الحدود المغربية الجزائرية مغلقة على الواجهة الرسمية فقط، أما خلف الطرق الملتوية، على الجهة الشرقية، فإن الحدود مفتوحة في وجه أنشطة التهريب التي تشتغل في كل شيء، من السلاح إلى الدواء، ومن الغاز إلى السلع المدعمة في الجزائر التي تجد لها متنفسا في أسواق وجدة ومدن مغربية أخرى. أحمد (22عاما)، خريج ثانوية ويتحمل مسؤولية أسرتين، يقول بصوت متقطع: «لو حصلنا على فرصة عمل ببلدنا وبأي أجر، أقسم بأنني لن أقبل على نفسي الهوان والذل». إلى جواره يجلس إبراهيم (18 عاما)، وهو مثل رفيقه اندمج في إحدى مافيات تهريب المخدرات والسلاح على الحدود، ويتقاضى 300 درهم في اليوم. يقول: «لم أجد معيشة هنا، وهذا ما يجبرنا على أن نتحمل الضرب والحبس كلما مسكنا الأمن المغربي أو الجزائري»، ثم سأل: «هل الكلام معكم ونشره في الجريدة سيفيدنا؟». أحمد ورفاقه وكثيرون مثلهم يتسللون دون الاستعانة بالمهربين، لكنهم يصبحون فيما بعد أعضاء في شبكاتهم. إنهم يدركون مداخل التهريب جيدا لكثرة تسللهم، فبمجرد وصولهم إلى الحدود سيجدون أمامهم مئات المهربين، يمارسون مهنتهم بالعلن ولا يكترثون للأمن. أكثر من 300 مهرب ينتظرون الوافدين الأفارقة ويعرضون عليهم خدماتهم ويلتزمون بتوصيلهم إلى أي مدينة جزائرية ويتم نقلهم على الحمير والسيارات في الصحاري والقرى المجاورة (الزوية، مغنية، وتلمسان... وغيرها)، عبر خطوط ونقاط معينة (روبان، بوصفر، العجرة، الجالو، القرية...). الأفارقة صاروا موضة التهريب في الوقت الراهن، فبعد تضييق الخناق على عدد من المهربين الجزائريين والمغاربة، ولاسيما، المتخصصين في تهريب المخدرات والسلاح، اتجهوا إلى الأفارقة العابرين للحدود من أجل الهجرة السرية، وعن طريقهم تهرب الأسلحة والمخدرات الصلبة من وإلى الجزائر. ويتقاضى المهرب الإفريقي مبلغا عن كل عملية يقوم بها. أحد المهربين يقول ل«المساء» إن العملية تكلف مبالغ طائلة عندما يتعلق الأمر بتهريب المخدرات والأسلحة، فجشع الحرس الحدودي، يضيف، يزداد. يقول: «ندفع لهم الملايين عن كل سيارة محملة بالمخدرات حتى نضمن مرورها بسلام، ويتولى الجزائريون الدفع لحراسهم هم الآخرين». وأردف قائلا: «والمبلغ مرشح للارتفاع كلما ازدادت الكمية... فنحن نشتري الطريق». «شراء الطريق» لغة كل المهربين، وعن طريق ذلك يتجنبون عمليات التفتيش، وأحيانا، يؤكد أحد المهربين، «لا يدركون ما إن كنا نهرب سلاحا أو مخدرات أو أشياء أخرى، فكلما دفعنا أكثر يسيل لعابهم. أكثر من ذلك فهم يدعون من أجلنا حتى تمر العملية بسلام ويتسلموا نصيبهم الذي يقتسمونه في ما بينهم من أسفل الهرم إلى أعلاه».