تعاني الكثير من النساء من حالات الإجهاض المتكرر وخاصة مع تقدمهن في السن، حيث تختلف أسبابه من امرأة إلى أخرى. والإجهاض في لغة الطب هو فقدان الحمل إما بوفاة الجنين داخل الرحم أو بسقوطه قبل الأسبوع ال20 من الحمل ثلاث مرات متتالية، وهو مشكلة تعاني منها 3 % من النساء، وتزداد مع زيادة العمر فوق 35 عاما. وتجدر الإشارة إلى أن الزوجين الأقارب أكثر عرضة لحدوث حالات الإجهاض المتكرر نتيجة ظهور جينات الصفات بشكل كبير في هذه الحالات. وهناك أسباب معروفة ومؤكدة علميا وطبيا لحدوث الإجهاض المتكرر وأخرى مجهولة. ومن الأسباب المعروفة هناك الوراثة التي تشكل 3 إلى 5% من أسباب الإجهاض المتكرر، وتحدث نتيجة لوجود خلل في الكروموسوم لدى أحد الزوجين أو كليهما، ويسبب ذلك 70% من إجهاض الثلث الأول من الحمل و30 % من إجهاض الثلث الثاني، و3 % من وفيات الأجنة داخل الرحم. وهناك أيضا تشوهات الرحم، ذلك أن إصابة الرحم بعيوب خلقية يجعل من انغراس النطفة داخل الرحم أمرا صعبا، وتكمن مشكلة هذا العيب الخلقي في أنه يغير من الشكل الطبيعي للرحم لاحتوائه على شعيرات دموية أقل لا تكون كافية لتغذية الحمل، ويتم علاج هذا العيب بالتدخل الجراحي لتصحيحه. وهناك أيضا الالتهابات البكتيرية التي تتسبب مع الالتهابات الفطرية الشديدة التي تصيب الرحم وعمليات التنظيف للرحم والعمليات الجراحية بشكل عام، في التصاقات داخل الرحم مما يؤثر على استمرار الحمل وبقائه. وهناك اتساع عنق الرحم الذي غالبا ما يتسبب في حدوث إجهاض متأخر أي بعد الأسبوع الثاني عشر من الحمل. وأيضا الأسباب المرتبطة بخلل في جهاز المناعة، ذلك أن جهاز المناعة لدى الأم يتفاعل مع هذا الجسم الغريب ويهاجمه ويرفضه ويحاربه بأن ينتج أجساما مضادة له، فينتج الإجهاض المتكرر. ومن أمراض جهاز المناعة Maladie de système ونذكر من بينها lupus وفي هذه الحالة المرضية يكون الجسم أجساما مضادة ضد نفسه وضد الجنين فلا يتمكن عن أداء وظائفه المتمثلة في المحافظة على الجنين، فيحدث الإجهاض. وفي بعض الحالات يكون السبب هو تواجد بعض المضادات غير الاعتيادية ك: anti nucléaires وac antithyhaidiens وanti corps وantiphospholipides وac anticardiolipines وanti D والتي تتواجد عند الأمهات اللاتي لهن أنواع دم سالبة «rhésus négatifs»، إلى جانب بعض الأمراض التي تسبب تجلطا مفرطا للدم، وذلك بسبب نقص في مضادات بعض البروتينات «ب» و«س»، وكذا العلاج الكيميائي كما في أمراض السرطان أو التعرض للإشعاعات بكميات كبيرة، وتدخين المرأة أو الرجل وتناول المشروبات الكحولية. بالنسبة إلى الأمراض التي يصاحبها الإجهاض المتكرر، هناك العديد من الأمراض أهمها مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات الغدد مثل الغدة الدرقية، وأمراض خلل المناعة. ولا يمكن اعتبار التغذية سببا مباشرا إلا في حالة النقص الحاد التي تؤثر على نمو الجنين. إن حدوث الإجهاض بشكل متكرر يعد مشكلة كبيرة تؤثر على الحياة الزوجية وتسلب الزوجين سعادتهما، لذلك يجب على الطبيب المعالج أن يأخذ المشكلة بعين الاعتبار، خاصة إذا كان عمر المريضة يناهز الثلاثين عاما، لأنه مع زيادة عمر المرأة تقل نسبة نجاح الحمل وتزداد نسبة الإجهاض. يمكن القول بأن الأخصائي المعالج هو الوحيد القادر على تحديد نوع العلاج الذي يناسب المرأة لمعرفته بحالتها والأسباب التي تجعلها تجهض، ومن ثمة قدرته على توجيه الزوجين إلى الاتجاه السليم.