العلاقات بين أوروبا وإفريقيا ليست كلها حروب واستغلال، بل فيها أيضا الكثير من الضحك والمواقف الطريفة. قبل بضعة أيام ذهبت ماريا تيريسا دي لافيغا، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، إلى النيجر، وهناك التقت مقاولين إسبانا وأفارقة، والتقطت صورا مع مقاول من النيجر وعدد كبير من النساء والأطفال. وفي النهاية اكتشفت أن ذلك الرجل هو زوج لثلاث من النساء الموجودات حولها، وأن الأطفال الذين تجمعوا في الصورة هم مجموعة من 18 ولدا وبنتا لذلك المقاول الإفريقي الهمام. بعد أن عرفت «الحقيقة»، قالت المسؤولة الإسبانية إنها تشعر بالرعب من كونها كانت بين ثلاث نساء متزوجات من رجل واحد. المنطق الأوروبي في النظر إلى الأشياء لا يدفع إلى الضحك فقط، بل يمكن أن يصيب الإنسان بالموت ضحكا. المسؤولة الإسبانية أصيبت بالرعب لأنها التقطت صورة مع رجل متزوج بثلاث نساء في دولة إفريقية اسمها النيجر، لكنها لا تحس بأدنى تأنيب ضمير أو إحساس بالندم لأنها كانت من الداعمين الأساسيين لسنّ قانون يبيح الزواج بين أشخاص من نفس الجنس، أي أن الرجل يتزوج الرجل والمرأة تتزوج المرأة. المسؤولة الإسبانية تفخر ببلدها الذي أصبح فيه الشذوذ الجنسي والانحراف الإنساني قاعدة مقبولة، بينما تشعر بالخوف وهي تقف بين ثلاث نساء نيجريات جميلات ومحجبات وخجولات ومهذبات ويقمن بأعمالهن المنزلية كما يجب، ويوفر زوجهن الغني العمل المباشر ل500 امرأة نيجرية في مزارعه وثلاثة آلاف منصب شغل غير مباشر لعمال أغلبهم نساء. المسؤولة الإسبانية تشعر بالرعب لأن الرجل النيجري الشهم متزوج من ثلاث نساء في بلد شاسع المساحة وقليل السكان وله 18 ولدا وبنتا -كثّر الله أمثاله وجعله ذخرا لبلاد النيجر ولإفريقيا كلها- لكنها لا تشعر بالرعب لأن الإسبان يتناقصون وسيأتي يوم يجد الناس أنفسهم على حافة الانقراض لأن الشباب الإسبان لا يتزوجون، وإذا تزوجوا لا ينجبون، وإذا أنجبوا لا يلدون أكثر من طفل واحد، وإذا قرروا تربية كائنات في منازلهم فإنهم يربون كلابا كثيرة ويضحون من أجلها بالغالي والنفيس. وفوق كل هذا وذاك جاء قانون زواج الشواذ والسحاقيات لكي تكتمل الباهية. ومن يزور إسبانيا يصدم من فرط تلك الكلاب المدللة التي أخذت مكان الأطفال، وصار أصحابها يعاملونها كما لو أنها فلذات أكبادهم وينامون معها على نفس الفراش ويستحمون معها في نفس «الدوش»، ويأكلون معها على نفس المائدة. إن مسؤولة في بلد مهدد بالانقراض بسبب قلة المواليد تحس بالرعب والخجل لأنها التقطت صورة إلى جانب رجل وثلاث من زوجاته وعدد من أبنائه المهذبين جدا. ترى ماذا لو عرف ذلك الرجل وزوجاته وأبناؤه أن البلد الذي جاءت منه المسؤولة الإسبانية يبيح زواج الشواذ والناس فيه لا يلدون أكثر من طفل واحد لكل أسرة. أكيد أنهم كانوا سيحسون بالفزع وسيرفضون التقاط تلك الصورة من الأساس. المنطق الأوروبي في النظر إلى البلدان الإسلامية أو بلدان الجنوب عموما مذهل في انفصاميته وحمقه. تعدد الزوجات وإنجاب الأطفال الكثيرين مقرف، وزواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة والاستعاضة عن الأطفال بالكلاب قمة الحضارة. هذا شيء لا يمكن أن يتقبله عقل، لكن الأوروبيين يقولون إن الحضارة من عندهم تفرقت، ولذلك على الجميع أن يقبلوا مبدأ زواج الشواذ وأن يرفضوا تعدد الزوجات. وفي كل الأحوال فإن ما يقوله الغرب هو الصحيح، وسيأتي يوم يشرّع فيه الغرب اغتصاب المنحرفين للأطفال، وسيكون على العالم أن يقبل بذلك لأن من يقبل بزواج الشواذ أكيد أنه يخفي فظاعات أكثر سوءا في المستقبل. بقي شيء بسيط جدا تنبغي الإشارة إليه في قضية هذه المرأة العازبة المرعوبة جدا من الزوجات الثلاث للمقاول الإفريقي، وهي أن إشاعات تطاردها منذ مدة بكونها سحاقية، وأن لها علاقة عاطفية بالمذيعة التلفزيونية ماريا إسكاريو، الشهيرة بالمذيعة الضاحكة، ومرة قالوا إنها تزوجت طبيبة من مايوركا، ثم قالوا إنها تزوجت صديقة لها. هذه «الإشاعات» تلاحقها منذ أن أصبحت نائبة لرئيس الحكومة خوسي لويس ثباتيرو سنة 2004، وعندما سألتها صحافية إسبانية في صحيفة «إيل موندو»: هل أنت سحاقية؟ أجابت بهدوء: لا.. إنهم يحكون عني الكثير حول هذا الموضوع.. ولو كنت كذلك لقلتها بدون تردد. من الذي يجب أن يشعر بالرعب إذن؟