ينتظر أن تشتعل الساحة الاجتماعية في الأسابيع المقبلة إذا ما نفذت الكونفدرالية الديموقراطية للشغل تهديداتها بخوض الإضراب العام، في أعقاب استقالة عشرة من برلمانييها في مجلس المستشارين، وتتجه الأنظار إلى رد فعل المكتب التنفيذي للكونفدرالية الذي من المقرر أن يجتمع في القريب لاتخاذ قرار الإضراب أو التراجع عنه، بعدما فوض له المجلس الوطني للنقابة اتخاذ القرار على ضوء نتائج الحوار الاجتماعي. ونفى عبد الرحيم الرماح، أحد برلمانيي الكونفدرالية المنسحبين، أن يكون قرار الانسحاب من الغرفة الثانية له علاقة بالضغط على الحكومة للحصول على مكاسب في الحوار الاجتماعي، وقال إن «الانسحاب جاء بسبب انعدام فعالية الغرفة الثانية التي تعرف كثيرا من الغيابات، وتتميز بضعف المبادرة وعدم تفاعل الحكومة مع مبادرات بعض الفرق». وأشار الرماح إلى أن عدد البرلمانيين الذين يحضرون عمليا للغرفة الثانية يتراوح بين 50 و70 من أصل 270 مما يبين، حسب رأيه، أنه ليست هناك جدوى من وراء هذه الغرفة. وعلمت المساء أن جلسة الحوار الاجتماعي التي انطلقت منذ صباح أمس بحضور النقابات وأعضاء من الحكومة تميزت بحضور وفد الفريق الكونفدرالي الذي يرأسه نوبير الأموي، وحرص الوفد على أن يبين للحكومة أن «الانسحاب من مجلس المستشارين لا علاقة له بالحوار الاجتماعي». وقال الرماح إن هناك حدا أدنى تضعه الكونفدرالية يجب على الحكومة الاستجابة له وإلا فإنه سيتم اللجوء إلى الإضراب العام. ومن النقط التي تؤكد عليها نقابة الأموي هناك: الزيادة في الحد الأدنى للأجور بما يتلاءم مع الزيادة في الأسعار، وضمان الحريات النقابية. وحول من يشكك في قدرة النقابة على التأثير على الحكومة من خلال الإضراب العام، بفعل محدودية وزنها، قال الرماح: «هذا غير صحيح لأن النقابة لازالت قوية وسيظهر ذلك من خلال الإضراب العام في حال تنفيذه». ويتخوف المراقبون من عودة ظاهرة الإضراب العام إلى الساحة الاجتماعية خاصة في هذه الفترة التي يعرف فيها المغرب ارتفاعا للأسعار وغليانا اجتماعيا، وقال عبد القادر أزريع، الفاعل النقابي والمتتبع للشأن الاجتماعي، إنه «لا يمكن التكهن بما سيكون عليه الوضع في حالة تنفيذ الإضراب العام، وقال: «الانفلات أمر وارد، ولكنه وقع بدرجات متفاوتة قبل اتخاذ قرار الإضراب العام، مثل ما وقع في مدينة صفرو»، وأشار أزريع إلى أن الأهم هو وجود طرف يتحمل مسؤوليته في الإضراب العام، «لكن السؤال المطروح هو هل سيتمكن من التحكم في التطورات بعد الإَضراب». ورغم تراجع قوة الكونفدرالية في الساحة النقابية بسبب الانشقاق عن حزب الاتحاد الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، إلا أن الباحث محمد ضريف يرى أنه «لا يجب الربط بين القدرة التنظيمية للنقابة ومسألة الانخراط في الإضراب»، وقال: «الآن هناك وضعية اجتماعية حساسة، حيث ظهرت تنسيقيات مناهضة الأسعار، وهناك استياء لدى فئات اجتماعية كثيرة، وبالتالي فإن التحاق الفئات غير المؤطرة سياسيا ونقابيا قد يؤدي إلى انفلاتات شبيهة بتجربة إضراب 1981 في البيضاء، الذي دعت إليه مركزيات نقابية منها الكونفدرالية، أو أحداث 1990 بفاس، التي خلفت قتلى وجرحى». وللإشارة فإن هناك عددا من بوادر اتجاه الكونفدرالية إلى الإضراب، خاصة أن وفد الاتحاد المغربي للشغل رفض أمس عرض الحكومة في الحوار الاجتماعي، وهو الموقف الذي قد تتبناه الكونفدرالية.