بث مسؤولو الجيش الأمريكي في العراق، الأربعاء الماضي ب«المنطقة الخضراء» الأمريكية، المكان الأكثر مراقبة في بغداد، مجموعة من مقاطع الفيديو المصورة، على أنظار صحافيي العالم، تبرز ما يقارب 15 طفلا تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة. يرتدون لباسا أسود وكوفية بيضاء ويغطون رؤوسهم بأقنعة لا تبرز سوى أسنانهم، يتدربون في إحدى المناطق الصحراوية على استعمال الأسلحة، وقتل المارة، ومداهمة المنازل لقتل سكانها تحت إشراف شخص كبير السن، يعتقد الجيش الأمريكي أنه من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. كانت من بين أقوى الصور التي ظهرت في أحد المشاهد التي بثها الجيش الأمريكي، والتي نقلتها جريدة «لوموند» الفرنسية أول أمس الخميس، صورة طفل صغير لم يتجاوز ربيعه العاشر. يرتدي عباءة سوداء، وكوفية عراقية حمراء وحزاما ناسفا يحيط بطنه الصغير. ليس هذا كل شيء فلم ينس صانعو الصورة منح الطفل الصغير مسدسا أتوماتيكيا لتحمله أنامله الطفولية بدل اللعب، وكان التركيز في الصورة على أن يكون المسدس محمولا في اليد اليمنى، وأن يظهر الطفل شجاعا قويا دون أدنى ابتسامة، حيث ظهرت أسنانه البيضاء كما لو أنه يريد الانتقام من شيء ما. جريدة «لوموند» وصفت الأطفال الذين ظهروا في مقاطع الفيديو الأمريكية ب«الجيل الجديد للمجاهدين»، فيما ذهب أحد مسؤولي الجيش الأمريكي بالعراق إلى التصريح للجريدة الفرنسية بكون «مقاطع الفيديو التي قمنا ببثها صورها تنظيم القاعدة بنفسه ليقوم بالبروبغندا وليقوم بجلب أطفال آخرين». غير أن مراسل «لوموند» أضاف أيضا «أن توزيع هذه الأشرطة على صحافيي العالم هو أيضا بروبغندا للولايات المتحدةالأمريكية وللحكومة العراقية»، وأضاف من الصعب التّأكد من حقيقة هذه الأشرطة لكن «الأكيد أنه في الأسابيع الماضية تم تنفيذ تفجيرين من طرف أطفال لا يتعدى عمرهم الخمس عشرة سنة». «الإرهابيون يقومون بخطف وتجنيد عدد كبير من الأطفال ليس فقط من أجل تنفيذ عمليات، لكنهم أيضا يختطفون هؤلاء الأطفال لطلب فدية مقابل إعادتهم إلى أسرهم»، هكذا صرح محمد العسكري، الناطق الرسمي باسم وزير الدفاع العراقي. ومن جانبهم قال قادة الجيش الأمريكي إنهم لا يعرفون عدد هؤلاء الأطفال المجندين في القاعدة، ويعتبرون أن تسليمهم للتجنيد قد تكون من ورائه بعض العائلات العراقية التي تساند الإرهابيين. كما لم يحدد الجيش الأمريكي ما إذا كان «أطفال القاعدة» هم فقط من جنسية عراقية أم يحملون جنسيات أخرى. ويذهب العديد من المحللين إلى القول بأن «تشكيلة أطفال القاعدة قد لا تختلف عن شيوخها»، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون هؤلاء الأطفال من جنسيات مختلفة ومتعددة. وفي هذا الصدد قال محمد ضريف، المحلل المغربي المتخصص في القاعدة، «إنه يجب التأكد أولا من صحة نسبة مقاطع الفيديو للقاعدة، لأن الجيش الأمريكي الآن يشن حربا متعددة الأبعاد على القاعدة ويحاول أن يقول للعالم إن القاعدة هي في أزمة». وأضاف ضريف أنه في حالة صحة نسبة هذا الشريط إلى مقاتلي القاعدة «فإنني لا أظن أن يكون من بين الأطفال المجندين في صفوفها، والذين ظهروا في الفيديو، أطفال مغاربة، خصوصا في هذا الوقت بالنظر إلى صعوبة ولوج العراق»، لكن ضريف ذهب في المقابل إلى التأكيد على أنه «أشارت العديد من الأدلة مؤخرا إلى أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يسير على نفس نهج القاعدة في العراق بحيث بدأ مسؤولوه في الجزائر يجندون هم أيضا الأطفال»، وأشار إلى أنه يمكن «أن يتم تجنيد العديد من الأطفال في مجموعة من الدول العربية، ليتم إرسالهم فيما بعد إلى العراق». عن لوموند» بتصرف