«والله ما اغتصبتها آ السي الرئيس، راه الجن اللي ساكن فيها هو اللي اغتصبها، والجن ولد الحرام كافر وأنا فقيه مسلم»، بهذا اليمين العظيم، فضل المدعو «الدا ابراهيم» أن يواجه القضاء في محاولة لنفي اتهام اغتصابه لشابة ذات جمال فاتن قصدت وكرا أعده للشعوذة بغرض نيل الشفاء. «الدا ابراهيم»، الذي اعترف وهو يرد على أسئلة هيئة غرفة الجنايات الدرجة الأولى بابتدائية القنيطرة بما هو موثق في محاضر التحقيق الذي أجري معه بشأن هاته الواقعة، حاول الإفلات من العقاب بإلقاء تهمة الاغتصاب على ظهر جني «كافر»، كما ورد على لسانه أمام القضاء. كان «الدا ابراهيم» يرمي بنظرات تختزل أكثر من سؤال حول مصيره ما بعد النطق بالحكم، علما بأن شريكة حياته كانت تجلس بجانبه في قفص الاتهام ومن ورائهما جار لهما، اقتيدوا جميعا للمحاكمة بتهم تكوين عصابة إجرامية. على يسار قفص الاتهام، استرعت همسات محامين في أذن شابة في مقتبل العمر انتباه ليس فقط المتهمين والقضاة والمتقاضين بل حتى حراس غرفة المحاكمة، بعدما انتقل خبر كونها ضحية «الدا ابراهيم» بين الحضور انتقال الكهرباء في الأسلاك. وقفت زوجة المتهم الرئيسي أمام منصة هيئة الحكم وقفة المكتوي بنار عزيز، فكان أن سبقت الدموع الكلام، «وأي كلام أقول نعم آسيدي» قالت، وهي تجيب عن سؤال رئيس المحكمة الأستاذ ارشاد الذي جاء بصيغة: «واش كتعرفي التهمة ديالك؟». جففت المتهمة دموعها بأطراف وشاح كانت متوشحة به، قبل أن تواصل كلامها المتقطع بتنهيدات عميقة تختزل مسافة طويلة من اللوعة والحرقة التي قالت إنها شبت في وجدانها منذ أن حلت المكناسية (الشابة الضحية) ضيفة على منزلها طلبا للعلاج على يدي زوجها «الفقيه». اعتراف المتهمة بامتهان زوجها الشعوذة على نطاق واسع، ومكوث الضحية في مسكنها لثلاثة أيام دون أن تعلم خفايا هاته الطقوس التي قال زوجها إنه ورثها عن سلفه، عجل بعودتها إلى قفص الاتهام وطلب مثول المتهم الثالث أمام هيئة القضاء. المتهم الثالث في القضية كان شابا استغله «الدا ابراهيم»، بحكم رابطة الجوار وعطالته عن العمل لتشغيله كسمسار له في أغلب الأحيان وحاجبا لوكره في أحيان كثيرة. بيد أن هذا المتهم، الذي ساءت علاقته ب«الدا ابراهيم» عقب انفجار هاته القضية، اعترف بأنه استغفل المشعوذ «وأصحاب المكان»، بعدما بهره جمال الضحية ليستدرجها إلى سطح منزله، لمداعبتها تحت العنف. ضرب رئيس المحكمة مرتين بقوة على طاولة منصة القضاء وهدد شرطي برتبة «بركادي» بطرد سيدة خارجا قصد استعادة هدوء انفلت من قاعة المحاكمة انفلات الماء من بين الأصابع. نادى رئيس الجلسة على الضحية، التي اشرأبت الأعناق للاطلاع على هيئتها وجمالها، فعاد الأستاذ ارشاد إلى قرع المنصة طلبا للهدوء، بينما «الدا ابراهيم « كان يطالع عقارب ساعته في يوم هو الأطول في حياته أكثر من طول المسافات التي قطعها في سفرياته المتواصلة إلى دول الخليج والمغرب العربي لترويج «بركته»، كما يدعي. استجمعت «المكناسية» قواها واتجهت إلى منصة المحكمة قائلة: «إن هذا الرجل اغتصبني، وهي تشير بأصبع الاتهام إلى المدعو «الدا ابراهيم»، مبرئة زوجته ومؤكدة أقوال المتهم الثالث». تدفن الشابة وجهها بين يديها، وتضيف أن: «الفقيه جيتو من مكناس لأني مريضة، وقال لي انتي ضيفة لثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث قال لي اليوم الجن غادي يخرج، فتكرفس عليا». كانت هاته الكلمات وغيرها كافية كي تدين المحكمة المتهم الرئيسي وتقضي في حقه بعشر سنوات سجنا نافذا وفي حق المتهم الثاني بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وبتبرئة زوجة المشعوذ، من أجل النصب والاحتيال والاغتصاب عن طريق العنف كل حسب ما نسب إليه. جدير بالذكر أن مصالح الأمن بالقنيطرة اعتقلت المتهم الرئيسي فور عودته من الديار الليبية، ثم عرضته رفقة باقي المتهمين في حالة اعتقال على النيابة العامة وقاضي التحقيق.