لم تكد تكمل سمية عامها الرابع عشر، حتى صارت أما لطفل نتج عن علاقة غير شرعية مع شخص تجهل عنه كل شيء باستثناء اسمه الشخصي. سمية، الأم الصغيرة المنحدرة من منطقة بنسليمان، هي «البطلة» التي فجرت قصة السيدة المعاقة التي تستغل الفتيات الحوامل بطريقة غير شرعية وتستغل أبناءهن في شبكة للتسول. جلست سمية، التي لم تتجاوز متاعب الولادة بعد، إلى جانب ابنها الصغير، الذي لم تحسم في اسمه، تطالعه بعينين فيهما ريبة وخوف كبيرين من أشياء كثيرة تفكر فيها دون أن تستطيع البوح بها. جلست إلى جانب طفلها دون أن تمتد يداها إليه لتضمه، فقد كانت والدتها هي من يتكفل بالرضيع وتتجاوب مع صرخاته، متأوهة «هادا لحمي وما غاديش نلوحو». بدأت سمية، التي لم يمنع صغر سنها من ظهور سمات الأنوثة المغرية عليها تكبر وسط أعين أبناء الجيران والأهل الذين تربصوا بها. تقول «كنت أقضي بعض الأيام في بيت جدي بأحد الدواوير المجاورة، وعندما كنت أبيت لديهم كان مصطفى، وهو أحد أبناء العائلة يتحرش بي ويهاجمني في فراشي ليلا». لا تتذكر سمية اليوم الذي افتضت فيه بكارتها، أكثر من ذلك فهي لا تعرف معنى افتضاض البكارة أصلا. تقول بسذاجة «عندما هاجمني مصطفى لأول مرة نزل مني دم الحيض». تقول سمية بصوتها الخافت: «تعرفت على وحيد، وقد كان شابا وسيما يدرس بإحدى المدارس المجاورة وطلب مني أن نتعارف فقبلت». في أول مرة تعرفت فيها سمية على وحيد رافقته إلى مكان مهجور بعيدا عن بيتها، وهناك مارسا الجنس مرات عديدة. وتضيف: «طلب مني الذهاب برفقته فوافقت، وهناك مارسنا الجنس بمحض إرادتي، فقد طلب مني خلع ملابسي ففعلت». توالت لقاءات سمية بوحيد، الذي أحبته، كما قالت ببراءة. ومارسا الجنس معا حوالي خمس مرات بأرض خلاء، مفترشين القش. تقول سمية: «كنت ألتقي وحيد خلسة، ولم يكن يعلم بالأمر سوى إحدى صديقاتي التي نصحتني بالابتعاد عنه لأنه شخص سيئ، حسبما أكدت لي عندما اختفى عن الأنظار». فجأة اختفى وحيد، وظلت سمية تبحث عنه، وتتردد على المكان الذي كانا يلتقيان فيه بحثا عن الحلم، لكن دون جدوى فقد انسل فجأة من حياتها دون سابق إنذار. عادت سمية إلى بيتها تجتر خيبتها، ولم تعد تغادر المنزل إلى أن سقطت يوما أرضا وأغمي عليها، مما اضطر والدتها إلى نقلها إلى الطبيب. كانت مفاجأة الأم «زهرة» كبيرة عندما أخبرها الطبيب بأن حالة الإغماء التي أصابت ابنتها من أعراض حمل عمره ستة أشهر. أحست زهرة، المرأة البدوية المحافظة، بأن طبقات الأرض تهتز من تحت قدميها اللذين لم يقويا على حمل جسدها. لم تنبس بكلمة، فقط أمسكت بيد ابنتها وعادت إلى بيتها تجتر جبلا من الألم والعار. بداية الحكاية فكرت الأم في حل، فاستقر رأيها على بعض أفراد عائلتها ببنسليمان، حيث توجهت إليهم طالبة منهم إيواء سمية إلى أن تضع حملها. قبلت العائلة في البداية، واستقبلت سمية ببيتها، إلا أن إحدى بنات الأسرة لم تقبل الموضوع، فكانت الوجهة إلى سيدة معاقة تدعى «زهرة». سمية فتاة تائهة لا تعرف أي شيء، فقد كانت تنام مع وحيد ثم تعود إلى بيتها. وتقول ببراءة: «لم أكن أعرف أن النوم مع رجل ينتج عنه حمل». كانت المرأة المعاقة صديقة للعائلة. امرأة من بنسليمان تحب الأطفال كثيرا، حكت لها والدة سمية القصة، فقررت المساعدة. تقول والدة سمية: «هذه المرأة ساعدت ابنتي كثيرا، فقد قصدتها وطلبت منها احتضان ابنتي إلى أن تلد، وعرضت عليها منحها مصاريف سمية، لكنها رفضت أن تأخذ مني أي مقابل». وتضيف: «احتضنت ابنتي إلى أن فاجأها المخاض، فاتصلت بي ونقلنا سمية إلى مستشفى ابن سينا بالرباط وهناك وضعت ابنها». عندما أتى سمية المخاض، نقلت إلى الرباط، وهناك قدمت بطاقة تعريف زهرة، المرأة التي احتضنتها. وتقول زهرة: «لقد قدمت بطاقة زوجي كضمان لأنها لا تتوفر على بطاقة للرجل الذي حملت منه، كما أن والدها لم يكن يعلم بالموضوع، وبالتالي لم يكن بالإمكان الحصول على بطاقته». عادت سمية إلى بيت زهرة، المرأة المحتضنة، ومكثت هناك، فيما تكفلت والدتها بالطفل الذي حملته إلى