في أحدث التطورات على الساحة البلجيكية لما بات يسمى بشبكة بلعيرج الإرهابية، لزعيمها عبد القادر بلعيرج الذي يحمل الجنسية البلجيكية منذ عام 2000 كما يحمل الجنسية المغربية، رجحت جريدة «دي ستاندارت» البلجيكية الفلامانية اليومية، على موقعها في الأنترنت يوم الجمعة 29 فبراير ودون أن تكشف عن مصادرهاّ، أن عبد القادر بلعيرج كان مخبرا لدى جهاز أمن الدولة البلجيكي، وذلك لمدة ثماني سنوات. نفس الأمر أعلنه تلفزيون «في تي إم»، بل أضاف أن بلعيرج قدم «خدمات استعلاماتية طوال ثماني سنوات». وفي الوقت الذي حاول فيه عدد من وسائل الإعلام البلجيكية، وخاصة وكالة الأنباء «بيلكا»، تأكيد أو نفي الخبر من قبل وزارة الداخلية البلجيكية لكونها الوزارة التي يتبع لها البوليس الفيدرالي والأمن وأجهزة مكافحة الإرهاب، أو وزارة العدل البلجيكية التي يخضع لها جهاز أمن الدولة، عبرت الوزارتان من خلال الناطقين الرسميين باسميهما عن عدم رغبتهما في التعليق على الأمر. وفي وقت لاحق من يوم الجمعة الماضي، أعلن وزير العدل البلجيكي جو فانديغزيم عن إصداره أمرا إلى اللجنة الدائمة لمراقبة أجهزة الاستعلامات البلجيكية «كوميتي إر» من أجل مراقبة الطريقة التي اشتغلت بها أجهزة الاستعلامات البلجيكية في جمعها ومعالجتها للمعلومات المتعلقة بقضية بلعيرج. وحسب مصادر إعلامية بلجيكية متطابقة توصلت ببلاغ رسمي من وزير العدل البلجيكي مؤرخ بتاريخ الجمعة 29 فبراير المنقضي، فإن الأخير عبر عن قلقه بشأن فعالية ونزاهة أداء أجهزة الاستعلامات والأمن في بلاده، رافضا في البلاغ نفسه أن يدلي بأي معلومات إضافية بشأن كون بلعيرج كان مخبرا لدى أمن الدولة أم لا، حيث قال: «لا يسمح لي قانون 11 دجنبر 1998 الخاص بتصنيف المعلومات بأن أصرح بالمزيد في شأن المعنيين بالأمر، غير أنني طلبت وبشكل فوري من اللجنة الدائمة لمراقبة أجهزة الاستعلامات البلجيكية فتح تحقيق حول الطريقة التي اشتغلت بها أجهزة الاستعلامات البلجيكية في جمعها ومعالجتها للمعلومات المتعلقة بهذا الملف، وعلي أن أنتظر ما سيخلص إليه التحقيق». جو فانديغزيم، وزير العدل الديمقراطي المسيحي من حيث انتماؤه السياسي، قال أيضا إنه بمجرد علمه بإلقاء السلطات المغربية القبض على عدد من الإرهابيين، ومن بينهم ثلاثة يحملون الجنسية البلجيكية، طلب من مختلف الأجهزة الأمنية المعنية بالأمر في بلجيكا أن تمده بما تتبادله بين بعضها البعض من معلومات في شأن هذا الملف. من جهة أخرى، اعترف مصدر غير رسمي من البوليس الفيدرالي البلجيكي لجريدة « لوسوار» البلجيكية بأن الأجهزة الأمنية تلجأ بشكل منتظم إلى خدمات مخبرين من أجل التسلل إلى داخل «مجموعات مشتبه فيها»، مضيفا أن «نصف سجنائنا هم مخبرون لهذا الجهاز الأمني أو ذاك. وكما أعلن عام 1996 أن ميشال نيحول كان مخبرا منتظما لدى جهاز الدرك البلجيكي، له رقم باتنتا ويتقاضى أجرا معلوما، فمن الممكن جدا أن يكون بلعيرج هو الآخر ( والذي أقر متخصصون بلجيكيون في مكافحة الإرهاب، منذ الأيام الأولى لاعتقاله من قبل المغاربة، معرفتهم به منذ سنوات) مخبرا لدى أمن الدولة». وقد حولت المعلومات الجديدة، التي كشفت عنها يومية «دي ستاندارت» والتي تفيد بأن بلعيرج كان مخبرا لدى جهاز أمن الدولة البلجيكي، الشكوك لدى الرأي العام البلجيكي من شك في صحة رواية وزارة الداخلية المغربية إلى شك أيضا في مدى تورط جهاز أمن الدولة البلجيكي في الجرائم الست المنسوبة إلى بلعيرج. وتأتي هذه التطورات في وقت كانت فيه مختلف وسائل الإعلام البلجيكية تحاول استيعاب ما أعلنت عنه وزارة الداخلية المغربية قبل أسبوعين من أمر تفكيك شبكة إرهابية يتزعمها عبد القادر بلعيرج، حامل الجنسية البلجيكية، وبشكل خاص استيعاب كيفية توصل المحققين المغاربة إلى كشف تورط عبد القادر بلعيرج في ست جرائم قتل ارتكبت ما بين عامي 1986 وعام 1989 على الأراضي البلجيكية، في حين أن السلطات البلجيكية نفسها حفظت التحقيق في هذه القضايا بعد أن فشلت في العثور على مرتكبيها. وكانت السلطات المغربية قد ألقت القبض على عبد القادر بلعيرج، البالغ من العمر خمسين سنة، في الثامن عشر من فبراير الأخير، وألقت القبض أيضا، في الأيام اللاحقة، على عدد من المشتبه في انتمائهم إلى شبكته الإرهابية المفترضة وصل حتى الآن إلى 38 شخصا، مع العثور على كمية كبيرة مخبأة من السلاح.