للمسائية العربية/ مؤمن زكارنه – كاتب فلسطيني مقيم بالسعودية اعتدنا بنو يعرب على التأجيل منذ أمد ، فنحن قومٌ لا نتقن فن المواعيد و لا نحترف إيفائها ، حتى باتت سمة التأجيل و إخلاف الوعود من صميم هويتنا ، بل بتنا إن واعدنا بعضنا تمازحنا بالقول أن لا تكن بموعدك هذا عربياً يا صاح . لكن أن نترك المواعيد وإيفائها جانباً ، و أن نتقن بدلاً عنها فناً آخر مستوردٌ من قاع المسؤولية و الاهتمام ، أن نتقن فن التكويم .. هذا ما بدا واضحاً من إشهار الأيام مؤرخةً بمسمياتٍ مخصصةٍ ، فهذا يوم طفلٍ و هذا يوم امرأةٍ و هذا يوم يتيمٍ و هذا يوم الأسير ، فكأن الأيام مزدحمة لا تتسع لأن تكون عامة ، أو أن تشمل مسؤولياتنا تعدداً أو أن نكون على أضعف الإيمان أقرب من هؤلاء و أوفى لهم من حالنا حتى في أيامهم المعنونة بمسمياتهم . لا اعتراض على ذلك ، فجميلٌ أن نجعل يوماً لكلٍ من هؤلاء نذكرهم به ، نصلهم به ، نقطع لهم الوعود و العهود صريحةً بالوفاء ، أن نجعل من هذه الأيام أيام تدشين ، أن تكون أياماً تتكاتف بها الأيدي ، و تتضافر الجهود ، أن نجتمع لننجز أمراً ، أن نكون حقاً نحترم أنفسنا بأمرٍ يغفر لنا جهل انشغالنا .. لا أن نكون أفواهاً للكلام المنمق أو أن نسطر لهم الكلمات الرنانات ، و نبكي لهم و عليهم إن لزم الغثاء . اليوم و في شتى الوسائل الإعلامية تصدح الكلمات بيوم الأسير ، فكأني بهم أن هذا الشعب لا يعلم بالأسير ، أو أننا حقاً لا نعلم معنى الأسر ، و أنه فقط لمن سجنه الأعداء ، فإن لم يكن يعلم فنحن بالحقيقة كلنا أسرى ، ولكلٍ منا أسره الذي يعرفه ، فهذا أسير لقمته ، و هذا أسير قبيلته ، و هذا أسير جهله ، و هذا أسير فكره ، و هذا أسير شهوته ، و هذا أسير نفسه ، و إن من حسنة ستحسب لهم ، أو تحسب لهذا اليوم ، هي فقط أن يعلم من لا يعلم تعداد أولئك المغيبين عن الحياة بسجون الإحتلال بفلسطين و العراق و غيرهما . تعددت الأيام و الفكر واحد ، هذا ما نعيشه حاضراً و نراه مستقبلاً ، تأجيل البت بالضرورات و الاهتمام بالمتعلقات ، لأيام نسخر بها على أنفسنا لنثبت للآخر أننا على اهتمام ، و أننا لا ننسى و أن صلتنا بأبنائنا واردة لكنها محددة ، هذا ما آلت إليه أحوالنا ، عسى ألا تدنو للنسيان المحكم . [color=FA0309] * مؤمن زكارنه – كاتب فلسطيني مقيم بالسعودية