بيتها وحكت لزوجها قصة ابنته التي أنجبت طفلا بطريقة غير شرعية. تقول زهرة: «نظر إليه وحمله بين يديه، وقال لي إنه صبي ولا ذنب له، غير أنه اقترح علي ألا يرى سمية بالبيت». مرت حوالي 15 يوما على وضع سمية لحملها، وكان لابد من تلقيح الرضيع. تقول سمية: «قالت لي زهرة، المرأة التي احتضنتني أن أتوجه إلى المستشفى لتلقيح ابني، وبالفعل حملت ابني وأخذت بطاقة زوجها دون علمها، فقد ظننت أن الأمور ستجري كما حصل عند الولادة، وتوجهت إلى المستشفى وهنا وقعت الواقعة». تقديم شكاية بعد أيام، سيقوم طبيب بمستشفى بنسليمان بتقديم شكاية إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ببنسليمان ضد امرأة معاقة تتربص بفتيات حوامل بطريقة غير شرعية وتستغل أبناءهن في شبكة للتسول. وتطالب الشكاية، التي حصلت «المساء» على نسخة منها، بفتح تحقيق في ما إن كانت السيدة معاقة فعلا، وفي حقيقة الأطفال الثلاثة الذين تتوفر عليهم، وهي الشكاية التي أججت الحديث عن شبكة تتصيد الفتيات الحوامل بطريقة غير شرعية وتستغل أبناءهن في التسول، وهي الشبكة التي قيل إن امرأة معاقة هي متزعمتها. حسب رواية بعض المصادر من مستشفى بنسليمان، فقد حضرت سمية قبل حوالي أسبوعين حاملة رضيعها وطلبت تلقيحه، وبعد ذلك طلبت من الطبيب منحها شهادة لتسجيل ابنها بالحالة المدنية. وتضيف المصادر أن طلب هذه الشهادة أثار شكوكا لدى الطبيب الذي بحث في بطاقة التعريف التي بحوزتها فوجدها لرجل يكبرها سنا، كما أن الرجل لديه أبناء آخرون مسجلون بسجلات المستشفى. طلب الطبيب من سمية الإجابة عن بعض الأسئلة، فقالت له في البداية إن صاحب البطاقة هو زوجها، قبل أن تعترف بأنها أنجبت ابنها بطريقة غير شرعية، وبأن صاحب البطاقة هو زوج امرأة تكفلت بها إلى أن وضعت حملها. لم تكن المرأة سوى زهرة، التي احتضنت سمية، بطلب من والدتها، وتقول زهرة، التي أحست باستياء كبير بعد أن تم تحويلها إلى متزعمة شبكة لاصطياد الفتيات الحوامل: «أنا امرأة معاقة، تزوجت ولم يكتب لي الإنجاب، فاقترحت على زوجي أن نتبنى أطفالا يملؤون علينا البيت فلم يمانع». وتضيف بحرقة: «لا يمكن أن تحس بحالتي سوى امرأة عاقر مثلي لم تعرف معنى إنجاب أطفال، فقمت بتبني ابني الأول الذي تخلت عنه والدته، وأنا أعرفها، وبعدها تكفلت بابن ثان، وأعرف والدته هو أيضا، وطفلاي اللذان يتابعان دراستهما مسجلان في الحالة المدنية، وأتحدى أيا كان أن يثبت أنني أتسول بهم». وتضيف: «كيف لي أن أتسول وأنا لي إرث ولزوجي تقاعده». وتضيف بحنق: «كل ما قيل رواية مفبركة وأنا امرأة بسيطة لا أريد غير تربية أبنائي والعيش بسلام». بعد ابنيها الأولين، صادفت زهرة امرأة متسولة تحمل طفلا وسيما، فطلبت منها منحها إياه. تقول زهرة: «قمت بالتكفل بابن ثالث أحببته هو الآخر كما لو كان من صلبي». وتضيف: «والأمهات الحقيقيات لأبنائي هن معروفات وقد حضرن لدى رجال الأمن وقدمن شهادتهن في الموضوع، وأكدن أنهن منحنني أطفالهن بمحض إرادتهن، وبعضهن متزوجات الآن». بكت زهرة بحرقة، فقد كانت ترفض أن يعرف أبناؤها أنها ليست والدتهم الحقيقية، لكن الظروف، تقول بألم، شاءت أن تبوح بسرها. وعندما شك الطبيب في مستشفى بنسليمان في سمية، توجهت زهرة إليه وحكت له قصتها، واعترفت له بأن حتى الأبناء الآخرين فإنهم ليسوا من صلبها لأنها امرأة عاقر، وطلبت منه «طي الصفحة مقابل أي شيء يطلبه»، حسب ما صرح به. مصادر من أمن بنسليمان، أكدت أن الشرطة فتحت تحقيقا في القضية بطلب من وكيل الملك. وحسب ذات المصادر، فإنه لم يتم التوصل مطلقا إلى أن زهرة تتسول بالأبناء الذين تتكفل بهم. وقالت مصادر أمنية «على العكس تماما، فاثنان من الأطفال يدرسان بانتظام ونتائجهما مرضية للغاية». وسط كل هذا الزخم من الاتهامات تجلس سمية، التي تم الاستماع إليها من طرف رجال الأمن، تائهة، لا تعرف ماذا تريد من الدنيا، فقد صار لديها ابن والده مجهول، وكل ما تريده الآن هو ألا تذهب زهرة، التي احتضنتها إلى السجن، لأنها أحبتها كثيرا، تقول باكية.