تناولت كبريات الصحف والمجلات الأمريكية المهتمة بتكنولوجيا المعلومات هذا الأسبوع قضية فؤاد مرتضى، واعتبر ريتشارد ستيينون، عملاق الأمن المعلوماتي العالمي والمختص في جرائم الأنترنت، أن المغرب لا يواكب ما يشهده العالم، وارتكب ما سماه ريتشارد «حماقة» بتعذيب وإدانة صاحب الصفحة المزورة على الفايس بوك. ريتشارد ستيينون الذي تصنفه مجلة نتوورك وورلد من أهم الشخصيات النافذة في مجال الشبكات صرح في مقال بعنوان: «على المغرب أن يجد حلا»، بأن السلطات المغربية لا تستوعب ما يتغير في التكنولوجيات الحديثة ولا في الأشكال الجديدة لتبادل المعلومات التي تمتاز بالأساس بسرعة التواصل والعمل. وفي نظره فإن سجن المهندس المغربي بسبب انتحاله لشخصية الأمير مولاي رشيد على الفايس بوك يمكن تصنيفه في قائمة تضم عشرة أخطاء حكومية في العالم في ما يخص الأنترنت، مقترحا في نفس الوقت أن يوظف المغرب فؤاد مرتضى لمساعدة السلطات في تطوير ميدان التكنولوجيات الحديثة. وتطرح القضية إشكالية الخصوصية على الأنترنت وآليات مراقبة ما ينشر على الشبكة العنكبوتية دون علم المستخدمين. وقد اعتاد كثير من الناس على استخدام الأنترنت يوميا، غير أن هناك عددا كبيرا من هؤلاء المستخدمين لا يدركون الكثير عن المشكلات الأمنية التي يواجهونها أثناء الاستخدام، فمعظم المستخدمين يشعرون بأنهم مجهولو الهوية عندما يكونون متصلين بالأنترنت، ولكنهم في الواقع غير كذلك. وهناك العديد من الطرق السهلة لحماية المستخدم من المشكلات المستقبلية. نجد تعريفات متعددة ومتباينة قد تم وضعها للحق في الحياة الخاصة، لا بين النظم القانونية المختلفة، ولكن في إطار النظام القانوني الواحد، فللفقه تعريفاته، وللقضاء تعريفاته، وهي تتباين في الإطار الواحد، أما التشريعات، فقد اتجهت إلى عدم إيراد تعريف للحق في الحياة الخاصة، تاركة هذا الأمر للفقه والقضاء، واكتفت بوضع نصوص تكفل حماية الحق وتعدد صور الاعتداء عليه. أما سبب شبه الإجماع على أن تعريف الحق في الخصوصية من الأمور الصعبة، فهو يرجع إلى اختلاف المفهوم الذي يمثل أساسا لتحديد التعريف إضافة إلى التباين في التعريفات تبعا للنظم القانونية المختلفة. في كثير من الدول، فإن مفهوم الخصوصية اختلط وارتبط بمفهوم حماية البيانات، وهو ما يضع الخصوصية ضمن إطار الحق في حماية البيانات الخاصة، وفي خارج نطاق هذا المفهوم فإن الخصوصية ظهرت كوسيلة لتحديد الخطوط الفاصلة بين حق الفرد المطلق وبين حق المجتمع بالتعرض لشؤونه. الأنترنت بمثابة تخم حدودي جديد يتم تنظيمه بالشبكات، وهناك الكثير من الأسباب التي تجعل المراقبين قلقين بشأن الحماية، والخصائص التي تجعل الأنترنت جذابا جدا مثل التفاعلية والاتصال المتعدد، والتوافق مع طلبات الزبائن وهي ذات الأسباب التي تجعل منه طريقة مثالية لشخص يرصد رصدا دقيقا ما يقوم به المستخدم دون أن يدري بذلك. ربما يبدو الأمر غير ذلك، لكن من الممكن تماما إنشاء مرجع شخصي لأحد المستخدمين عن طريق تتبع خطاه عبر شبكة الأنترنت. إن كل فعل يقوم به المستخدم أثناء وجوده على الأنترنت يتم تسجيله في مكان ما. إن موضوع الحماية الشخصية للمرء هو القضية الكبرى المحيطة بالأنترنت. إذا لم يستطع المرء أن يشعر بالأمان والخصوصية على الأنترنت، فإن النظام بأكمله سيفشل وبفعل الكفاءة العالية لوسائل التقنية والإمكانات غير المحدودة في مجال تحليل واسترجاع المعلومات، اتجهت جميع دول العالم بمختلف هيئاتها ومؤسساتها إلى إنشاء قواعد البيانات لتنظيم عملها، واتسع على نحو كبير استخدام الحواسيب لجمع وتخزين ومعالجة البيانات الشخصية لأغراض متعددة في ما يعرف ببنوك ومراكز المعلومات الوطنية، ومع تلمس المجتمعات لإيجابيات استخدام الحواسيب في هذا المضمار، ظهر بشكل متسارع أيضا الشعور بمخاطر تقنية المعلومات وتهديدها للخصوصية . أي موقع ويب، كما يصرح مركز الديمقراطية والتكنولوجيا، يمكنه التوصل إلى موقع وصاحب الخادم الذي استخدمه المرء للاتصال بالأنترنت، فضلا عن نظام التشغيل الذي يعمل به جهازه سواء ويندوز أو دوس، وكذلك مستعرِض الأنترنت المستخدَم. هذه هي المعلومات المصرح بأخذها قانونيا. ولكن، ممكن أن نفترض في بعض الحالات أنه يتم أخذ قدر أكبر من البيانات بالفعل. وهذا مجرد قدر ضئيل من الطرق الكثيرة التي يسلكها الناس للتعرف على هوية مستخدم الأنترنت، وما يفعله خلال اتصاله بالشبكة. ويعد استخدام التسجيل السلبي لمعلومات المعاملة من أكثر الطرق التي يستخدمها رؤساء الويب للتوصل إلى معلومات عن المستخدم. يقول كريس بالمر، مدير التكنولوجيا في «إلكترونيك فرونتْييَر فاونْدَيشن» المنظمة غير الربحية في سان فرانسيسكو التي تكرس جهودها لحماية حقوق الأفراد مثل حرية التعبير على الويب: «أصبح الناس في العالم كله مهتمين أكثر بالحفاظ على سرية هويتهم، أي «مجهوليتهم»، مما كانوا عليه خلال التسعينات. وتعود أسباب ارتفاع نسبة شراء هذه البرامج لحماية الخصوصيات، التي مكنت الكثير من الناس أن يصبحوا «غير مرئيين»، إلى أن البعض يريدون أن يتبادلوا الموسيقى من خلال الأنترنت، لكنهم يخافون من رفع شركات إنتاج الموسيقى دعاوى قضائية ضدهم تقودهم إلى السجن، كذلك هناك بعض أصحاب مواقع الويب يريدون أن يشركوا الآخرين بأفكارهم حول أنظمة قمعية بدون أن يترتب على ذلك انتقام الحكومة منهم. ويقول جوليان باين، المسؤول عن حرية الأنترنت في منظمة «مراسلون بدون حدود»، إنه كلما امتلكت الحكومات أدوات أكثر قوة، تزداد الحاجة إلى «المجهولية». وأصدرت المنظمة دليلا لكتّاب المفكرات الإلكترونية «البْلوغَرز» سعيا لحمايتهم. وأضاف أن المنظمة أدركت أن كتاب المدونات الإلكترونية قد يتعرضون إلى المخاطر في كل مكان من العالم.