في شتى الميادين، كما أن المعهد الفرنسي، تضيف CORTIER ، سيدعم الجامعة المغربية و سيكون حليفا أكاديميا لكل تظاهرة علمية من حجم ندوة مراكش. بدورها، مديرة مكتب المغرب التابع للوكالة الجامعية للفرنكفونية Cristina ROBALO-CORDEIRO أكدت في كلمتها أن قيمة و دلالة التعاون الثقافي سيكون جسرا حقيقيا لتعاون بناء و مثمر و ما التجربة المغربية في هذا التعاون الا رافعة أساسية و نموذج واعد حقيقي و وواقعي. الفرنكفونية في المغرب بخير ، تضيف Robalo، كما أن الوكالة ستدعم مثل هذه التظاهرات لما لمنافعها الواقعية. ادريس أبلالي ،الأستاذ الجامعي و الباحث المغربي بجامعة " بيزنسون" بفرنسا و هو من الكفاءات المغربية الواعدة في مجال اللسانيات و السيميائية و عضو اللجنة المنظمة، أعرب عن أمله في تطوير مثل هذه التظاهرات و أن فكرة تنظيم هذه الندوة و بهذا الحجم هي قناعة حقيقية و دالة على روح التعاون و تشبث الأطر المغربية بالتعاون الأكاديمي و جلب الخبرات ، كما أن قيمة الضيوف يعطي لكلية الآداب و العلوم الإنسانية قيمة مضافة و أن نجاح الندوة هو وسام لكل من ساهم في إعدادها طيلة السنتين الماضيتين. مواكبة منا لهذا الحدث العلمي الهام انفردنا بحوار حصري مع الدكتور ادريس أبلالي للحديث عن أهداف الندوة الدولية وخصوصياتها ومحاور متعددة حيث أننا اكتشفنا فيه عمقه النضالي و غيرته على الهوية الثقافية و العلمية المغربية. حوارنا مع الدكتور ادريس أبلالي كان شيقا حيث أعرب من خلاله عن مدى ارتياحه لمستوى التنظيم، كما شدد من خلاله أيضا على أن الهدف الأسمى من الندوة المنظمة بمراكش هو هدف علمي ويتمثل في استقطاب جامعة القاضي عياض لباحثين دوليين من العالم أجمع وهم بالطبع من خيرة الخبراء و المتخصصين من أجل تقريبهم من نظراءهم المغاربة خصوصا الطلبة الدكاترة و طلبة الماستر و تعريفهم بماهية البحث العلمي بالجامعة . حيث و كما هو معلوم أن البحث العلمي هو التفكير في اطار نظري و ابيستيمولوجي محدد و بالتالي دراسة منظومة مركزة. أسئلة سنحاول من خلالها التعرف عن الاطار المغربي ادريس أبلالي بفرنسا و دوره في تقريب خبراء دوليين لنظراءهم المغاربة و دوره كذلك في استقطاب تنظيم الندوة بمراكش و محاور أخرى. - الدكتور ادريس ، ربما سؤالي الأول عن ضيوف ندوة مراكش، من هم؟ و ما مكانتهم ؟ فعلا، اللجنة المنظمة استضافت أربع شخصيات من كبار الخبراء في الأجناس اللغوية عبر العالم مثل : Jean-Pierre BERTRAND، و Jacques FONTANILLE و François JOST وذلك لتقديم محاضرات عامة حول مواضيع الأجناس اللغوية والتحليل و العلوم الانسانية وهو ما شكل اليوم مرجعا علميا نفتخر به و بالتالي ندوة مراكش الدولية أصبحت من ضمن المراجع العلمية الدولية. و بالمناسبة فالضيوف الكبار كانت لهم مجموعة من اللقاءات العلمية مبرمجة على مدى ثلاث سنوات و مراكش شكلت موعدا أيضا لهم وهو تحدي كبير رفعناه لكسبه و هو ما تم بالفعل. - أعود بعجالة لتذكرنا بالقيمة المضافة لندوة مراكش الدولية حول الأجناس اللغوية؟ ان ندوة مراكش أعطت قيمة اضافية لمجموعة شراكات بين جامعة القاضي عياض و جامعات أجنبية سواء لتسهيل حركية الأساتذة الباحثين أو لتنشيط البحث العلمي وفق طلب عروض يغذي الأسس المشتركة بين التكوينات الجامعية المغربية والفرنسية في مجال العلوم التي تشملها مواضيع الندوة الدولية و هي بالأساس علوم الاعلام والاتصال و علوم الخطاب و الآداب و الفنون و السينما و وسائل الاعلام... - علمنا أن تنظيم الندوة كان مشتركا وهو سابقة في التعاون العلمي و الأكاديمي ؟ التنظيم المشترك للندوة ليس وليد اليوم بل هو مجهود عملنا على ارساءه منذ ثلاث سنوات رفقة أصدقاء باحثين وهو ما نجم عنه ما شهدته مراكش اليوم. في هذا الاطار أؤكد لكم أن فكرة تنظيم ندوة دولية بمراكش ولدت في مدينة لشبونة بالبرتغال غداة ندوة دولية هناك منذ سنتين تقريبا، و هنا أنقل لجريدتكم و حصريا كواليس ميلاد فكرة التنظيم: " في لقاء مع سمير بدير Sémir BADIR وهو باحث جامعة لييج البلجيكية (FNRS) كان قدم نظم ندوة دولية حول تحليل الخطاب بجامعة السوربون ، بعد ذلك قمت بتنظيم ندوة بالمدرسة العليا للأساتذة بباريس بندوة حول الأجناس ، في ذلك الوقت اجتمعنا وبحضور الدكتور دومينيك دوكار Dominique Ducard أستاذ بجامعة باريس 12 ومدير المختبر الكبير CEDITEC ، خلال هذا اللقاء تم ميلاد فكرة التنظيم وتم طرح الفكرة رسميا . خلال لقاءاتنا المستمرة صرح أحدنا :" لما لا الندوة الدولية بالمغرب؟ " ومباشرة أجبته ولما لا بمراكش. تم الاتصال بالدكتور أيوب بوحوحو الغني عن التعريف و هو أستاذ بكلية الأداب والعلوم الانسانية بمراكش حيث أخبرناه بالفكرة و حيثتيات المشروع وأيضا مع عميدة الكلية الدكتورة وداد التباع ، فعلا كان المباحثات جدية و مثمرة و بناءة لما لصيتها العلمي و الأكاديمي من نتائج ، الفكرة نجحت والتنظيم تم على مدى سنتين والدليل الندوة الدولية تمت بنجاح وبمدينة مراكش. أضيف أيضا أن التنظيم المشترك للندوة بمراكش كان بين جامعة القاضي عياض وثلاث جامعات أروبية و لم يطرح أي مشكل، شخصيا المشاكل التنظيمية تستحضر ولكن يتم التغلب عليها باعتبار تجربتي المتواضعة في تنظيم مثل هذه اللقاءات الدولية، و هنا يجب التنويه و الشكر الجزيل لعميدة كلية الأداب والعلوم الانسانية وداد التباع لما عهدناه فيها و مستوى التعاون مع اللجنة التنظيمية في تجاوب حضاري قل نظيره وهي فعلا تستحق لقب المرأة الحديدية فشكرا لها وهي عبارة نابعة من احساس عشناه و بدون مجاملات. ودون اغفال طاقمها الذي سخر لنجاح الندوة وبكل المقاييس" ماذا عن الحضور المكثف الذي طبع ندوة مراكش؟ كما لاحظتم أن الندوة و منذ افتتاحها عرفت حضورا لافتا من خبراء و مهتمين و طلبة باحثين مغاربة و أجانب و هنا لابد من الاشارة الى الجهود التي بدلت في التعريف بالندوة ولا بد أن نشكركم على تغطيتكم المكتفة للندوة و تنويه بالسبق الاعلامي الذي حضيتم به وهي نقطة ايجابية للصحافة الجادة. كما يجب التنويه بعمق التجاوب الذي أبرزه مجموعة كبيرة من طلبة كلية الآداب والعلوم الانسانية بمراكش و أساتذتها حيث كان تنشيطا لافتا و تجاوبا عميقا و احتكاكا ايجابيا مع ضيوف الندوة و هذا هو ما نصبو اليه. وماذا عن التمويل و الدعم اللوجيسيكي ؟ كل الأطراف كانت حاضرة ، لكن وجب التذكير أنه ، وفي اطار الرحلات المكوكية التي قمت بها الى مراكش لترتيب اللمسات اللوجستيكية و الفنية لتنظيم الندوة أود من خلال منبركم أن أشكر المعهد الفرنسي بمراكش على الدعم الكبير الذي منحنا اياه و التعاون الجاد الذي أبانته مسؤولة قسم التعاون والأنشطة الثقافية السيدة Claude Cortier في توفيرها لكل أشكال الدعم اللوجيستيكي و الفني و تذاكر السفر عبر الطائرة للضيوف اضافة الى الاقامة و هو عمل ننوه. ادريس ابلالي ، اطار مغربي بفرنسا ، تنظيم الندوة من هذا الحجم بمراكش: هل هو رجوع أكاديمي للبلد الأصلي، تشبت ، ضرورة أم نشوة ؟ ادريس ابلالي هو مغربي حتى النخاع، متشبت بكل قيم المواطنة ، غادرت المغرب منذ 20سنة تقريبا لإكمال مشواري الدراسي بفرنسا، أنا جد متجدر بثقافتي المغربية و بتاريخ بلدي وبرائحته و ألوانه و روح التسامح التي تسوده و التطور الذي يعرفه. خلال تكويني بفرنسا التقيت بباحثين دوليين كبار و الذين رسموا في مخيلتي طابع تنوير الآخر بالعلم بكل تواضع و جدية, انطلاقا من هذه التجربة العلمية البسيطة أحاول أن أتقاسم مع نظرائي المغاربة و أبناء بلدي لخدمة الحقل العلمي المغربي و لإشعاعه خدمة لتكوين بيداغوجي أصيل هادف وبناء عبر مجموعة من الأنشطة العلمية كمواكبة الشباب الطلبة الدكاترة ، تنظيم ملتقيات علمية هادفة تنمية البحث العلمي لدى الباحثين والأساتذة الشباب و ذلك بمدهم بكل الوسائل للاندماج في مختبرات البحث العلمي الفرنسي و الأروربي و مشاركتهم في ورشات بيداغوجية تهم البحث العلمي خارج المغرب والكل يعرف قيمة هذا العمل. ماذا عن مشاريعكم المستقبلية ؟ فعلا هناك مشاريع لم يحن الوقت بعد لذكرها ، لكن أطمئنكم أننا نعمل مع جامعات مغربية في هذا الصدد و نذكر الأستاذ أنور بن مسيلا من جامعة مكناس و الأستاذة ليلى المسعودي من جامعة القنيطرة و الأستاذ حسن مستير من جامعة الرباط ، أشغال برمجت على مدى السنتين القادمتين . هناك أيضا مسألة التأطير الخاص بأطروحات و بهذا الصدد تلقينا مجموعة من الطلبات للتسجيل ، هناك أمل ... إدريس ابلالي ، تجربتكم و دعمكم للبحث العلمي ببلدكم الأصلي واعدة ، ما هي رسالتكم؟ لقد عملت على تكوين مجموعة كبيرة من الباحثين بالجارة الشقيقة الجزائر، اذكركم أنني عضو مؤسس لمدرسة الدكتوراه الجزائرية الفرنسية EDAFو المسماة اليوم LAFEF و التي تهتم بتكوين متخصصين و تعتبر من أكبر المدارس في تاريخ التعليم العالي بالجزائروفرنسا. في هذا البرنامج قمنا ( أساتذة من فرنسا) بتأطير أكثر من800 خريج بالجزائر و لدينا اليوم أكثر من 600 بحث دكتوراه في تعاون مشترك بين جامعات البلدين. لقد أشرفت على عدة تكوينات بالجزائر و مختبرات للدراسات و الأبحاث و ورشات الدكتوراه لنظرائي الجزائريين كما أنني أشرف على 10 أطروحات لطلبة دكاترة بهذا البلد .