للأماكن والملابس والصور والحركات والألوان والأشياء ذاكرة نائمة كما كانت تنام معرفة الخير والشر في التفاحة الإلهية التي أكلت منها حواء وآدم في الجنة .. كلنا نسمع صوت البوق المميز الخاص بشاحنات جمع النفايات التي تطوف الأحياء في كل صباح وهذا الأمر أصبح مألوفاً للجميع وروتيناً يومياً لكن ماذا لو حدث وجاء يوم وسمع الناس صوت ذلك البوق في غير موعده ؟ من المؤكد أنهم سيهبون سراعاً لإخراج نفاياتهم فكيف نفسر ذلك ؟ لنعرف ذلك يلزمنا أن نعرف الرابط والذي بسببه تكون ربط عصبي لدى الناس بين شيئين هما صوت ذلك البوق وإخراج النفايات.. الرابط هو: إقامة علاقة بين مُدركين لاقترانهم في الذهن لعلةٍ ما.. وهناك تجربة للعالم الروسي إيان بافلوف توضح ذلك وتفسره حيث وقد أكتشف هذا العالم ظاهرة غريبة عندما كان يدرس كيفية عمل جهاز الهضم في الكلب ، وهذه الظاهرة أطلق عليها " الأفعال الشرطية الكلاسيكية " وهي توضح كيف أن المحفز الخارجي يمكن أن يرتبط باستجابة سلوكية معينة ، بعد هذا الاكتشاف أصبح بافلوف أحد العلماء المؤثرين في حقل علم النفس السلوكي وأصبحت تجاربه ونظرياته أساساً لكثير من الدراسات والبحوث التي سيطرت على حقل علم النفس لسنوات كثيرة لاحقة ولحد الآن . وتتلخص التجربة بالنقاط التالية: أولا/ إذا دُقّ الجرس قرب الكلب فإنه لا يفرز لعاباً في فمه. ثانياً/ إذا قُدّم الطعام وهو محفز خارجي غير شرطي (ucs) يستجيب الكلب استجابة غير شرطية (ucr) بإفراز اللعاب في فمه . ثالثاً / إذا تكرر دق الجرس مباشرة قبل تقديم الطعام فإن الكلب يستجيب استجابة غير شرطية بإفراز اللعاب للتهيؤ لالتهام الطعام. رابعاً/ وبعد محاولات عدة شرطية إذا استمر دق الجرس وهو محفز شرطي (cs) فإن الكلب يستجيب بإفراز اللعاب حتى دون تقديم الطعام ظناً منه أن الطعام سيعقب دقة الجرس وهذا ما يطلق عليه بالاستجابة الشرطية .. ونرى أنه تكون للكلب رابط عصبي بين دق الجرس والطعام وهو ما نحن بصدده ( الرابط ).. - سؤال : ماذا يمكن أن نستفيده من الروابط في إطار الحياة اليومية ؟ إننا من خلال الروابط وتقنيتها نستطيع أن نحقق نتائج باهرة في مجال تعليم الصغار في المدارس والبيوت من خلال عمل روابط تقوي الذاكرة لديهم وتساعدهم على الحفظ والفهم فمع الدرس يمكن عمل صورة ما أو لونٍ ما أو لحن كما هو موجود في تفعيلات العروض في بحور الخليل بن أحمد الشعرية فتكون رابطاً يذكرهم بالدرس يصعب نسيانه .. كما نستفيد من الروابط في تنشيط الدوافع الداخلية أو الاستجابة الفسيولوجية فقبضة الكف قد تصبح رابطاً يذكرنا بالقوة في الأوقات التي نشعر فيها بالضعف .. وفي مجال التوعية والإعلام نستطيع أن نقدم صورة قد تبدو عادية ولكنها تبلغ الأهمية القصوى والتأثير فقط بواسطة الرابط كعرضها بالمقلوب في سبيل توعية الناس فيما يخص البيئة مثلا فيرتبط فعل القراءة للوحة أو الرؤية للصورة المقلوبة مع فعل آخر هو لوي الرقبة وحركة الرأس فترسخ في الذهن وتؤدي التأثير المتوخى في نفوس من يراد توعيتهم ، وكذلك يمكن تقديم صورة مغايرة عن الإسلام في وسائل الإعلام المختلفة التي بسبب الروابط أيضاً تكونت عقدة الخوف من الإسلام والمسلمين لفظاعة ما يشاهده الناس أو ما يسمى ب" Islam phobia" .. كما يمكن أيضاً من خلال الروابط تنمية القدرات والمواهب ونشر الوعي في كافة المجالات.. والروابط قد تكون أغنيةً ما أو عطراً أو ملابس أو ألوان وما إلى ذلك فكل هذه الأشياء وغيرها تأخذ دلالاتها ومعانيها في نفوس الناس ولديهم من خلال ما ارتبطت به لديهم من مواقف سعيدة أو حزينة قوية أو ضعيفة بائسة أو جديرة بالتفاؤل ... هايل علي المذابي أديب وصحافي اليمن - صنعاء