احتبست أنفاس عائلة عويدات بعد أن غادرها زوال أول أمس إلى دار البقاء الأب حمان عويدات، الذي ظل محتجزا ببيته مدة أربعة أشهر رفقة أسرته بعدما حوصروا من قبل مافيا العقار التي جعلت بيتهم الكائن بشارع الفضيلة بالعاصمة الرباط من دون باب ولا منفذ إلى الخارج. حزنت الأسرة المكونة من 12 فردا لحادث الوفاة، لكن حزنها كان أكثر لأنها لم تجد طريقة تخرج بها الأب الميت، والذي صارع المرض منذ ما يزيد على خمس سنوات، عاشها متنقلا بين المحاكم ومديريات الأمن لإيجاد حل لمشكلة بيته الذي لم يكن له باب. عندما زارت «المساء» بيت عائلة عويدات، أول أمس، كان الأب حمان لايزال على قيد الحياة. كانت الأسرة، التي لم يغادر جل أفرادها البيت منذ ما يزيد على أربعة أشهر، تنتظر تسلل الروح من جسده الذي غزاه المرض في أية لحظة، لكن همها الكبير كان هو التفكير في وسيلة لإخراج جثته من بيت لا يتوفر على باب. فالأب المريض لم يكن يرى طبيبه المعالج منذ احتجازه، لأن وضعه الصحي لم يكن يؤهله لسلك الطريق نفسه الذي يسلكه باقي أبنائه للخروج، وحتى إن زاره طبيب ببيته فإنه لن يعاود الكرة لظنه أنه سيجتاز مسالك قندهار الوعرة للوصول إلى مبتغاه. يقول إبراهيم عويدات، ابن الراحل حمان: «كنت أخجل أن أحضر طبيبا وأطلب منه تسلق الأسوار للوصول إلى والدي»، ويضيف بعينين مغرورقتين بالدموع: «لقد عانى والدي كثيرا من أجل حل هذه المشكلة إلى أن اكتسح المرض جسده النحيل من كثرة التردد على المحاكم والإدارات لانتزاع حق بسيط هو فتح باب لبيتنا». تعود أطوار هذه القصة إلى سنة 1969، عندما قام الأب حمان عويدات باكتراء بقعة أرضية عارية تبلغ مساحتها حوالي 800 متر بشارع الفضيلة الحي الصناعي بالرباط بمبلغ 200 درهم في الشهر. يقول الابن إبراهيم: «كانت الأرض والمنطقة كلها خلاء، وقد قام والدي ببناء ثلاث غرف ومخزن كنا نستغله في بيع مادة «جافيل». ويضيف: «وحسب التصميم الهندسي للمنزل، فإنه يتوفر على باب رئيسي، غير أن أحد الجيران استغل الجهة التي يوجد بها الباب وقام بإغلاقها ببناء سور عال لمقاولته المتخصصة في صنع الرخام». إبراهيم يقول إن عين الجار كانت دائما مركزة على المنزل والأرض التي نستغلها، وقد تحالف مع مالكي المنزل الذين يدفع لهم شهريا وبانتظام مقابل الكراء من أجل إخراجنا، واعدا إياهم بشراء المنزل والأرض بثمن كبير، وهو ما أثار طمع مالكي البيت الذين فوضوا له كل السلطات –يضيف إبراهيم- إلى أن أقفلت في وجهنا جميع المنافذ وحاصرنا بين الأسوار مثل قطيع يملكه». زوجة إبراهيم الحامل في شهرها الرابع لم تر الطبيب مطلقا لتتبع مراحل الحمل، وتقول بحنق: «لم أر الطبيب منذ أن حملت لأنني لا أقوى على تسلق السور للخروج كما يفعل زوجي وأبنائي». أبناء إبراهيم أيضا انقطعوا لفترة عن الدراسة، بعدما سد في وجههم مخرج كان أحد الجيران يسمح لهم بالمرور منه نحو الخارج، غير أن هذا الأخير قام ببيع المنزل، واضطر المالك الجديد إلى إقفال المنفذ وبناء سور عال حجب عنهم العالم الخارجي. التفاصيل في صفحة تقارير.