لكل امرأة حلمها السري.. قد تبوح به، وقد تطويه في قلبها.. أحلام كثيرة ومتنوعة تختلف من امرأة لأخرى، حسب عمرها ومستواها الثقافي والعلمي والاجتماعي.. لكنها أحلام قد تتحقق وقد تظل دفينة الروح والجسد.. هناك من ترغب في الزواج هروبا من الوحدة وألسنة النسوة اللاذعة.. وهناك من تبحث عن حب حقيقي يعقبه الزواج.. من تبدأ حياة جديدة بالزواج ومن تتوقف عن الحياة بمجرد الزواج.. هناك من تحلم بشقة لا يطرق بابها ملاك يطلب الإيجار.. وهناك من تحلم ببيت تدق بابه لتطلب الإيجار.. هناك من تحلم بالأبناء، أن يكبر بطنها ويظهر حملها وتذهب لشراء أغراض المولود المنتظر، تتعارك حول اسمه مع أم زوجها وتثرثر مع صديقاتها حول الحمل وأعراضه، السمنة وبشاعتها، البقع السوداء على الوجه والوصفات الطبيعية التي تزيلها.. هناك من تحلم بالوظيفة بعد سنين من الدراسة والليالي البيضاء وتعيش كابوس الحاجة والاحتجاج أمام قبة البرلمان.. وهناك من تحلم ب»الخاريج»، عقد عمل ثمين في دبي أو الأردن.. حقول إسبانيا أو مواخير الصهاينة.. هناك من تحلم بعقد من الذهب الأبيض تغيظ به جاراتها وزميلات العمل الحسودات.. وهناك من تخرج للتظاهر ضد غلاء الخبز والسكر.. لا تملك شيئا سوى كبريائها وصوتها المبحوح تدافع به عن بقائها وبقاء أطفالها. هناك من تحلم بمسبح كبير وسط البيت، تسترخي فيه وتأخذ على جنباته وجبات السمرة المنعشة.. وهناك من تحلم بصنبور ماء في البيت يقيها هي وطفلاتها عناء المسير الطويل صيفا وشتاء من أجل جلب قنينة ماء قد لا تصلح للشرب ولا تنظف حبات العرق المتساقطة من الجبين.. هناك من تحلم بعمليات التجميل، أنف نانسي وعيون إليسا وفم أنجيلينا جولي، وهناك من تحلم بمستوصف قريب تستطيع أن تزوره كلما أحست بصداع في الرأس أو آلام الركبتين أو اشتدت عليها أوجاع الوضع.. هناك من تسعى إلى الطلاق بعد سنين من القهر والذل، وهناك من تحلم بأن يتغير قلب الزوج القاسي مع الأيام، فيمر الزمان ويزداد الزوج ظلما وقسوة وعنفا وجحودا، وتظهر خيوط الزمن البيضاء على رأسها فتكتشف أن العالم كله تغير من حولها.. إلا قلب زوجها الأصم.. هناك من تحلم أن يكبر أبناؤها ليعوضوها عن تضحياتها.. فيكبر الأبناء وتكبر أنانيتهم ليرحلوا دون أن يضعوا قبلة شكر واعتراف بالأمومة على جبينها.. هناك من لا حلم لها في نهاية العمر سوى جواز سفر ورائحة الحج.. يناديها الأقارب «الحاجة» ويستقبلوها بالزغاريد ورائحة الند والبخور.. تذرف دموعا ساخنة كلما حل موسم الحج وشاهدت النساء يذهبن ويعدن وتظل هي في مكانها، مسبحتها في يدها وعيونها الدامعة مرفوعة إلى السماء.. أما أنا فأحلامي كخيط سري سحري، لا يراه سواي.. أتوكل على الخالق وأمشي فوقه كلاعب سيرك محترف.. أصل أحيانا بمشيئته وأحيانا ينقطع الخيط.. لكن لا أقع.. أمشي من جديد نحو الحلم..