} كانت هناك علاقة مضطربة بين جريدة «لوموند» والملك الحسن الثاني، ماذا تذكر عن هذه العلاقة؟ - جميع الصحافيين العاملين في يومية «لوموند» الذين كانوا يكلفون بتغطية الأحداث في منطقة المغرب العربي، ومنها المغرب بالخصوص، كانوا يواجهون بين الحين والآخر، أوامر بالطرد خارج التراب المغربي، وهذا كان الحال أيضا مع السلطات الجزائرية، والواقع أن جريدة «لوموند» كانت لديها دائما علاقات غير جيدة مع النظام في المغرب، فبعض صحافييها تعرضوا للطرد، ويمكن القول إن هذه العلاقات لم تكن سهلة، بل كانت علاقات كارثية وصعبة. وعلي أن أقول أيضا إن الرقابة التي كانت مفروضة في السابق، قبل سنوات طويلة، وخاصة في عهد الحسن الثاني، قد اختفت، وكانت تلك الرقابة تتمثل بالخصوص في منع توزيع جريدة «لوموند» في المغرب، وقد اختفت هذه المسألة لكن حل محلها العمل على تأخير توزيع الجريدة في المغرب، وهو نوع من الرقابة المهذبة، لكن الحال اليوم لم يعد كما كان عليه في السابق. } من خلال هذه العلاقة بين الدولة والصحافة الفرنسية في المغرب، أي تقييم يمكن لك أن تقدمه حول العلاقة بين الدولة والصحافة بشكل عام، خاصة في ما يتعلق بالمتابعات القضائية؟ - من خلال معرفتي بالصحافة المغربية، من عهد الحسن الثاني إلى اليوم، فإن لدي ملاحظة، وهي أن الصحافة في المغرب هي واحدة من الصحافة التي تتمتع بحرية أكبر في العالم العربي والإسلامي، يمكن القول من جانب آخر بأن الصحافة الجزائرية هي الأكثر حرية، وكذلك الصحافة اللبنانية التي تتمتع بحرية كبيرة، فالصحافة في المغرب إذن لديها مساحة واسعة من الحرية بشرط أن تحترم الخطوط الحمراء الشهيرة غير المكتوبة، مثل قضية الصحراء الغربية التي لا يمكن انتقاد المواقف المتعلقة بشأنها، وكذلك الأسرة الملكية الحاكمة والدين الإسلامي، ونتذكر عندما منعت أسبوعية «لوجورنال» في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي وما قيل وقتها من أنها تجاوزت الخطوط الحمر، حيث كان يقال بأن الصحافة المغربية لديها حرية أكبر مما كان عليه الحال في عهد الحسن الثاني، الأمر الذي ظهر أنه لم يكن صحيحا، لأن بعض الصحف والمجلات تعرضت للمنع، وأخرى فرض عليها أداء غرامات مالية ثقيلة جدا، وأداء مبالغ استثنائية، وهو أمر تلمح به السلطات إلى أنها لاتزال تضع يدها على الصحافة، وأن هامش المناورة محدود أمامها، كما أنها تتعامل بمنطق العصا والجزرة بحسب الظروف، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن الصحافة في المغرب هي من بين الأكثر حرية في العالم العربي والإسلامي. } هل تعتقد أن الحكم الصادر ضد جريدة «المساء» من شأنه أن يمس بمقولة «العهد الجديد» والخطاب الحداثي في المغرب بشكل عام؟ - بالتأكيد، وهذا برهان إضافي على الوضع الذي تعيشه الصحافة في المغرب، خصوصا عندما نعلم عدم قدرة أية جريدة في المغرب على أداء هذا المبلغ الكبير، وهذا هو الذي حصل مع نوع من الاختلاف مع أسبوعية «تيل كيل» وأسبوعية «لوجورنال» اللتين فرض عليهما أداء مبالغ مالية ثقيلة جدا، إلى الحد الذي دفع بوبكر الجامعي إلى مغادرة المغرب، وهذا يجعلنا نقول إن الصحافة في المغرب تتمتع بحرية تحت المراقبة. } من الناحية النظرية، كيف يجب أن تكون العلاقة بين الصحافة وبين النظام السياسي والدولة بشكل عام؟ - يجب أولا أن تكون قواعد اللعبة واضحة، صحيح أن الصحافة في المغرب، مثلها مثل الصحافة في البلدان النامية، قد تفتقر إلى المهنية أحيانا، وهي قد بذلت جهودا في السنوات الأخيرة للوصول إلى هذه المهنية، ولهذا يتوجب على الصحافيين ألا يكتبوا أي شيء كان، حيث ينبغي أن ترتقي الصحافة إلى نوع من المهنية، لكن في نفس الوقت على النظام السياسي أن يضع قواعد واضحة جدا وأن تكون مقبولة من قبل جماعة الصحافيين، وألا يفرض على الصحف أداء غرامات مالية كبيرة تعتبر نوعا من الفدية. } ألا تعتبر مثل هذه الغرامات في بلد يعيش الانتقال الديمقراطي مساسا أو تهديدا لهذا الانتقال، من خلال الصحافة التي تلعب دورا في إنجاحه؟ - هذا صحيح، وخاصة في البلدان النامية مثل المغرب حيث المجتمع المدني هش جدا وحيث يمكن للصحافة أن تعلب دورا بارزا، ففي هذا الوضع لا يمكن أن تكون هناك صحافة هشة ومهددة.