وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" صدق الله العظيم " لا اشكال في ان نختلف في التقدير السياسي يا اخ مرتضى ( الاخ الذي اعلن انسحابه من حركة 20 فبراير بالحسيمة )و لا اشكال في النقد الذي تمارسه على ممارساتك و ممارسات الاخرين النضالية و اختلافك معنا في "تبني" خطابات سياسية متباينة ليس من الضروري ان نجمع عليها الا ان ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية على لسانك بخصوص بعض مواقفك و ارائك بخصوص مسيرة حركة 20 فبراير و ما تلوكه الالسن عن حيثيات انسحابك وتفاعلك الايجابي مع الدستور الجديد اثارني و ارتايت ان احاورك بهدوء و بصراحة مع املي ان افهم منك اكثر كما اريده هذه الاسطر فرصة للتوجه بالحديث الى بعض المتوجسين من تواصل الاحتجاجات في الشارع . ما اثارني حقا اخي مرتضى هو فكرة التسويق الاعلامي النوعي لانسحابك من الحركة الذي صار مثار قيل وقال مع ان الامر كان من الممكن ان يتم بهدوء كما فعل اناس كثيرون قبلك و بعدك, و كما يفعل غيرك من الملتحقين الجدد بالحراك الشعبي ممن اقتنع برؤى الحركة و امن بمشروعية مطالبها و مصداقية شبابها . رايي الشخصي انه كان من الاجدر لك العمل بهدوء المناضل الصادق من الموقع الجديد الذي "ارتضيته" لتحصين مكتسبات الشعب والاجتهاد في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر تاسيا باراء الراسخين في العلم الشرعي و الدنيوي,وهذا لن يجعلك خارج افقنا الجماعي الا و هو درء الفتنة و تحصين اللحمة الوطنية حتى لا تنزلق مكونات المجتمع المغربي من هذا الطرف او ذاك الى سلوكات بلطجية -من قبيل التفرعين في الشارع و خرجات اعلامية تضر باصحابها و بالوطن اكثر من ما قد تسيء الى غيرهم و استغلال بشع للدين و تظليل للافراد بكلام غارق في الشعبوية عن طاعة اولي الامر و العلمانية و الديموقراطية- ستكون وبالا على الجميع . اما ما جاء في كلامك صديقي مرتضى عن الحركة بعيد انسحابك فهو لا يخدم بالمطلق نضالات شباب المغرب هذه الايام الذي يتوق للحرية ,اذ ان منطق التنازع و تبادل الاتهامات المجانية لن يزيدنا كشباب الا تفرقة و تشرذما وهذا لن يخدمنا و لن يخدم وطننا بقدر ما سيكون فرصة ذهبية لاستدامة من تسلطوا على رقابنا , و انا متاكد انك و ستظل ان شاء الله دوما في صف المجاهدين المؤمنين بالعدل, عدل لن يكون في غيابه معنى لتوصيفات قد تستغل من طرف بعض ضعاف النفوس لتمويه النظالات الحقيقية للمواطنين من قبيل اسلامية الدولة و غيرها . لا اخفيك اني كنت فضوليا لمتابعة تعليقاتك على الفايسبوك فهذا كان يجعلني اغير قناعة ارتسمت بذهني حول اناس يسمون انفسهم سلفيين سائرين على منهج السلف الصالح و كنت فعلا تفاجئني بكلام جميل ترفض من خلاله كل عبودية في السياسة ,كلام كان حضورك الجاد و الدائم في فعاليات الحركة يصدقه. اقتران للقول بالعمل ترجم حسا نضاليا فريدا بين شباب الوطن مرتكزا على دافع ديني قوي . لذلك رغم صدمتي بموقف انسحابك فقد صممت على احدثك و استفسرك و كلي امل على ان سوء فهم قد وقع و امنت منذ البداية بضرورة رفع الالتباس عن الحدث انصافا لك و للحركة .