استمرارا لأنشطتهما الثقافية والنقدية بكلية الآداب ابن امسيك بالدار البيضاء، نظم ماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، بإشراف مختبر السرديات الماضية، حلقة نقدية تحت عنوان ״بناء التأويل والتجريب في النقد المغربي״ حيث تمت قراءة ثلاثة نصوص نقدية مغربية حديثة لكل من النقاد: محمد معتصم وأحمد فرشوخ، محمد أمنصور، شارك فيها عدد من الباحثين والباحثات. ترأس هذا اللقاء الباحث إبراهيم أزوغ وأكد أن هذه الحلقة تأتي استمرارا للحلقات السابقة التي نظمها الماستر والمختبر والهادفة إلى مقاربة الخطاب النقدي المغربي في مختلف تجلياته، وقدمت الباحثة عزيزة أيت باها مداخلة تحت عنوان ״تأويل سؤال الذات والهوية في الكتابة النسائية ״ من خلال كتاب الناقد محمد معتصم ״بناء الحكاية والشخصية في الخطاب النسائي العربي ״مبرزة أن الخطاب الروائي أصبح أكثر الخطابات حيوية وخصوبة لكونه يجد أمامه الفرص العديدة للابتكار والإضافة وتحديد الرؤية الخاصة إلى الذات والهوية، ويتضح ذلك بالخصوص عندما لا يتوقف القارئ أو الناقد لهذا الخطاب عند حدود التفسير المتوقع للنص بل يتجاوزه إلى حريات التأويل وجمالياته. وقد انطلق فرشوخ من ثلاثة أعمال روائية هي״صورة وأيقونة وعهد قديم ״للروائية الفلسطينية سحر خليفة، و״حجر على حجر״ للروائية الكويتية فوزية شويش سالم، ثم ״بنت الخان״ ״وما بعد الحب״ للروائية العراقية هدية حسين، وذلك باعتبارهن تلتقين في بناء الحكاية والشخصيات وكذا السؤال الوجودي المرتبط بخصوصية الذات والهوية العربيتين والتلازم القائم بينهما، والروح السارية في مكونات العمل الأدبي لهؤلاء الروائيات. وقد اعتمد الناقد في تأويله لهذه الأعمال، وخاصة للسؤال الوجودي المرتبط بالكتابة النسائية، على فرش نظري محددا مفهوم الكتابة النسائية والفرق بينها ومفهوم الكتابة النسوية ،كما أبرز التقارب الحاصل بين مفهوم الحكاية ومفهوم الحياكة بالنظر إلى اعتماد كليهما البناء والتفكيك...، ليخلص في الأخير إلى أن السرد هو أبرز ما يشكل الذات و الهوية النسائية وأن البناء هو قنطرة العبور إلى الخطاب الروائي النسائي اللاواعي.، الأمر الذي جعله يلاحظ بروز ميزات ذات قيم معرفية وفنية خاصة. من جهة أخرى، قدمت الباحثة مونى تيموياس مداخلة عنونتها ب״تأويل الرواية بين جمود المنهج وحلم الانفتاح״ قراءة في كتاب ״تأويل النص الروائي׃ السرد بين الثقافة و النسق״ للناقد أحمد فرشوخ، حيث أكدت الباحثة أن الناقد ينطلق في مقاربته وتأويله للنصوص الأدبية-الروائية من واقع التجربة نفسه، الأمر الذي جعله يلاحظ بروز ميزات ذات قيم معرفية وفنية خاصة. وانتقلت الباحثة إلى إبراز الأثر الذي خلفه ثراء هذه النصوص على الناقد وكيف اضطره إلى طرح سؤال البداية في ظل مناخ يتسم بتعدد المناهج وجمود النظرية، مثلما أبرزت كيف أن رفض الناقد لما أسماه״ المناهج الاختزالية الاسقاطية ״، قاده إلى اقتراح مقاربة نقدية مزدوجة ״تهتم بالنص من جهة بنيته وكيانه الفني، من دون إغفال تموقعه الثقافي ״ فقسم بذلك كتابه إلى شقين׃ اهتم في الشق الأول بالجانب النظري حيث طرح فيه عددا من المفاهيم والتصورات المرتبطة بالموضوع الجمالي وعمل على مناقشتها، وقام في الشق الثاني بتطبيق مفاهيمه على ثلاث روايات لبهاء طاهر هي (شرق النخيل، قالت ضحى، خالتي صفية والدير) منتهيا في نهاية تحليله إلى نموذج تأويلي جديد. وتحت عنوان «نجيب محفوظ بين الواقعية والتجريب» لمحمد أمنصور قدمت الباحثة حنان النبلي «قراءة في الكتاب ،حيث أبرزت كيف انطلق الناقد من ثلاثة نصوص روائية لنجيب محفوظ׃ «أولاد حارتنا»،«رحلة ابن فطومة» و«ألف ليلة وليلة» كنموذج للدراسة والتحليل مستعينا بدراسات نقدية مهمة في محاولة منه لإعادة رسم صورة وافية عن التجربة الروائية لهذا الكاتب. وقد حرص الناقد على ذلك بروح نقدية مشبعة بالفكر الجمالي، فأفضت مقاربته إلى القول بأن إنتاج محفوظ الروائي لم يكن منحصرا في اختيار جمالي بعينه، إنما شهد تحولات كثيرة شكل التجريب أهمها. من هذا المنطلق، عمل الناقد على وضع مفهوم الواقعية، أو ما يطلق عليه التمثيل الروائي القائم على أساس مبدأ المحتمل، موضع مساءلة.