حذر والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، من التوترات التضخمية التي يمكن أن يعرفها المغرب خلال السنة الجارية، جراء تحقق أحد أو مجموعة من عوامل المخاطر، التي ترتبط أبرزها بأسعار المحروقات والمنتجات والمواد الأولية الفلاحية المستوردة، وبآفاق تطور الإنتاج والمداخيل، وكذا باستمرار نمو القروض البنكية التي ارتفعت خلال السنة الفارطة ب97 مليار درهم. وأشار الجواهري خلال الندوة الصحفية السنوية، التي شهدتها الرباط أمس الثلاثاء، إلى أن البنك سيستمر في نهج سياسة حذرة إزاء تطور العوامل الأساسية لمخاطر التضخم، مشيرا في ذات الوقت إلى أن المندوبية السامية للتخطيط بصدد إعداد منظومة جديدة تسهل لها الإحاطة بمعدل التضخم، خاصة في ظل التحفظات على معدل التضخم الحالي الذي حصر في حوالي 2 في المائة، إذ يعتبر بعض المراقبين أنه لا يعكس حقيقة تطور الأسعار في المغرب. و أكد على أن الفائض في السيولة الذي ميز أداء النظام البنكي المغربي في الفترة الممتدة بين 2000 و2006، تحول إلى عجز ابتداء من فبراير الماضي، على اعتبار أن رفع الاحتياطات التي توجب تكوينها وتسارع عمليات تفويت العملية الصعبة من أجل التحوط إزاء تراجع الدولار أفقد البنوك المغربية سيولة بلغت في المتوسط 10 ملايير درهم، بحيث تحول الفائض الذي بلغ في 2006 حوالي 5.8 مليار درهم إلى خصاص ب4.2 مليار درهم. وشدد والي بنك المغرب على أنه رغم التقدم الذي يعرفه النظام البنكي المغربي فإنه يعاني من بعض الهشاشات، على اعتبار أن نسبة الديون المعلقة الأداء مازالت مرتفعة، رغم تحسنها الملموس، حيث يصل معدلها إلى 5 في المائة، مما يؤثر على نوعية أصول القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع تمركز مخاطر الإقراض، في نفس الوقت لا تزال عملية شطب الديون المعلقة الأداء القديمة تواجه بعض الإكراهات الضريبية. ولاحظ الجواهري تسارع الإقراض في المغرب، حيث وصلت القروض التي منحها القطاع البنكي في السنة الفارطة إلى 423 مليار درهم، مسجلة نموا بنسبة 29 في المائة، في ظل تطور تسهيلات الخزينة وقروض التجهيز والتوسع الكبير الذي عرفه القطاع العقاري، مما يؤدي إلى تزايد مخاطر الائتمان من طرف البنوك، وقد حذا التطور بوالي بنك المغرب إلى دعوة البنوك المغربية إلى اعتماد ميثاق أخلاقي يحد من المنافسة المحتدمة في مجال القروض العقارية، بل إن البنك المركزي حث على رفع معدل ملاءمة البنوك، أي الأموال الذاتية التي توفر لها مواجهة الطلبات التي توجه إليها من 8 في المائة إلى 10 في المائة في السنة الحالية و12 في المائة في 2009. يشار إلى أن القروض العقارية نمت خلال السنة الفارطة بنسبة 33 في المائة لتصل إلى 107.5 مليار درهم، في نفس الوقت الذي وصلت قروض الاستهلاك إلى 19.7 مليار درهم، وقروض التجهيز 81.4 مليار درهم و قروض الخزينة 128 مليار درهم والقروض الممنوحة لشركات التمويل 42 مليار درهم. ووصلت الودائع لدى النظام البنكي في السنة الفارطة إلى 515 مليار درهم، بزيادة بنسبة 19 في المائة. وانتقل معدل تغطية القروض المعلقة الأداء إلى 75 في المائة، وهو معدل اعتبره الجواهري منسجما مع المعايير الدولية. وشدد الجواهري على أن بنك المغرب عمل على تعزيز الإشراف البنكي ودعوة القطاع البنكي إلى الاستمرار في توخي الحذر بخصوص تصور الائتمان ومتابعة جهوده في مجال تدبير المخاطر وتوقع المستويات التي يحتمل أن تعرف الظرفية الإيجابية انقلابا عندها سواء على المستوى الإجمالي أو القطاعي أو بالنسبة للمخاطر الكبرى. كما لاحظ أن الارتفاعات المفاجئة التي يعرفها الائتمان تكون مصحوبة في بعض الأحيان بنمو سريع للأسعار، مما يؤدي إلى تكون فقاعات مضاربية، قد ينجم عن انفجارها تباطؤ في النشاط الاقتصادي. وعرض والي بنك المغرب إلى الحملة التحسيسية حول تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة التي نظمها البنك المركزي خلال السنة الفارطة، والتي رسخت لدى المتدخلين القناعة بضرورة صياغة معاهدة للشراكة بين المجموعة المهنية للبنوك المغربية والوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل تقديم مساعدة تقنية تلائم حاجيات المقاولات عن طريق شبكة «ريمان»، ملاحظا أن الحملة التي مست 1500 مقاولة توصلت إلى أن المقاولات الصغرى والمتوسطة لا تشتكي من ضعف التمويل، بل تطلب المواكبة أكثر والتأطير التقني.