مجلة» تايم» الأمريكية تعتبر المجلة الإخبارية الأولى على صعيد الولاياتالمتحدةالأمريكية والثانية على الصعيد الدولي بعد منافستها اللدودة «نيوزويك» ذات الانتشار العالمي الذي يشبه إلى حد كبير انتشار سلسلة مطاعم الماكدونالدز. لكن هذا لا يعني أن «تايم» بعيدة عن القراء غير الأمريكيين، ذلك أن نطاق توزيعها يتسع في جميع أنحاء العالم، حيث لديها طبعات دولية متعددة تتمثل في الطبعة الأوربية «تايم أوربا»، التي تصدر من لندن وتغطي مناطق الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية منذ عام 2003، والطبعة الآسيوية «تايم آسيا»، ومركزها الرئيسي هونج كونج، وطبعة جنوب المحيط الهادي، التي تغطي كلاً من أستراليا ونيوزيلندا وجزر المحيط الهادي، ومركزها الرئيسي العاصمة الأسترالية سيدني. سر نجاح تايم داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية راجع إلى نهجها الذي مازالت تسير على خطاه منذ تأسيسها سنة 1922، والمتمثل في ارتكازها على المواضيع الإخبارية المركزة والمختصرة، إضافة إلى التحليلات المتعمقة المقتضبة، التي تعطي أكبر قدر من المعلومات في أقل مساحة ممكنة، ووجهات نظر أهم المفكرين حول أبرز الأحداث التي تشكل العالم من حولنا. هذه المعادلة مثالية لكل من القارئ الأمريكي الكسول والقارئ الأمريكي النشيط جدا الذي ليس له الوقت الكافي لقراءة المواضيع الطويلة. تعتمد مجلة «التايم» كذلك، كوسيلة جذب، على التنوع والاختلاف في المواضيع التي تعالجها، من السياسة الداخلية إلى الأحداث العالمية والإنجازات العلمية وآخر الأخبار في مجال الاقتصاد والفنون والأعمال والرياضة. واشتهرت «تايم» بجائزتها السنوية ل«شخصية السنة» على مدار 80 سنة، وهي عبارة عن تسمية شخصية أو مجموعة معينة، كان لها دور وتأثير كبيران في صنع أبرز أحداث السنة، ليس من الضروري أن تكون هذه الجائزة تكريما لهذا الشخص أو هذه المجموعة، حيث تؤول الجائزة للشخصية الأكثر نفوذا، سواء كان هذا النفوذ جيدا أو سيئا، فقد حصلت شخصيات، مثل أدولف هتلر وجوزيف ستالين وصدام حسين، على لقب «رجل السنة». بدأت قصة نجاح «التايم» في أواخر شتاء 1922، عندما كان اثنان من طلبة جامعة «ييل» الأمريكية، بريتون هادين وهنري لوس، يعملان معا في صحيفة الجامعة التي تحمل اسم «ديلي نيوز». ونتيجة تأثرهما الشديد بمشاركة الولاياتالمتحدة في الحرب العالمية الأولى، استغل هادين ولوس النفوذ والتأثير اللذين يتمتعان بهما في صحيفة الجامعة للترويج لحب الوطن. اكتشف الطالبان أن المواطن الأمريكي مشغول بمشاكله الشخصية واهتماماته اليومية إلى درجة تجعله لا يستطيع قراءة المصادر الإخبارية الطويلة المليئة بالمعلومات. لذلك، وبعد تفكير عميق، توصل الاثنان إلى أن هناك حاجة ملحة إلى مجلة إخبارية أسبوعية ذات مواضيع متنوعة وتحليلات مقتضبة. وبعد جهود كبيرة لجمع الأموال والتجهيزات التحريرية، صدر أول عدد من مجلة «تايم» في الثالث من مارس سنة 1922، لتصبح أول مجلة إخبارية أسبوعية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكأي مؤسسة إعلامية كبرى، لم تسلم «التايم» من الانتقادات، خاصة من اليمين لتكرارها نشر القصص والمقالات التي تركز على المشاكل التي يمر بها الحزب الجمهوري. في البداية، عرفت المجلة بنشر تغطيات أكثر تفصيلا حول رموز رئاسية معينة، مثل هيربرت هوفر ودويت أيزنهاور. وفي فترة الخمسينيات، عرفت «تايم» بكونها أول مصدر إخباري ينتقد أساليب السيناتور جوزيف ماكارثي اليميني. واتهمت المجلة أيضا بكونها تقوم بالدعاية لفائدة أشخاص معينين أو ضدهم لحساب آخرين، كلاعب غير مرغوب فيه على المسرح السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. ففي نونبر 2006، على سبيل المثال، أعلنت المجلة أن هناك دعاوى قضائية على وشك أن ترفع ضد وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد في ألمانيا، وقد نفت المجلة تلك المعلومات بعد ذلك في مقال آخر نشر بعد المقال الأول بستة أيام. عراقة «التايم» وتميزها، رغم الانتقادات التي وجهت إليها، جعلاها تتربع لمدة طويلة على عرش المجلات الإخبارية الأسبوعية، رغم المنافسة الشديدة لمجلة «نيوزويك»، التي تبذل جهدا كبيرا ولها طموح إلى الإطاحة بها واعتلاء مكانها، فهل ستنجح «نيوزويك» في مسعاها، أم إن «تايم» ستظل المجلة الإخبارية رقم واحد؟