عندما بعث الزعيم الشيوعي «هوشي منه»، سنة 1949، في طلب إطار مسؤول في الحزب الشيوعي المغربي، لتأطير المحاربين المغاربة والعناية بهم سواء منهم الذين التحقوا بالقوات الفيتنامية في مواجهتها للقوات الفرنسية، أو الذين فروا من صفوف هذه الأخيرة، لم يتردد الحزب الشيوعي كثيرا في تعيين امحمد بن عمر لحرش مكلفا بهذه المهمة. «إنه المغربي الذي حمل «كلاشينكوف» الشيوعية، إلى جانب ثوار «الفييت منه»، ودافع عن إيقاعات نشيد «الأممية» في «ديان بيان فو». في الوقت الذي كان فيه أكثر من 75 ألف جندي مغربي يحملون البنادق الفرنسية، في وجه الثوار الفيتناميين ويدافعون عن نشيد «المارسييز»، اختار مغربي واحد يدعى امحمد بن عمر لحرش حمل «كلاشينكوف» الشيوعية، إلى جانب ثوار «الفييت منه»، والدفاع عن إيقاعات نشيد «الأممية»، قبل أن يصير جنرالا مغربيا بين كوادر جيش «هوشي» الأحمر. حدث ذلك عندما بعث الزعيم الشيوعي «هوشي منه»، سنة 1949، في طلب إطار مسؤول في الحزب الشيوعي المغربي، لتأطير المحاربين المغاربة والعناية بهم سواء منهم الذين التحقوا بالقوات الفيتنامية في مواجهتها للقوات الفرنسية، أو الذين فروا من صفوف هذه الأخيرة. ولم يتردد الحزب الشيوعي كثيرا في تعيين لحرش مكلفا بهذه المهمة. إنه شيء يصعب على التصديق: مناضل سابق في الحزب الشيوعي المغربي، عضو في لجنته المركزية، بعث في مهمة ثورية إلى فيتنام، بطلب من «هوشي منه» نفسه، يتحول فيما بعد إلى قائد برتبة جنرال في صفوف الجيش الأحمر الفيتنامي. الشهادات العديدة للأشخاص الذين عرفوه تصفه بالشخصية البسيطة ذات الأفق البسيط والقدرات الفكرية والأساسية المحدودة جدا، شهادات أخرى لأشخاص لم يعرفوه سوى في آخر أيامه تصفه بالشخص المدمن على الخمر، يتكلم بلهجة سوقية، بل فاحشة ويعيش مسبقا حالة انحطاط تام، وهو ما جعلهم يشكون في أن مثل هذا الرجل كان له ماض سياسي أو عسكري معروف بدرجة معينة. في آخر أيامه كان البعض يسخرون منه عند مروره أمامهم: «آه، أنظروا ها هو المارشال». لكن لحرش شخصية عاشت ووجدت بالفعل، حيث ظهر لأول مرة كعضو في المكتب النقابي لعمال سد بين الويدان، ثم كسكرتير للاتحاد النقابي المحلي بقصبة تادلة، حيث اجتهد في تنظيم العمال الفلاحين، ألقي عليه القبض وسجن. ثم شغل فيما بعد منصب سكرتير الاتحاد النقابي بالدار البيضاء، حيث أصبحت له مسؤوليات سياسية: وهكذا عمل سكرتيرا لفرع الحزب الشيوعي بالبيضاء، ثم أصبح عضوا في لجنته المركزية خلال المؤتمر الثاني المنعقد في أبريل 1949. في الفيتنام كان يعجب امحمد بن عمر لحرش أن يعرف بنفسه كابن إحدى تلك القبائل الكبرى للأطلس، التي قاومت حتى النهاية زحف القوات الفرنسية. كان دائما يوضح أنه ورث لون بشرته الداكن عن جدته السمراء، وكان يبدو فخورا بهذا النسب، في المقابل ظل جميع من تعرف على لحرش يجهلون طبيعة المهمة التي ذهب للقيام بها في فيتنام ،قبل أن يتبن أن «هوشي منه» عينه لتأطير المغاربة الفارين من الجيش الاستعماري الفرنسي، وإنشاء فرقة عسكرية مغربية مقاتلة، ووحدهم بعض القادة الكبار من الحزب الشيوعي المغربي كانوا يعرفون حقيقة مهمة لحرش في فيتنام، من قبيل علي يعتة، الذي يشير في هذا الخصوص قائلا: «حصل ذلك على ما أذكر في