فليس شباب الحركة شبابا يرتضي لنفسه اسلوب اقصاء من يختلف معهم و لست انت بالمقابل شخصا متلونا, فالقواسم المشتركة بيننا اكبر من ان تنال منها كلمات من هنا او هناك ,كما ان شباب الحركة و الحمد لله في الحسيمة و عبر ربوع الوطن يحق للمغاربة جميعهم ان يفخروا بقناعاتهم و اصرارهم على التغيير وانت اخي مرتضى واحد من بينهم على ما عهدناه فيك من اباء ونزوع نحو الحق . للاسف الشديد شيئ ما تغير , بل الادهى و الامر ان ما تغير سقت له من المبررات ما اضعف من وجاهة وجهة نظرك ,اذ ان احد المواقع نقل عنك ان الحركة تخاف من فقدانها لجماهيرها في حال ما اذا كشفت حقيقة ضحايا 20 فبراير و لمحت الى ان الحركة لا تسير في اتجاه وضع الملف على سكة الحل و تود احتكارها التحدث باسم عائلات الضحايا و قضيتهم , اخي مرتضى رغم ان ما اتوفر عليه من معلومات عن هذا الملف شحيحة للغاية الا اني اريد ان اشير ان الحركة على ما يبدو للجميع لا تمنع أي جهة جمعية كانت ام حزبا ام غيرهما من الدفاع عن ضحايا الماساة و مساندة عائلاتهم و هذا من باب التوضيح و الانصاف شيئ خر لم افهمه هو غبطتك بما جاء به الدستور الجديد وهو الموقف الذي يشاركك فيه الكثير من المغاربة ,فرحة تناقضت في نظري الى حد بعيد مع ماكانت الحركة- و انت من داخلها بعد دستور 9 مارس- تهتف به في شوارع من شعارات رفضت منهجية اعداد الدستور واستشرفت محدودية افق عمل لجنة صياغته . اما مانقل عنك كتهديد شعرت به جراء توحد "الريفيين" ضد الحركة و نصحهم لك بانها "عيقات" فاني اقول لك بان الخروج الى الشارع بشكل قوي و مكثف لا يزال في المغرب امرا مثيرا للخوف لدى الناس خصوصا اذا كان في ظرفية اقليمية مريبة , كما انك تدرك اخي مرتضى ان من تصدوا بالتشكيك و الرفض للاحتجاجات الشعبية تختلف دوافعهم و دفوعاتهم .و لا داعي للتفصيل في هذا الجانب هذا دون ان نتناسى ان اغلب الرافضين لمواصلة الاحتجاج قد اخترقت صفوفهم مغالطات من بعض الجهات المغرضة مع وجود تقصير على مستوى التعبئة و التواصل مع من يجدون صعوبات في استيعاب رؤية الحركة .ولك في تعامل الاحزاب مع الحركة عبرة. لا اريد ان تفهم من كلامي الا الخير معنى و مقصدا .انني فقط اريد ان اشير الى ان رفضنا الجماعي لدستور ممنوح لا يضمن فصل السلط و مطالبتنا باصلاحات سياسية عميقة قبل الاستفتاء هو نفس ما يؤسس لمواصلة الاحتجاج بعده, لذا لا افهم كثيرا كيف كنت تضم صوتك الى صوت الناس في الشارع من اجل هذه المطالب الشعبية المشروعة في الايام الماضية وصرت غير مقتنع بالاستمرار رغم ان الدستور الجديد الذي يتغنى به البعض- في غياب اشارات اصلاح سياسي مرض- غير كاف لاتخاذ الموقف الذي فاجاتنا به . انا من عادتي اني احترم اراء من اختلف معهم سياسيا رغم اني لا اتهاون في رفع سياط النقد لجلد صدورهم, دون ظهورهم طبعا . وما ردي على مبررات انسحابك الا نقاش علني معك بخصوص اختياراتك التي يجدر بالجميع احترام حرية تعبيرك عنها . معركة 20 فبراير- بتعبيراتها و نضالاتها المختلفة - كما كنا نهتف جنبا الى جنب يا اخي برفقة مئات الالاف من شباب الوطن هي معركة من اجل الديموقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية و لا احد سعى او يسعى لبذر الفتنة و نشر الخراب الا في حالات معزولة لاعتبارات نعرفها جميعا, و هي معركة متواصلة و الحمد لله , بل انها لا زالت تنال مع مرور الوقت تعاطف شرائح و اسعة من الافراد ,رغم عدم مشاركة فئات كثيرة من المتعاطفين في اشكالها النضالية لاعتبارات مختلفة. اما مواصلة الشباب للاحتجاج -بعد الاعلان عن نتائج الاستفتاء - و التي لم يستسغها احد - فقد اعتبرت نقطة ايجابية حتى من لدن اعضاء داخل لجنة صياغة الدستور- الطوزي و ساعف- بوصفها مرشحة لتشكل ضغطا شعبيا يقظا من اجل توسيع و تفعيل " الاصلاحات السياسية و غيرها." .