انعقد المؤتمر الإقليمي حول التربية والتعليم بإفريقيا أيام 18-19-20 أبريل 2012 بالرباط/ المغرب تحت شعار " من أجل تعليم عمومي مجاني وجيد للجميع" بتنظيم المنظمة الديمقراطية للتعليم العضو في المنظمة الديمقراطية للشغل ODT تنفيذا لتوصيات المؤتمر السادس عشر 16 لاتحاد النقابات العالمي FSM وبمشاركة النقابات الإفريقية العضوة بالاتحاد ومنتدبيه وعدد من الفعاليات الفكرية والسياسية والجمعوية والحقوقية، في ظل ظرفية سياسية اقتصادية واجتماعية تتسم بتواصل الهجمة الشرسة للنظام الرأسمالي النيوليبرالي المتوحش بقيادة الدوائر المالية ومراكز القرار الدولي، وكذلك باستمرار الأنظمة الاستبدادية الإفريقية الحليفة لها مما يساهم في تمرير المخططات التدميرية والتفكيكية لاستنزاف الموارد الطبيعية لهذه القارة وضرب وحدة شعوبها التي تعيش حالة من الحراك الاجتماعي تجسد توقها إلى الانعتاق والتحرر وتحقيق مطالبها المشروعة في الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وبعد تدارس وضع التربية والتعليم بإفريقيا وما يتسم به من حالة هشاشة فظيعة تنعدم فيها أبسط مقومات الارتقاء بالمدرسة العمومية إلى تأمين أدوارها الأساسية في البناء الاجتماعي. وإزاء هذه الأوضاع المتردية والخطيرة، فإننا : نعبر عن قلقنا الشديد إزاء الأخطار الجدية التي تهدد المدرسة والتعليم في إفريقيا بما يعيقها عن الإيفاء بدورها الريادي والطلائعي في تحقيق الانتظارات الاجتماعية. أن فرض المشاريع التعليمية الجاهزة التي تمثل إملاءات قوى النهب الدولي تحت مسميات براقة من قبيل الجودة والحوكمة (الحكامة) وربط التكوين بالتشغيل وهي مؤامرة جديدة لحل مشاكل الكبار على حساب الصغار والأغنياء على حساب الفقراء، مما يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا. نقدر أن العملية التعليمية هي رؤية تلخص فلسفة المجتمع والإنسانية جمعاء في نحث ملامح الإنسان الجديد المتجذر في واقعه والمنفتح على المشترك الكوني الرحب. وهو ما يتعارض مع الهجمة النيوليبرالية المتوحشة التي أجهضت الثقافات المحلية وصادرت القيم الكونية المشتركة وحولت الأوطان إلى أسواق والمواطنين إلى أرقام ومستهلكين. ندين انخراط الدول والحكومات الإفريقية في تمرير مشاريع ما سمي باطلا بإصلاح التعليم التي تسعى إلى مصادرة عقول أبنائنا بعد سرقة ثروات أوطاننا، وذلك بترويج منظومة تعليمية تكرس التبعية بدل الاستقلالية وترسي برامج ومناهج تمهد لمزيد انتشار ثقافة الاستهلاك بدل ثقافة البناء والإبداع والإنتاج. نندد بالسياسات التعليمية الحكومية التي ترمي إلى محاصرة الأسرة التعليمية بجملة من النصوص التشريعية والإجراءات الترتيبية التي تفرض عليها التقاعد الإجباري عن القيام بدورها الطلائعي في قيادة عملية التغيير الاجتماعي وإكراهها قسرا على الاكتفاء بدور تمرير المعلومات. هذه السياسات التي تعمل وفق مخطط منهجي لتصفية مكانتها الاعتبارية وحرمانها من أبسط حقوقها الأساسية بما يقلص من فرص مشاركتها في إدارة الشأن العام. ندعم بقوة الحراك الاجتماعي المطالب بإزاحة الأنظمة الاستبدادية في المنطقة ونرفض في مقابل ذلك بشدة مخططات الاستعمار الجديد التي بدأت من ليبيا وتسللت إلى دول جنوب الصحراء. نعلن عن مساندتنا المبدئية لنضالات الأسرة التربوية وندين محاولات بعض الحكومات الرامية إلى الإجهاز على الحق في الإضراب. وإزاء هذه التحديات التي تستهدف قارتنا المناضلة وترمي إلى حرمانها من حقها الطبيعي في الرقي والتطور وتحقيق غايات شعوبها وطموحاتها في الحرية والكرامة والعيش الكريم، فإننا نطالب بما يلي : 1. تنسيق جهود القوى الوطنية والتقدمية من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية والتصدي لكل المشاريع الإمبريالية التي تسعى إلى تدميرها وتصفيتها من خلال تحويلها إلى شركة ربحية تقوم على تسليع المعرفة وتسويق التعليم. 2. إلزام الحكومات بضمان مجانية التعليم ووجوبيته وتحقيق جودته في بعدها المعرفي والقيمي والإنساني بما يكفل تأهيل الإنسان لتحقيق النهضة المجتمعية. 3. إعادة الاعتبار للأسرة التربوية ماديا ومهنيا ومعنويا وإخراجها من واقع التهميش حتى تضطلع بدورها الحقيقي في الإجابة عن أسئلة المدرسة وحل الإشكاليات الاجتماعية. 4. الكف عن استهداف العمل النقابي والتضييق عن النقابيين بما يعيقهم عن أداء واجباتهم النقابية وضرورة التعجيل بمصادقة الحكومات على الاتفاقيات الدولية الضامنة للحقوق النقابية والحريات الأساسية. 5. تطوير أشكال التنسيق بين المنظمات النقابية على المستوى الإفريقي والعالمي بما يخدم عولمة النضال لوقف هيمنة العولمة الرأسمالية النيوليبرالية المدمرة لكل القيم الإنسانية والعمل على ترسيخ قيم التسامح والسلم والتعايش بين شعوب العالم. 6. العمل على حفظ كرامة العمال المهاجرين وصون حقوققهم في بلدان المهجر وعلى رأسها الحق في التعليم. 7. عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الفقيرة والشعوب المستضعفة التي تعاني من مظاهر التفقير والتهميش والحروب والصراعات المسلحة المفتعلة لضرب استقرارها وتمزيق وحدتها واستهداف هويتها الوطنية. 8. انخراط كل الأصوات الحرة في فضح المخططات النيوليبرالية المعادية للإنسانية والتي كشفت أزمتها المالية منذ 2008 عجزها على تحقيق وعودها تجاه البشرية جمعاء. 9. التصدي لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وتقديم كل أساليب الدعم المتاحة لنصرة القضية الفلسطينية وبناء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأمام هذه التحديات الإقليمية والدولية في هذه المرحلة التاريخية العصيبة المتسمة بهجمة عصابات رأسمال على المؤسسات الوطنية وعلى رأسها المدرسة باعتبارها مؤسسة طلائعية، فإننا ندعو الأمانة العامة لاتحاد النقابات العالمي إلى الانطلاق في التحضير لعقد مؤتمر الاتحاد العالمي لنقابات التعليم FISE قصد مناقشة القضايا الكبرى والمشاكل المستجدة في مجال التربية والتعليم إقليميا ودوليا وتقديم البدائل والمقترحات والحلول الكفيلة بالنهوض بأوضاع التعليم العمومي الذي يمثل الرافعة الحقيقية للمجتمعات في سعيها الدؤوب من أجل تحقيق الرقي والتقدم والازدهار. المؤتمر الإقليمي حول التربية والتعليم بإفريقيا الرباط، في : 20 أبريل 2012.