عمر الميثاق الوطني للتربية والتكوين لحوالي عقد من الزمن (2000-2009)، معلنا العشرية الوطنية للتربية والتكوين، وقطاع التربية والتكوين ثاني أسبقية/أولوية وطنية... ورغم انطلاق مشاريع البرنامج الاستعجالي سنة 2009، والذي "اعتمد في صياغته على التقرير الوطني الأول حول حالة منظومة التربية والتكوين وآفاقها الذي أصدر سنة 2008 من طرف المجلس الأعلى للتعليم" (الوزارة)، لم يتم تجاوز هذا الميثاق كليا، وبقي أو على الأقل جزء منه معتمدا بهذه الصيغة الشكلية أو تلك. وقد يكون التهرب من تقييم حصيلته ومساءلته، الخلفية التي أطالت عمره و"جرجرته" كإحدى مرجعيات البرنامج الاستعجالي. والآن (2012)، ونحن على مشارف نهاية عمر هذا البرنامج، ما العمل؟ لقد كان معلوما ومنذ البداية، المدى المحدد للبرنامج الاستعجالي (2009-2012). واسم هذا الأخير كاف لتوقع إرساء خطة جديدة أو تصور جديد لمجال التربية والتكوين، بحيث نكون قد تجاوزنا الحالة أو الوضعية الصعبة التي استدعت اللجوء الى برنامج استعجالي. أي أن هذا الأخير، من المفروض أن يكون قد عالج الاختلالات التي تم رصدها في المرحلة السابقة، ليس فقط من طرف المجلس الأعلى من خلال تقريره لسنة 2008، بل كذلك من طرف البنك العالمي ومؤسسات دولية أخرى. ما رأي السيد خشيشن؟ وما رأي السيد المالكي؟ والسيدة العبيدة؟ "هل دخول الحمام بحال خروجو"؟ إنه من المؤسف القول إن العديد من المشاريع لم تنجز، ومشاريع أخرى لم تكتمل. وذلك لدرجة يمكن القول معها إن ما كان يحكم المعنيين أو المنظرين للبرنامج الاستعجالي هو فقط اقتراح الأفكار "الجميلة" والمشاريع "النبيلة" من أجل جلب الأغلفة المالية وتبديرها/نهبها دون استحضار آليات تنزيلها على أرض الواقع وشروط متابعتها، أي دون ترشيد أو حكامة أو مسؤولية... وما يجعلنا أكثر انتظارا "للجديد" هو وجود حكومة "جديدة". فهل ستقوم هذه الأخيرة بطرح تصور "جديد" للمنظومة التربوية وبالتالي إقبار الميثاق والبرنامج الاستعجالي، أم أنها وبالموازاة مع إنزال تصورها، أو تصور حزب الاستقلال (الوفا الوزير الاستقلالي)، ستقف عند نتائجهما وتسائل المسؤولين عنهما بكامل الشفافية وانسجاما مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة والميزانيات الضخمة (المال العام) التي أهدرت أو تبخرت دون أن تترك أثرا فعليا وملموسا على واقعنا التربوي؟ يبدو أن الوزير الجديد لن يتجاوز حد التعبير عن الامتعاض والتلميح بفشل البرنامج الاستعجالي وإعلان الإفلاس (ما كاين حتى ريال)... إن كل المؤشرات تدل على أن المبدأ الجوهري للبرنامج الاستعجالي، أي "جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين" لم يتحقق، وأن خطة العمل التي اقترحها لم تحقق كامل أهدافها، مثل: - التحقيق الفعلي لإلزامية التمدرس إلى غاية 15 سنة؛ - حفز روح المبادرة والتفوق في المؤسسات الثانوية وفي الجامعة؛ - مواجهة الإشكالات الأفقية للمنظومة التربوية؛ - توفير وسائل النجاح. وبالتالي فإن السكوت عن حصيلة الميثاق الوطني للتربية والتكوين والبرنامج الاستعجالي (من E1P1 الى E4P3: 27 مشروعا)، والتي لن تكون إلا حصيلة بئيسة، سيكون مؤشرا على التواطؤ وعلى النية المبيتة في تكريس نفس الأوضاع القائمة والتي لا تخدم بأي شكل من الأشكال المواطن (ة) المغربي (ة). كما أن عدم مساءلة المتورطين فيما آلت إليه هذه الأوضاع "سيشرعن" الإفلات من العقاب في تحد سافر للشعارات المرفوعة (الإصلاح ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة...) وللتوجه العام الذي تسير فيه أمم العالم أجمع.