لا يهتم كثير من أبناء الجالية المغربية المقيمين بإيطاليا بموضوع «مجلس المهاجرين» المحدث بإيعاز من العاهل المغربي محمد السادس، ويجهلون بالتالي تفاصيله والجدل القائم بشأنه بعد التعيينات التي قام بها مسؤولون عن المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان. ويرى عدد من مغاربة إيطاليا أن عدم اهتمامهم بهذا الموضوع مرده إلى غياب الثقة في المسؤولين والجمعيات المغربية التي اعتبروا أنها إنما وجدت لخدمة مصالحها الضيقة. وقال مصطفى. م، وهو مهاجر مغربي مجاز يقيم بمدينة ميلانو ويعمل بها منذ أكثر من 15 سنة، إن غياب المصداقية لدى السلطات والمؤسسات والجمعيات المغربية، يشكل قطيعة بين هذه الأخيرة وأفراد الجالية المغربية المقيمين بإيطاليا، مشيرا إلى أن التعتيم الإعلامي حول هذه القضايا وكذا غياب ثقافة القراءة لدى أبناء الجالية يساهم في تفاقم هذه الأزمة وفي رفض مغاربة إيطاليا التفاعل مع من يرغب في حل مشاكلهم. وقال: «أنا لا أهتم بأخبار هذا المجلس، لأنني أعرف بشكل جيد أن إحداثه لن يفيد في شيء أبناء الجالية المغربية المقيمة بهذا البلد، فهو تحصيل حاصل بل على العكس من ذلك فوجوده سيستفيد منه البعض لجني أرباح أخرى على حساب مشاكل ومعاناة الجالية». نفس الرأي عبرت عنه المغربية خديجة. ر التي تعمل كنادلة بمقهى بنواحي مدينة تورينو التي اعتبرت، هي الأخرى، أن اهتمامها بأخبار الجالية وبالمجلس الأعلى للمهاجرين لن يفيدها في شيء ولن يحل المشاكل التي تعيشها ويعيشها أبناء الجالية المغربية، وقالت: «مثل باقي أبناء الجالية، لا نؤمن بأن هذا المجلس أو غيره قادر على حل مشاكلنا، فهو قد أحدث فقط لتحقيق مصالح خاصة وضيقة ولملء أرصدة مستغلي الجالية... أنا لست مع أو ضد هذا المجلس بل أنا، بكل صراحة، لا أهتم به ولن أهتم بوجوده، فقد غادرت المغرب هربا من مثل هذه المشاكل ومن الاستغلال». بوجمعة العامري هو أحد الأسماء المغربية بإيطاليا التي عبرت بقوة عن رفضها لاختيارات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان المتعلقة بتشكيل مجلس المهاجرين المغاربة. وفي ذلك يقول: «بعد مهزلة التعيينات المتعلقة بالمجلس الأعلى لحقوق الإنسان، أجد أن موجة الغضب الصادرة عن الجمعيات المغربية بإيطاليا، خصوصا تلك التي عملت ومازالت تعمل بجد لخدمة الجالية وتلميع صورة المغرب مع الدفاع عن قضاياه، تبقى أمرا طبيعيا ومنطقيا، فكيف يعقل أن يختار من إيطاليا ممثلان فقط لهذا المجلس عوض أربعة أو خمسة ممثلين، وما هي المعايير التي اعتمدت لاختيار أعضاء المجلس المذكور..؟ فغضب الجمعيات ليس من أجل عدم اختيار رؤسائها كأعضاء ضمن المجلس بقدر ما هو تعبير عن إحساس بالإهانة والمطالبة بالحقيقة بخصوص هذا الموضوع». أما لماذا لم تتحرك بقوة حتى الآن الجمعيات المغربية بإيطاليا احتجاجا على هذا التعيين، فهو يرى أن «هناك عدة عراقيل تحول دون تمكن الجمعيات المغربية بإيطاليا من توحيد الصف للقيام بوقفات احتجاجية في هذا الإطار وفي إطارات أخرى، أولاها غياب التنسيق فيما بينها وكثرة الخلافات مع بعضها من الجمعيات المعروفة بعدم جديتها... فهناك عدد من الجمعيات التي أصبحت معروفة بكونها لا تتحرك إلا لتحقيق المصلحة الخاصة، فقد علمت بأن بعض رؤساء هذه الجمعيات، الذين وعدتهم جهات مغربية بإدراج أسمائهم ضمن اللائحة التي ستمثل مغاربة إيطاليا بالمجلس الأعلى للمهجرين، التزموا الصمت وأقفل بعضهم هواتفهم المحمولة مخافة أن يتعرضوا إلى موقف حرج عند توجيه الدعوة إليهم للمشاركة في الاحتجاجات التي ننوي تنظيمها»... وعن المبادرات القادمة صحبة جمعيات أخرى للتعبير عن رفض مغاربة إيطاليا التام لطريقة اختيار أعضاء المجلس المذكور، يقول العامري: «بعد اجتماعنا بميلانو ورفضنا القيام بوقفة احتجاجية أمام قنصلية المغرب هناك مع إصدارنا بيانا تنديديا بخصوص اختيارات المجلس المذكور، سننظم، في حالة عدم توصلنا بأجوبة واضحة حول الموضوع، وقفات أمام جميع قنصليات المملكة بإيطاليا مع وقفات أخرى سننظمها أمام مؤسسات مغربية». مستدركا: «هناك عراقيل عدة، لكننا سنتخطاها بثقافة التوحد في ما بيننا واستيعاب ومحاورة الجمعيات الأخرى التي تنوي إفشال مبادراتنا التي نسعى من ورائها إلى أن نظهر للمغاربة، سواء بالداخل أو الخارج، الأهداف الحقيقية الكامنة وراء الاختيارات التي قام بها المسؤولون عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان». وكشف العامري أنه توصل بتهديدات من مجهول حذرته من تنظيم وقفات تنديدية أمام قنصليات المملكة بإيطاليا، مؤكدا أن هذه التهديدات لن تخيفه، وأنه سيواصل نضاله لإظهار الحقيقة بخصوص مهزلة مجلس المهاجرين. وأكد العامري أن هناك اتصالات مكثفة بين عدد كبير من الجمعيات المغربية بأوربا الغاضبة من هذه الاختيارات، معتقدا أن كل العوامل متوفرة لتوحيد الجهود للحد من هذه المهزلة. وختم قائلا: «نحن لن نسكت عن مهزلة المجلس الأعلى للمهاجرين وسنستمر في نضالنا حتى نعيد الأمور إلى نصابها».