شتنبر 1950 فقد زارني المحامي بنوني في السجن وعرض علي الأمر». كان طريق رحلة المناضل الشيوعي المغربي امحمد بن عمر لحرش مرسوما بدقة: من فرنسا إلى بولندا، بعدها الاتحاد السوفياتي، ثم الصين فالفيتنام.. وكان الحزب الشيوعي الفرنسي قد التزم بتسهيل عبور الهارب إلى الاتحاد السوفياتي. وعند وصوله إلى الفيتنام استقبل من طرف وفد رسمي ثم أخذ لمقابلة «هوشي منه»، وقد قام بن عمر بجولة عبر المعسكرات التي تم تجميع المغاربيين بها، واكتشف حالهم المزري في الثكنات، وكان يبذل ما في وسعه لإيجاد الوسائل الكفيلة لتجنيب مواطنيه الانحطاط المعنوي والضجر والخمول وسوء التغذية. وللتخفيف من اغتراب إخوانه، كان بن عمر يحاول إعادة خلق مناخ شمال إفريقي في فيتنام، وكان يبدو أنه قد نجح في إعادة تنظيم الحياة في المعسكرات بشكل إنساني. كما كان يبدو أيضا أنه أدى جيدا مهمته التي كانت تتمثل في السهر على التطبيق الجيد لتوجيهات القائد الشهير «طونغ بو» من قبل رؤساء المخيمات، وهو ما دفع بهوشي مو إلى أن يطلق عليه اسم «أنه ما» وهو ما يعني حرفيا «الأخ الفرس». في المقابل، وفي هدوء الحرب الضارية ، سيعيش لحرش بداية قصة حب لن تنتهي مع كاميليا، المساعدة الصحية بالحزب الشعبي والتي تقول عن علاقتها بالمناضل المغربي إن الأمر: «لم يكن يتعلق بقصة تشبه الشريط السينمائي أندوشين، لكنني أحببت محمد لأنه كان ينضح حياة وعاطفة كان يفيض سطوة ويحب الضحك...» تحكي كاميليا، التي ستتزوج فيما بعد ب«لحرش»، أن هذا الأخير كانت له هيبة، لغته حادة. يتكلم فرنسية سليمة، وكان من عادته أيضا أن يخاطب رفاقه بعربية متقنة. يحب الترف والحياة العاطفية، لكنه كرجل نشيط ذكي ويفتخر بذكائه، كان قد تعلم كذلك أن يكون آسيويا، طيبوبة قلبه تخفي ثقته في النفس. كان يعرف عندما يرغب في ذلك كيف لا يكشف عن نفسه، وكيف يختبئ خلف الهدوء، ومن وقت لآخر كان يشده الحنين إلى البلد. عاش الشيوعي المغربي معركة «ديان بيان فو» الشهيرة، والتي انتهت بانتصار جيش «هوشي»، كاملة، وسيظل مغرما بها حتى نفسه الأخير، وحسب العديد من الشهادات، فإن أداءه ربما كان بطوليا، لقد كان ضمن الوحدة التي قد تكون قامت بأسر دي كاستريس. تحكي كاميليا: «جاءني بحمالة ربما كانت في ملكية دي كاستريس. وقد أهديتها لاحقا للسينمائي السوفياتي رومان كارمن»، كما يذكر علي يعتة أيضا أنه «عند توزيع البقايا الثمينة للجنرال دي كاستريس، كان قد أخذ قلم رصاص أهداه لي عند عودته إلى المغرب، وما زلت أحتفظ به». سيحصل من الفيتناميين على ميداليات من أعلى الدرجات وعلى رتبة جنرال، وهي رتبة استثنائية تشهد على التقدير الكبير الذي كان يحظى به كبطل. المكافآة منحت له سنة 1955. وكانت نهايته منفيا في الجزائر العاصمة، وكان ينوي وضع تجربته الفيتنامية في خدمة مشروع الثورة المغربية، قبل أن يغدره الموت في بلد المليون شهيد عام 7 ماي 1971. > 1915: ولد بمنطقة قرب خريبكة > 1931: يوظف بمكتب البريد والمواصلات بتادلة > 1942: يشارك في الحرب العالمية الثانية > 1949: يذهب إلى فيتنام في مهمة ثورية > 1955: يحصل على رتبة جنرال في الجيش الفيتنامي > 1971: يفارق الحياة بالجزائر العاصمة بعد صراع مع مرض السرطان بتصرف عن كتاب «حكاية أنه ما»