-بماذا تفسر عودة بعض الأمراض إلى عدة مناطق في المغرب بعد أن تختفي لمدة معينة من الزمن، آخر هذه الأمراض ذاك الذي ظهر بزاكورة وهو مرض اللشمانيا؟ < مرض اللشمانيا (مرض جلدي) لم يظهر أول مرة في هذا الإقليم. فهذا المرض معروف في المغرب، وهناك مناطق معروفة بالداء منها منطقة زاكورة وكلميم والرشيدية. وقد ينتقل هذا المرض حتى إلى المناطق الشمالية من المغرب، خاصة المناطق الجافة كتازة. ومؤسف أننا نسجل اليوم عودة مثل هذه الأمراض، والتي منها المعدية وغير المعدية، بعد أن كان المغرب قد قطع أشواطا مهمة في محاربتها والقضاء عليها. وهنا، أعطي مثالا بمرض السل، ففي سنوات التسعينيات والثمانينيات وبسبب المجهودات التي كانت تقوم بها وزارة الصحة آنذاك، تمكن المغرب من تقليص نسبة الإصابة بهذا الداء، لكن ها نحن نسجل سنويا ما يناهز 30 ألف حالة جديدة بداء السل. إذن، نحن أمام خطر داهم لهذا الداء، خاصة بعد أن أصبحنا نسجل حالات يستعصي علاجها بالمضادات الحيوية التي كانت تستعمل دائما في علاج هذا الداء، مما يستدعي أحيانا استعمال مضادات حيوية باهظة الثمن وتتطلب مدة أطول كي تظهر فعاليتها. - وماهي انعكاسات هذه الأمراض على المجتمع؟ < هذه الأمراض مكلفة لميزانية الدولة ومكلفة أيضا للمجتمع، لأن المريض يصبح عالة على أهله ومحتاجا إلى عائلته، كما أن عائلته تصبح في حاجة إلى من يعولها. إذن، بالنسبة إلي، عودة هذه الأمراض، مثل اللشمانيا وغيرها، هي ناتجة عن تراجع دور الوقاية لدى مصالح وزارة الصحة. فالوزارة كانت تولي أهمية بالغة للوقاية، من هنا كان المغرب يسجل تراجعا ملحوظا في عدة أمراض معدية، خاصة الأمراض الفتاكة التي تصيب الأطفال كالسعال الديكي والشلل والكزاز وداء الحصبة، لكن مع الأسف ها نحن نسجل من جديد ظهور أمراض أخرى تهدد حياة الناس والصحة العمومية. - وفي نظرك، ما المطلوب لتطويق عودة هذه الأمراض التي تظهر، بين الفينة والأخرى، في عدة مناطق بالمغرب؟ < لتطويق هذه الأمراض لا بد من توفير العنصر البشري وتأهيل الموارد البشرية الضرورية للقيام بأعمال الوقاية من الأمراض. فما نسجله الآن أن هناك العديد من المراكز الصحية والمستوصفات التي تم تشييدها وتجهيزها، وهي لازالت مغلقة بسبب الافتقار إلى الموارد البشرية، خاصة الممرضين، بل هناك مراكز صحية في عدة مناطق قروية تم إغلاقها بسبب خصاص في الموارد البشرية رغم أنها متوفرة ولكن لا يتم تشغيلها تحت إكراه غياب المناصب المالية. وفي اعتقادي، هذه ذريعة لأن صحة المواطنين هي الأولى ولا تقدر بثمن، وهناك أيضا مصالح استشفائية إما أنه يتم إغلاقها أو يتم تشغيلها بالحد الأدنى من الموارد البشرية. وهذا الوضع، بطبيعة الحال، أثر سلبا على الوضعية الصحية بالمغرب التي سجلت تراجعا ملحوظا في تطويق بعض الأمراض. والمطلوب أيضا إعادة النظر في طريقة عمل قطاع الصحية بالمغرب، ولن أتحدث عن السياسة الصحية لأن بلدنا لا يتوفر عليها. * طبيب جراج وباحث في قانون الصحة