نظم مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، في كلية آداب بنمسيك الجمعة الماضية بقاعة المحاضرات، يوما دراسيا في موضوع:»النقد الأدبي بالمغرب: المفاهيم والمرجعيات». وتدارس هذا اللقاء ثلاث تجارب نقدية مغربية لكل من محمد سويرتي، ومحمد خرماش، ومحمد الدغمومي؛ قرئت من منظور سؤال النقد، لكونها تشكل محطات نقدية في سياق تطورخطاب النقد الأدبي بالمغرب ونضجه، خاصة وأنها تجارب تعكس نماذج من الكتابات المتصلة بوعي للمفاهيم النظرية، ولخلفياتها الإبستمولوجية فهي نصوص لنقاد كبار يحاولون التأسيس لوعي نقدي مغربي يدعم ما تراكم في الساحة الأدبية العربية ويقويه، راسمين بذلك نسيجا نقديا قابلا للمساءلة الثقافية، انطلاقا من أسئلة ومقاربات غير مكرورة تحاول ما أمكن تحقيق إدراك نظري بالتصورات واقتراب جمالي من النصوص يساهم في نقض التكرارية والحفز على تطوير أشكال الإبداع والتعبير، وذلك بهدف جر الذوق الأدبي إلى مغامرة الكتابة الباحثة عن آفاق جديدة. افتتح اللقاء بكلمة لرئيس الجلسة رشيد الإدريسي، الذي شدد على أهمية النقد المغربي، معتبرا أن المغرب من البلدان التي أغنت المجال النقدي العربي بكم متنوع من التجارب. بعد ذلك تدخلت الباحثة حسنية تغزوان بورقة حول كتاب محمد سويرتي تحت عنوان»:الخطاب الروائي والنقد العربي»، تقصدت من ورائها الباحثة التفكير في مجموعة من الإشكالات التي يطرحها النقد العربي إزاء الخطاب الروائي وذلك بالتركيز على المنهج والمفاهيم انطلاقا من مجموعة من الأسئلة. وقسمت الباحثة تغزوان مداخلتها إلى مقدمة وثلاثة محاور: في المقدمة أبرزت أن المنهج البنيوي ابتدعه الغربيون وتبناه النقاد العرب بعد أن تمثلوا أركانه المنهجية، وخصصت المحور الأول للحديث عن الناقدة يمنى العيد التي استفادت من المنهج البنيوي. وتوقفت الباحثة عند الناقد المغربي سعيد يقطين، الذي أشارت إليه بأنه لم يكتف بتطبيق المنهج البنيوي، بل حاول وضع رؤية خاصة به، أثارت العديد من الأسئلة، قد أضاف برأيها بعض المصطلحات الجديدة التي عرت الهاجس الذي يحمله سعيد يقطين وه ويقتبس الأدوات والمفاهيم النقدية، وه وتجنب الوقوع في مجرد إسقاط المنهج البراني على المتن العربي، بل كان يسعى إلى بلورة رؤية لها خصوصية التجربة العربية، تقوم على أساس الحوار والانفتاح على الانجازات الغربية. وانصبت ورقة الباحث اليديم ناصر حول قراءة في كتاب محمد خرماش، حملت عنوان»:البنيوية التكوينية في المغرب بين التوفيق والتلفيق». وقد رامت هذه المقاربة إبرازمعالم المنهج البنيوي التكويني، باعتباره منهجا يضفي نوعا من التكامل بين وحدة الأثر والمقاربة الوظيفية، ويحقق عامل ربط بين العمل الإبداعي وبين الشروط السوسيوثقافية، وذلك بتجاوزه للمقاربة الماركسية المنكفئة على الدراسة الموضوعية في ذاتها .انطلاقا من مساءلة مدى تمثل النقد المغربي لهذا كله عبر طرح مجموعة من الإشكالات الابستمولوجية. وخلص الباحث إلى أنه لا يمكن التعامل مع المناهج والنظريات كمعطيات مقدسة تسقط بشكل قصري على مختلف الأسيقة الثقافية بغض النظر عن الروافد الحضارية/الثقافية، باعتبار أن النقد المغربي تمثل المقاربة البنيوية بشكل مكنه من استثمار الجوانب المتلائمة مع المعطيات السوسيوثقافية. وتبقى البنيوية التكوينية في المغرب نظرية لا يمكنها أن تكون إلا كما كانت، بنيوية تكوينية بلمسة مغربية. وتدخل الباحث إبراهيم أزوغ في موضوع «:فقر النظرية وعقم الممارسة»: مقاربة في كتاب «نقد القصة والرواية بالمغرب: مرحلة التأسيس «،لمحمد الدغمومي، استهلها بالحديث عن الإشكالات التي يطرحها نقد النقد الأدبي، ذلك أن أي بحث في نقد النقد الأدبي-حسبه- يطرح إشكالات عديدة ومتفرقة تجعله غير قابل للتقيد بمرجعية واحدة، الأمر الذي تلمسه الباحث في عمل الناقد محمد الدغمومي، الذي يعتبر برأيه خليطا يمزج بين العلم والثقافة، فهو من جهة ينتهل من العلوم مفاهيمه النظرية والمنهجية، ومن جهة أخرى يجعل الثقافة من خلال النص النقدي الذي يشتغل عليه موضوعا له، مما حدا بالباحث كذلك إلى القول بأنه لم يعد بالإمكان إنكار قيمة التفكير في إنجاز مقاربات تبحث في النص النقدي المغربي، إذ أن جعل النص النقدي موضوعا للنقد كذلك أمر لا محالة يطرح العديد من الإشكالات، حاول الكشف عن بعضها الباحث أزوغ داخل العمل السابق للناقد محمد الدغمومي.