رغم مرور أكثر من شهر على إعلان تعيين نادية سرحاني ممثلة للجالية المغربية المقيمة في الولايات، فإن الأصوات الغاضبة من التعيين مازالت لم تخفت بعد. بعضها ساخط على مبدأ التعيين نفسه المنافي لطريقة التصويت الديمقراطية، وبعضها الآخر ناقم على اختيار سيدة محجبة تفتقر إلى التجربة والحنكة السياسية لتمثيل المغرب في هذه الظروف الحساسة. ومقابل ذلك، تبتسم سرحاني في وجه منتقديها ولا تطلب سوى منحها القليل من الوقت كي تقوم بعملها. «المساء» التقت سرحاني ونقلت لها الأسئلة التي استقت معظمها من المهاجرين المغاربة في منطقة واشنطن الكبرى: - بعد مرور أكثر من شهر على التنصيب، ما هي أهم مبادرة قمت بها إلى غاية الآن؟ < أولا، أود أن أشرح للناس أن المنصب شرفي وليس سياسيا، فأنا لا أتمتع بأي سلطة من السلط، ومازلت، إلى غاية الآن، لا أعرف بالضبط ما هو المطلوب مني وكيف سأقوم بذلك الدور مستقبلا. - ولكنك أصدرتِ بيانا حول الجولة الثانية من المفاوضات حول الصحراء التي تمت في نواحي نيويورك! < لقد كان رد فعلي عاديا. تابعتُ الموضوع من منطلق أنه يهم بلدي ويعد القضية الأساسية التي تشغل بال المغاربة، ولهذا أصدرتُ بيانا حول الموضوع. كما أن خطوتي جاءت بعدما تلقيتُ العديد من المكالمات الهاتفية من مغاربة مقيمين في مختلف الولاياتالأمريكية عبّروا فيها عن استعدادهم المُطلق للدفاع عن وجهة نظر المغرب في هذا الموضوع. وبعض هؤلاء سافروا إلى نيويورك وحملوا لافتات تساند مغربية الصحراء خارج المكان الذي استضاف المفاوضات. وقد كنت سعيدة جدا بمثل تلك المبادرات، لهذا أحسست بواجب القيام بإصدار بيان صحفي يعكس تشبث المغاربة المهاجرين بمغربية الصحراء. - ألم تتدخل السفارة المغربية لدفعك إلى إصدار البيان؟ < أبدا، وأقسم على ذلك. السفارة لا دخل لها ولم أتحدث مع القنصل العام، السيد حسن خنطاش، لأنه كان في المغرب حينها والبيان كان خطوة شخصية مستقلة من طرفي. - كيف تعاملتِ مع ردود الفعل السلبية والغاضبة التي تم الإعلان عنها عقب الإعلان عن تعيينك ممثلة للمغاربة في أمريكا؟ < طبعا، هناك دائما ردود فعل متفاوتة على أي قرار من هذا النوع، لكنني أحترم حق الآخرين في التعبير عن آرائهم. في البداية، حاولت الدفاع عن نفسي في وجه سيل الاتهامات والمقالات السلبية التي تم نشرها في عدد من المواقع المهتمة بشؤون الجالية المغربية، لكنني بعد ذلك قررت التفرغ للعمل الجاد لإظهار وجه المغرب الحضاري ولمّ شمل الجالية المتفرقة. فالمنصب جاء لتوحيد صف المغاربة وليس لتفريقه، لهذا فردّي سيكون عبر العمل وليس عبر الدفاع عن نفسي. - هل اتصل بك أحد من مسؤولي المجلس بعد تنصيبك كي يشرح لك مهام منصبك وما هو المطلوب منك بالضبط كممثلة للجالية؟ < لا، لم يتصل بي أحد بعد. فأنا لم أتوقع أصلا أن يتم ترشيحي لمثل هذا المنصب لأنني بعيدة جدا عن السياسة ودهاليزها. ولهذا، فعندما اتصل بي السيد اليزمي وأخبرني بتعييني اعتقدتُ في البداية أن هناك خطأ ما وأن الأمر مجرد نكتة لا غير. - وأنت، هل تعرفين ما هو المطلوب منك كممثلة للجالية المغربية في الولايات المتحدة؟ < لا، ليس بالضبط. لدي فكرة عامة حول الخطاب الملكي الذي تم الإعلان خلاله عن إنشاء مجلس للجالية. وإلى حد الآن، لم يتصل بي أحد كي يشرح لي ما هي الخطوة اللاحقة، وهل سيكون لدي مكتب أو ميزانية، وأين تبدأ صلاحياتي وأين تنتهي... مازلت أنتظر الاجتماع الذي سيُعقد في الرباط الشهر القادم لجميع ممثلي الجاليات المغربية في الخارج، وحتى هذه المعلومة حصلتُ عليها عبر الاتصال بممثلة المغاربة في بريطانيا. - ما هو أسوأ رد فعل صدر ضدك بعد إعلان ترشيحك لهذا المنصب؟ < كان ذلك عندما قام زميل سابق في المنظمة الأهلية التي أعمل فيها بنشر رسائل شخصية تبادلناها مع بعضنا البعض بخصوص مشاكل داخلية كنا نواجهها في Morocco Foundation. ولم يكتف بذلك بل نشر أكاذيب ملفقة عني في عدد من المواقع المغربية، لكن والحمد لله في النهاية تضامن معي أعضاء المنظمة جميعا، بينما استقال هو من المنظمة. ونحن، الآن، نواصل عملنا التطوعي والخيري من أجل المغرب. أحزنني أيضا أن العديد من المواقع نشرت آراء ضدي ولم تمنحني فرصة الدفاع عن نفسي والتعبير عن وجهة نظري، وهذا مخالف للمهنية التي تقتضي وجود الرأي المخالف. - بعض المغاربة أعربوا عن ارتياحهم لاختيار سيدة من أجل تمثيل المغاربة في أمريكا، لكن البعض الآخر أبدى تحفظه لكونك سيدة محجبة، وهذا قد يضر بصورة المغرب في مجتمع أمريكي مازال لم يشف بعد من ضربات الحادي عشر من سبتمبر؟ < بالعكس، أنا أعتقد أن اختيار سيدة محجبة في أمريكا في هذا الوقت بالذات يعد خطوة جريئة لأنه الوقت المناسب للدفاع عن الإسلام. وأعتقد أن هؤلاء الذين يظنون أن حجاب المرأة في أمريكا شيء سلبي لم يعيشوا كفاية في هذا البلد كي يدركوا أن الأمريكان لا يخافون من الحجاب، بل الحمد لله وبفضل الحجاب فإن الكثير من الناس يتوددون إلي لأنني مختلفة عنهم، وزملائي الأمريكيون مؤدبون وطيبون معي، وأنا أغتنم كل فرصة تتاح لي للدفاع عن الإسلام وشرح مبادئه السمحة. للأسف، المغاربة الذين يقولون ذلك يمارسون التمييز ضدي، وهذا شيء مؤسف ومحزن لأن الأمريكيين أنفسهم لا يقومون بذلك. - ما هي مشاريعك المستقبلية في إطار الدفاع عن الجالية المغربية المقيمة في أمريكا؟ < أرغب قبل كل شيء في توحيد صفوف الجالية المغربية واستقطاب المهاجرين الجديّين لفتح قنوات إعلامية وحقوقية للتعريف بهموم الجالية ومشاكلها. كما أنني سأعمل على أن تتحول الجالية إلى لوبي قوي يدافع عن مصالح المغرب في أوساط السياسيين الأمريكيين. كما أود أن أؤسس مكاتب تمثيلية في مختلف الولاياتالأمريكية حيث توجد نسبة كبيرة من الجالية المغربية. - وهل ستقومين أنت باختيار هؤلاء الممثلين؟ < نعم، سأقوم بذلك، فلقد تلقيت الكثير من الاتصالات الهاتفية من مغاربة مستعدين لتقديم المساعدة إلى بلدهم ولخدمة مصالحه. وصدقيني، أنا إنسانة لا تجيد الحديث المنمق وأفضل العمل الجاد والحقيقي. - ماذا ستطلبين من أعضاء المجلس خلال الاجتماع القادم في الرباط؟ < أحس بأن هناك رغبة حقيقية في إسماع صوت المهاجرين ولهذا تم تأسيس المجلس. ورغم كل الانتقادات التي وُجّهت لكيفية تعيين الأعضاء إلا أنني أطمح إلى أن يساعدني المسؤولون في المجلس على حل المشاكل التي تعترض طريق المهاجرين المغاربة وتسهيل ربط الجيلين الثاني والثالث بالوطن الأم. - الكثير من المهاجرين المغاربة يعتقدون أنك ستكونين بمثابة «مقدم» يتدخل لتخفيض ثمن التذاكر وحل المشاكل الإدارية وتسهيل إجراءات شراء العقارات... هل أنت المقدم الجديد فعلا؟ < (بابتسامة عريضة) فعلا، لقد بدأت أتوصل برسائل إلكترونية واتصالات هاتفية، منها اتصال قال لي فيه مهاجر مغربي: «واش غادي ترجعي ليا الأرض ديال باّ؟». هناك قضايا سأتدخل فيها بطريقة حبية مثل أثمنة التذاكر المرتفعة وجودة الخدمات.. سأعمل على حل المشاكل التي تواجه معظم المهاجرين المغاربة، أما المشاكل الشخصية فلا أعتقد أنني أملك الصلاحيات لحلها ولا الإمكانيات لذلك، «أنا ماشي مقدم» وكل ما أطلبه الآن هو منحي القليل من الوقت كي أباشر عملي وأقوم بواجبي. - هناك احتمال لأن تلتقي الملك محمد السادس خلال الاجتماع القادم، ماذا ستقولين له عندما ستسلمين عليه؟ < سأشكره في البداية على اهتمامه بالجالية المغربية، وسأخبره بكل فخر بأننا الجالية الوحيدة داخل أمريكا التي تتمتع بتمثيلية رسمية في بلادها الأصلية. سأقول أيضا إن لدينا الكثير من المشاكل ونحن مستعدون للعمل على حلها. - هل ستطلبين كريمة أو قطعة أرض لنفسك كما يُخمّن بعض المهاجرين؟ < (ضحكة عالية وطويلة) في الحقيقة بجوج بيهوم فيهوم غير المشاكيل، الأرض خاصها تكون في موقع ممتاز وإلا بلاش والطاكسي ممكن يتسبب في حادثة لا قدر الله... في الحقيقة، تيليبوتيك كيبان ليا هو الطلب المناسب لأنه مضمون وما فيهش الصداع! الله يعاوني باش نخدم المهاجرين وهذا ماكاين.