انه مشروع بميزانية تقدر ب 6 مليون أورو و الذي مكن الجزائر من اعطاء نفس جديد للعلوم الانسانية و الديداكتيك و الأدب و علوم الاعلام و التواصل. البحث العلمي بالمغرب ، هل هو في صحة جيدة ؟ للأسف البحث العلمي بالمغرب لا زال يعاني و خصوصا في العلوم الانسانية انه في أزمة منذ 20 سنة وبدورنا نلاحظ أن المشاركة والحضور المغربي ببعض الندوات الدولية تكاد تكون منعدمة حيث قليل من الباحثين من يهتم بالبحث على الصعيد الدولي. أظن أن مثل هذه المشاريع و التي سردناها من قبل كفيلة بالنهوض بهذا المجال لضمان استمرارية حقيقية للإشعاع المغربي و لتمكين الباحثين المغاربة من التواصل و الانفتاح على مختلف الجامعات لكل تخصصاتها مما يضمن تطورا مؤكدا للبحث العلمي و الأكاديمي بالمغرب وخصوصا في العلوم الانسانية. هل هناك منتدى للأساتذة الباحثين المغاربة بالمهجر؟ وهل من مشاريع في الأفق؟ هناك مشاريع مثل : Averroes, et Volubilis القائمين منذ مدة ، وبهذه المناسبة أشجع زملائي المغاربة على الانخراط في هذه البرامج. كما أوجه ندائي عبر هذا المنبر لكل من أجل التعبئة و طرق كل الأبواب لتوقيع اتفاقيات وشراكات بين الجامعات المغربية والأوروبية، كما أدعوهم لتقديم عروض برامج تخص البحث العلمي المتبادل . البحث العلمي يتم بمحاكاة الأخر و التقارب مع الآخرين لدى وجب التحلي بالشجاعة الكافية من أجل البحث العلمي. ما هو احساسكم و أنتم في نشوة نجاح ندوة مراكش الدولية؟ أؤكد لكم أن جهود الجميع كانت مثمرة و جادة و الدليل العدد الهائل للمراسلات التي أتوصل بها من المهتمين و المهنيين ينوهون بنجاح الندوة علميا و تنظيميا و هذا وسام لنا و لكلية الآداب و العلوم الانسانية في شخص السيدة العميدة و كذا في شخص أيوب بوحوحو رئيس شعبة الدراسات السينمائية و السيد رئيس جامعة القاضي و الذي يعتبر مفخرة الجامعة ، فالجميع ساهم كل من دائرة اختصاصه على انجاح مهمتنا بكل مهنية. أخيرا، كلمة للقراء و للرأي العام عامة؟ ختاما ، تحية خالصة لكل شرفاء البلد و الذين يساهمون لتطوير الحقل الأكاديمي و تنمية روح العمل الجامعي و تحية خاصة لكم على الحضور القوي و المهني طيلة أشغال الندوة كما أشكر كل من ساهم من بعيد أو قريب لإنجاح هذه التظاهرة العلمية في نسختها المغربية و خصوصا بقلب مراكش العالمة." خبراء دوليين و مهتمين باحثين مثل Jean-Pierre BERTRAND، و Jacques FONTANILLE و François JOST إضافة إلى أساتذة باحثين وطلبة مغاربة وأجانب في لقاء مراكش الدولي حيث فضاءات كلية الطب و الصيدلة احتضنت لقاءات العلوم الإنسانية ما يمكن اعتباره تلاقح ايجابي لتسخير العلوم بصنفيها لخدمة الإنسانية.