اما ما يتعلق بالاصوات التي استنكرت مواصلة الاحتجاج في اعقاب الاستفتاء على اختلاف زاوايا النظر لديها للموضوع فهي في نظري لا تعي ان التظاهر السلمي يمكن ان تستثمر كمدرسة لتنشئة سياسية بالغة الاهمية , يفترض ان تقابلها السلطات بانتباهها للمطالب المطروحة و تتعهد اصحابها بالحماية من السلوكات العدائية العنيفة التي قد تطالهم من هذه الجهة او تلك , اذ ان اقتراب الشباب من السياسة هو امر صحي للغاية, و تعلمهم انتزاع مطالبهم خصوصا ان كانت ذات بعد وطني شعبي باشكال حضارية هو درجة عالية على سلم المدنية .شخصيا لا افهم سر هذا التحامل متعدد المصادر و المستويات على حركة 20 فبراير واستنكارهم شديد اللهجة لموقفها بمواصلة احتجاجاتها , خصوصا من طرف جهات احتفلت بقوة المشاركة الشعبية , و التي ايدت الدستور بنسبة مطمئنة ,جهات تطالب الحركة باحترام راي الاغلبية -على فرض اننا نشكل اقلية - بدعوى الانضباط للمبدا الديموقراطي . كلام جميل لو صدر من جهات ذات مصداقية , اما ان يصدر من اناس هم اول من يكفر بالديموقراطية عندما ينكرون على الاقلية مواصلة الايمان بافكارها السياسية و النضال من اجلها فهذا يجعل جماهير الحركة لا تعبا بهذه الدعوات و تتجاهلها . اليست دعوتهم للكف عن التظاهر الشعبي العفوي بسقف مطالب واضح دليلا كافيا على ان من يتذرعون بنتيجة الاستفتاء ويركن اليها لدحض فكرة بداية تحول حركة 20 فبراير الى حركة شعبية واسعة الانتشار, هم اول من يشكككون في هذه النتائج ان نحن عمقنا النظر , ام انهم باتوا يخشون من مسيرات احتجاجية تنظمها اقلية- يفترض ان تكون ديكورا جميلا يؤثث صورة ما يسمونه بلدا ديموقراطيا – وهذا مؤشر قد يعبر على هشاشة ما يفتخرون به و يصفونه نتيجة عبقرية مغربية اصيلة. ام ان الاستشارة التي اجريت فيها نظر . للاسف الشديد لقد انتقل الصراع السياسي الى الشارع واشتد بسبب عدة عوامل, و لازال المتتبعون متوجسين من مالات هذا الحراك الاحتجاجي في غياب مؤشرات حقيقية لنزع فتيل نار الغضب و النقمة,اذ ان الحركة مصممة على مواصلة خيار التظاهر بالشارع العام في غياب تفاعل مرض من السلطات مع مطالبها المشروعة شخصيا اعتبر ان المغرب بعد 20 فبراير يعيش طفرة على بعض المستويات الا ان الامر لا يرقي الى اعتبار ما تحقق ضمانات حقيقية لتفادي عودة سريعة الى مغرب ما قبل 20 فبراير و املي كبير في شباب بلدي لمواصلة النضال من اجل اقرار اصلاحات تفي بضمان استقرار وطننا الغالي . اخي مرتضى ان معركتنا من اجل دولة ديموقراطية لم تبدا مع انطلاقة الربيع الديموقراطي كما انها لن تنتهي باي حال من الاحوال و لو بعد ان نشيد الدولة التي نطمح اليها,اذ اننا تعلمنا من اسلافنا ان تحصيل المكتسبات امر صعب لكن المحافظة عليها قد تكون اصعب , اما الوعي باختلافاتنا التي قد تكون جوهرية و الاقرار بها فهي من موجبات الديموقراطية. التي هي الية سياسية اجرائية لتدبير هذه الاختلافات ,لذلك فان للنضال اولويات في نظري و اولى اولوياته في هذه المرحلة صديقي العمل من اجل رفع الوصاية على الشعب الذي خرج للتعبير عن رشده السياسي ,ولك في خروج العدل و الاحسان و اليسار الجذري و غيرهم جنبا الى جنب تحت لواء نفس الحركة- رغم البون الشاسع في عقائدها السياسية و الذي لم تجد من تصريف له افضل من الاحتكام الى لعبة سياسية ديموقراطية تحتضن الجميع- عبرة . مع تحياتي