الشعوب العربية جاحدة ولا يعجبها العجب العجاب بخصوص القمة العربية التي انعقدت في العاصمة السورية دمشق، كما أنها لا تقر بفضل عمرو موسى وبشار الأسد والقذافي، إذ بفضلهم جميعا استطاع أكثر من مواطن التعرف على معلومة جديدة لم تكن في البال أبدا، وهي وجود دولة عربية حرة أبية اسمها «جزر القمر» ولها رئيس التقطت له صورة جماعية مع القادة الحاضرين واسمه أحمد عبد الله محمد سامبي. إن الذين يقولون إن قمة دمشق كانت فاشلة هم أشخاص يملأ الغل والحقد قلوبهم، فهم لم يعترفوا بهذه المعلومة الجغرافية الثمينة، ولم يقدروا مبادرة حضور أخ عربي يجهل كثيرون في أي قارة يوجد، في محاولة للم شمل العرب العاربة أينما كانوا. هناك من لم يصدق ذلك واعتبر أن أبناء جزر القمر ليسوا من حفدة جدنا يعرب بن قحطان، ودليلهم في ذلك ألا وجود لمغنيات قمريات في قناتي «روتانا» و«ميلودي»، كما لم يشارك أحد من هذه الدولة في برنامج ستار أكاديمي العرب الذي تقدمه قناة «الإلبيسي» اللبنانية، وما زاد في تأكيد شكوكهم هو غياب أرقام تلفونات هذه الدولة في الفضائيات كي يتصلوا ويفوزوا بفتاوى ورنات أغان مثل باقي أشقائهم من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر. المعلومة الثانية التي تؤكد أن القمة كانت ناجحة بكل المقاييس جاءت من العقيد الليبي معمر القذافي، الذي أكد أن 80 في المائة من الخليجيين هم من أصول إيرانية، ولا علاقة لهم بقريش وباقي القبائل، أي عكس كل المعطيات السابقة، وهي معلومة قيمة سيستفيد منها الجميع وسيعم خيرها المعرفي على كل الشعوب، المشكل أن قائد ثورة الفاتح من سبتمبر ومبدع الكتاب الأخضر واللجان الثورية لم يواصل فتوحاته الفكرية وإلمامه الشامل بالتاريخ، ليطمئن المغاربة ويؤكد لهم ما إذا كانوا حقا أتوا من اليمن والشام عن طريق الحبشة واستوطنوا الكهوف والمغاور، أم أننا أتينا من مكان آخر. الخليجيون أغضبتهم كثيرا تصريحات القذافي في القمة التي شككت في انتمائهم العربي، إلا أن الرئيس السوري بشار الأسد أعجب بها ورأى فيها صراحة وصدقا، لأنها أكدت بالملموس فوائد تحالفه مع أحمدي نجاد وأرجحية مواقفه ودعوته إيران للحضور إلى القمة، فمادام العرب البائدة فارسيين فمن الأفضل تغيير اسم الجامعة العربية وتحويل مقرها من القاهرة إلى طهران. لقد فطنت الحكومة اللبنانية إلى أن القذافي سيفجر هذه القنبلة، لذلك فضلت الامتناع عن المشاركة لرفضها الجلوس في قمة الدول الفارسية وخوفا من صعود زعيم آخر يقول إن أصل اللبنانيين سوري أو شيء من هذا القبيل، ونفس الأمر حدسته مصر والسعودية والأردن وهي دول خفضت من تمثيليتها لرفضها لمواقف سوريا وخوفها من أن يتحول العالم العربي إلى مثلث شيعي تحكمه إيران كما قال ملك الأردن ذات يوم، حسب البعض، ولخوفها من ساكن البيت الأبيض الذي حذر الزعماء من اقتناء تذكرة سفر إلى دمشق حسب البعض الآخر. السيد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، لم يصدق طبعا كلام القذافي واستمر كعادته في البحث عن حل للخلافات العربية، إلا أنه ولإحباطه الشديد ولسفرياته الكثيرة، من مصر إلى لبنان والعكس، أصاب الرجل تعب كبير وقال إنه شاهد غيوما في الجو وقتامة في الرؤية، لكنها لم تمطر ذلك اليوم في دمشق واختتمت القمة دون سقوط قطرة واحدة. ومن النكت المسلية التي جعلت أكثر من مواطن عربي يسقط على قفاه من شدة الضحك هو استفتاء أجراه موقع خاص بالقمة العربية خرج بنتيجة تقول إن 96 في المائة من المشتركين يرون أن قمة دمشق ناجحة، بينما 2 في المائة فحسب اعتبروها فاشلة، وهي نسبة تشبه تماما الطريقة التي ينجح بها استفتاء الرئيس السوري بشار الأسد، وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح.. أما شيوخ الإمارات النفطية والملكيات الوراثية فإنهم في غنى عن كل هذا اللغو الديمقراطي..