كشف مصدر أمني رفيع المستوى عن صدور تعليمات بتوسيع دائرة البحث في شأن كل من له علاقة بالحادث المأسوي الذي أودى بحياة 55 عاملا في الحريق الذي اندلع نهاية الأسبوع الماضي بمصنع للأفرشة بحي ليساسفة بالدار البيضاء. وأوضح المصدر ذاته أنه تم الاستماع، في هذا الصدد، إلى كل من صاحب المصنع وابنه الموجودين منذ أول أمس الأحد رهن الاعتقال. كما تم صبيحة أمس الاثنين استدعاء جميع العمال الناجين وأخذ أقوالهم. وحسب المصدر ذاته، فإن أطوار البحث ستحدد حسبما ستحمله أقوال العمال الناجين من إفادات. وحول ما إذا كانت دائرة الاتهام ستتسع لتشمل جهات أخرى خارج محيط رب المصنع والعمال، أكد المصدر ذاته، في تصريح ل«المساء»، أن أي «شخص مسؤول اتضحت مسؤوليته في ما وقع فإنه سيتم استدعاؤه ومساءلته». وقد تم التعرف، إلى حد الآن، على 26 جثة من أصل 55، في حين مازالت 17 عائلة تنتظر نتائج البحث الجيني لتسلم جثامين ذويها. واشتكت الأسر المنكوبة، ممن لم تتعرف على هويات ذويها، من انعدام التواصل مع الدوائر الرسمية وبقائهم لوقت طويل دون أن يسأل عنهم أحد أو يطمئنهم حول مجريات البحث الجيني للتخفيف من صدمة الكارثة التي حلت بهم. وقال أحد أقارب الضحية إيجيك فاطمة، البالغة من العمر 36 سنة التي كانت تعمل خياطة بالمصنع، إنه لا أحد من المسؤولين كلف نفسه عناء الاتصال بالعائلة وطمأنتها. من جانبه، أوضح قريب 3 ضحايا ينحدرون من نفس الأسرة (إيمان الذهبي 21 سنة ودمير غزالان 27 سنة ودمير حنان 28 سنة) أن جميع تكاليف الدفن قد تم التكفل بها من طرف الدولة، كما أنهم لم يجدوا أي إشكال بخصوص إجراءات الدفن التي تمت بشكل عادي، لكنهم بعد تسلم الجثث لم يتصل بهم أي أحد في ما يخص التعويضات. واستنادا إلى المصدر ذاته، فإن كل طابق من الطوابق الأربعة للمصنع كانت تضم ساعة نشوب الحريق 55 عاملا. كما كان من بين العمال قاصرون وقاصرات. وتواصلت، طيلة أمس الاثنين، عملية البحث تحت الأنقاض عن ضحايا جدد واستعانت فرق البحث بالكلاب البوليسية بعدما لم تتمكن عدد من الأسر المكلومة من التعرف على هويات ذويها الذين قضوا في الحريق، حيث كانت غالبية الجثث متفحمة ومشوهة بالكامل. وحسب عدد من الناجين، فإن غالبية عمال هذا المصنع كانوا يتقاضون أجرا شهريا لا يتجاوز 1000 درهم وغير مصرح بهم لدى منظمات الاحتياط الاجتماعي، وتم جلبهم انطلاقا من شركات المناولة، وفي العقود المبرمة تم التصريح بهم بصفتهم أعوان حراسة لا باعتبارهم مستخدمين في الخياطة أو النجارة التي كانوا يباشرونها داخل المصنع. وذكرت مصادر مطلعة أن صاحب المصنع أقدم في سنة 2007 على زيادة طابق ثالث رغم أن المنطقة التي يتواجد فيها المصنع لا يسمح فيها إلا بطابق أرضي وطابقين إضافيين، وقد تسلم الترخيص من مجلس المدينة بعد أن تم التوقيع عليه من طرف عدة جهات مسؤولة، بدءا من الجماعة والعمالة والوكالة الحضرية والوقاية المدنية واتصالات المغرب وليدك. وأوضحت المصادر ذاتها أن جزءا من المسؤولية يقع على الوقاية المدنية التي لا يمكن لها الترخيص لصاحب أي مصنع ما لم يكن يتوفر على عدد من الوثائق، من بينها دفتر تحملات خاص بالسلامة من الحريق يتضمن مجموعة من المعايير، وأن هذه الأخيرة لا يمكنها أن توقع على ذلك التصريح ما لم تكن تلك الدراسة متطابقة مع المعايير المطلوبة، وتتمثل هذه المعايير، التي يتضح أنها كانت غائبة في هذا المصنع، في توفر أجهزة استكشاف الحريق ووجود سلم إسعاف، والشبابيك يجب أن تكون سلسة عند فتحها من الداخل والخارج وسلسة الإزالة، وباب السطح ينبغي أن يكون مزودا بنظام يفتح مباشرة بعد انبعاث أي دخان، ويجب أن تترك الأبواب دون أقفال مما يتيح إمكانية الهروب في حالة نشوب حريق.