آش كاين : يكتبها : نبيل الخافقي الناس لا يعرفون من هو (قراقوش)، ولا في أي عصر عاش، ومن أين جاء، وما هي أحكامه التي يتواطأ العّامة وغيرهم، لكنهم اتفقوا جميعا على أنه قائد عسكري، مثال للظلم، والتعسف والاستبداد، وغرابة الأطوار، ولأنه لكل مكان وزمان قراقوشه، فإن قراقوش المجلس الجماعي مراكش أضحى مرفوضا، بل منبودا من طرف الجميع، لأن زمن قراقوش بعد 9 مارس فات وولى. جاء قراقوش ناصرا إلى مدينة مراكش، محاولا مرتين التبرك من الطريقة الجزولية، وهو ما تحقق له، وبامتياز بشهادة كل من عاين المرحلتين السابقتين، لكن شيخ الزاوية عرف كيف يحد من انتشاره، عبر تزكية بعض خصومه لكونه يؤمن بمقولة ( خوك في الحرفة عدوك) ليستمر قرقوش مهادنا، إلى أن أعلن ارتداده على مبادئ الطريقة الجزولية. فاطمة الزهراء المنصوري بنت الباشا، سليلة الأسرة العريقة، والمعروفة بمدينة مراكش، لم تكن تعرف قراقوش، إلا عندما وطأت رجليها مقر القصر البلدي، إذ مازلت أتذكر كيف ملء أفراد عائلتها بهوه لمعاينة ابنتهم تنتخب عمدة على مدينة مراكش، وكيف تسابق المنتخبون، وأصحاب الحاجات، والمستثمرون، للتقرب من بنت الباشا، حينها أثار انتباه الحضور قراقوش، وهو يختال بمشيته العسكرية، وسحنات وجهه الناصرة لكل قادم، حتى أصبح مثالا ل ( الله ينصر من صبح)، متقربا من العمدة، ليلعب دور الحارس الأمين ( البودي كارد)، ليتحول إلى لعب دور ( الحاضي) و ( الحامي)، وصاحب المخططات، والأفكار التي لا تنتهي، والسيف المسلط على الرقاب، فقام بإفراغ المجلس الجماعي من الأطر الكفأة، والتي لا تسبح في فلكه، وتؤمر بأمره في غفلة من عمدة المدينة . وتفتقت عبقرية قراقوش العسكرية، وأضحى يطارد معارضيه رافعا شعار ( ( دار ، دار ، زنكة ، زنكة ) حتى تأتى له الهدف والمراد ، واستطاع اقصاء مجموعة من الأطر، أين هو عمر الزهراوي المكلف بتدبير الملك؟ والمهندسون ( القاسمي، زغلول، بلقاضي، السلاوي، بلعزرية، حكيمة ...) واللائحة طويلة، وهي كلها كفاءات صرفت عليها الدولة أموالا طائلة حتى يتسنى تهميشها، ومحاولة التكيل بها، ليخلو له الجو، بعدما شوه صورة مجموعة من الأطر أمام عمدة المدينة مخافة المنافسة، فالمهندس زغلول بشهادة الجميع الرجل الذي يعرف حتى مخارج مياه الصرف الصحي بمدينة مراكش اختفى عن الأنظار، والسبب مقالب قراقوش. قد يتساءل البعض عن من يكون قراقوش هذا... قراقوش منتظم على سهرات الخمر والمجون مساء كل يوم بالخمارة المقابلة للحامية العسكرية كليز، فمن إن تلجها حتى يطلع عليك ببدله التي أصبحت مختارة من الماركات العالمية، وهو يجالس بعض المنتخبين، ممن ضاقوا درعا به، وأصبحوا يبحثون عن الأعدار لتفادي مجالسته، حتى أنه من علامات سهرات المجون لقراقوش سيارته التي توضع في الممنوع أمام مدخل الخمارة، معززة بعلامات الوقوف. واليوم أصبح جليا أن قراقوش هو الرجل الذي قاد عمدة مدينة مراكش إلى الحافة، وكان وراء بطء المساطير واختلال التدابير، وتعطل التنمية ومحاربة الكفاءات، وحجب الرؤية عن عمدة شابة جاءت بطموح كبير ترفع شعار التغيير لكنها اصطدمت بمخططات قراقوش، ومن سوء حظها لم تنتبه لقراقوش ومخططه المدروس، فرغم الشكايات والتظلمات ظل قراقوش يتحكم في خيوط اللعبة غير آبه بالعواقب ولا بالنتائج، واليوم افتضح أمر قراقوش الذي من المنتظر أن تنظم ضده وقفة احتجاجية قريبا بلافتة تحمل عبارة ( KARAKOCH DEGAGE ). قبل أن أنسى : لمن لايعرف الكاتب ابن مماتي : ابن مماتي هذا كاتب بارع وأديب طويل اللسان ، كان موظفا في ديوان صلاح الدين، وكان الرؤساء يخشونه ويتحامونه ويتملقونه بالود والعطاء، ولكن قراقوش، وهو الرجل العسكري الذي لا يعرف الملق ولا المداراة لم يعبأ به ولم يخش شره ، ولم يدر أن سن القلم أقوى من سنان الرمح ، وأن طعنة الرمح تجرح الجرح فيشفى أو تقتل المجروح فيموت، أما طعنة القلم فتجرح جرحا لا يشفى، ولا يريح من ألمه الموت ... فألف ابن مماتي رسالة صغيرة سماها " الفافوش في أحكام قراقوش " ووضع هذه الحكايات ونسبها إليه ........ وصدقها الناس . ونسوا التاريخ ... ليظل لكل زمن ومكان قراقوشه