[email protected] تخلص ثباتيرو أول أمس من عقدة صنعها اليمين الإسباني وعلقها فوق رئيس الحكومة لمدة أربع سنوات. هذه العقدة تقول إن الاشتراكيين وصلوا إلى الحكم على متن قطارات 11 مارس، وهو غمز سياسي ماكر إلى أن تفجيرات 11 مارس وسوء تعامل أثنار معها واتهامه ل«إيتا» بارتكابها، في محاولة لعدم ربطها بالقاعدة وبالمشاركة الإسبانية في غزو العراق... هو السبب في غضب الناخبين على اليمين وبالتالي فوز اليسار غير المستحق. أول أمس فاز الاشتراكي الشاب بولاية ثانية لحكومته، وتخلص من عقدة التفجيرات، لقد قاد وريث غونزاليس حملة انتخابية نظيفة وعقلانية في مواجهة حملة اليمين الشرسة والعاطفية في بعض تعبيراتها، لقد دافع ثباتيرو عن حصيلة حكومته الاشتراكية وأبرز إنجازاتها في المساواة والدفاع عن المهاجرين وتخفيف حدة «الإرهاب» الذي تقوده حركة «إيتا» والمساهمة في تعزيز السلام العالمي من خلال انسحاب قوات بلاده من العراق.. هذا علاوة على إنجازاته في الملف الاقتصادي وتحسن مؤشرات التنمية، رغم ارتفاع أسعار العقار والوقود وكلها قطاعات مرتبطة بالأسواق العالمية، ولم ينس المحامي الشاب (47 سنة) التذكير بأنه خفف من حدة التوتر في علاقات الرباطومدريد التي كادت تصل إلى المواجهات العسكرية عقب أزمة جزيرة ليلى على عهد اليميني المحافظ أثنار. منافس الحزب الاشتراكي، اليميني راخوي، دافع من جهته عن سياسة متشددة تجاه المهاجرين وخاطب مشاعر الخوف لدى فئة من الإسبان أصبحت ترى في المهاجر الإفريقي والعربي مصدر توجس، ودعا إلى توقيع عقد التزام من قبل المهاجر بالخضوع لقوانين البلاد والعمل على الاندماج. كما جادل كثيرا في عودة منظمة «إيتا» الانفصالية إلى أعمال «الإرهاب» بعد هدنة قصيرة، ووعد راخوي الإسبان بالتشدد مع «إيتا» ومع نزوعات الحكم الذاتي المنتشرة في باقي المناطق الأخرى قائلا: «إن إسبانيا دولة وطنية واحدة»... أما في الاقتصاد فركز راخوي على دعم الاستثمار وتعزيز العلاقات مع أوروبا وأمريكا... اختار الإسبان رئيس حكومتهم واختاروا معه نوع البرنامج الذي رأوا فيه مصلحتهم، وكانوا أكثر عقلانية عندما أعطوا 169 مقعدا برلمانيا للاشتراكيين رغم انحسار اليسار في أوربا: «فرنسا، ألمانيا» وهيمنة اليمين الذي يلعب على مشاعر الخوف من الهجرة والإرهاب والإسلام. وكانوا أكثر ذكاء عندما منحوا اليمين خمسة مقاعد إضافية في البرلمان إلى ما كان عنده في سنة 2004 وهو ما سيقوي المعارضة، ولهذا كتبت «إلموندو» عنوانا دالا على الحدث يقول: «الحزب الاشتراكي فاز والحزب الشعبي تقدم على صعيد عدد المقاعد». لقد انتهت المعركة التي تبارى فيها حزبان ومشروعان ورؤيتان لإسبانيا، داخليا وخارجيا، لقد كانت للطرفين معا الشجاعة في إبداء مواقفهما إزاء كل القضايا ابتداء من الهجرة والإرهاب إلى الكنيسة والاقتصاد ثم التعليم والمرأة، فالتأمين الصحي وارتفاع الأسعار والعقار وتوجهات مدريد الدبلوماسية إزاء المغرب وأوربا وأمريكا... كانت الانتخابات فرصة لقراءة إسبانيا من الداخل واختبار متانة الانتقال الديمقراطي الذي ولد يوم مات الدكتاتور فرانكو... رجاء لا تطلبوا مني مقارنة ما جرى يوم 9 مارس بما وقع يوم 7 شتنبر في بلاد لا تبعد عن إسبانيا سوى ب12 كيلو مترا من مياه البحر.. رجاءً