في المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء لم ينشغل جمهور الوداد بالفئة القليلة من الجمهور السوسي، لم يستحضر قاموس التعصب والشوفينية الضيقة ولم يمطر الحكم بزخات من الشتائم، بل ركز جهوده على خصم واحد اسمه جامعة الكرة، كلما داهم القلق المتفرجين واستحضروا الإقصاء المذل من دورة غانا 2008، إلا وتحركت موشحات الغضب الساطع وعمت فضاء الملعب غيمة السخط العارم من جامعة ترفع كل يوم عدد المصابين بارتفاع الضغط الدموي وتضاعف زبائن المصحات العمومية والخصوصية. حين أعلن الحكم مشمور عن دقيقة صمت ودعا لاعبي الوداد والحسنية لقراءة الفاتحة ترحما على ودادي رحل، حول الجمهور مجرى الفاتحة ورفع أكف الضراعة إلى الله وهو يترحم جهرا على فقيد مات من شدة السقم اسمه المنتخب الوطني، كانت الجماهير تشيع الكرة المغربية إلى مثواها الأخير بحماس وكأن الصدف شاءت أن تتزامن دقيقة الصمت مع لحظة القلق من منتخب مات لأنه بلا روح. لكن في مدرجات ملعب سانية الرمل بتطوان كان المشهد أكثر جنائزية فقد اتفق البيضاويون والتطوانيون على أن يتفقوا على شتم الجامعة ومدربها المدلل هنري ميشيل، وعلى امتداد دقائق المباراة التي جمعت المغرب التطواني بالرجاء كانت الشعارات المناوئة لتدبير الشأن الكروي، هي صانعة الفرجة بعد أن اختار اللاعبون البياض نتيجة لمواجهتهم، مثل كورال جماعي صاحت الحناجر بأعلى صوتها «بنسليمان سير فحالك الجامعة ما شي ديالك»، ولم يسلم هنري ميشيل من الشتائم الشمالية بالرغم من المعاملة اللطيفة التي عومل بها قبل شهر حين حل بملعب سانية الرمل لمتابعة مباراة المغرب التطواني ضد النادي القنيطري، فقد كان له نصيب مضاعف من تعبئة السب الذي حول هنري إلى رأس مطلوب للقصاص. أزمة المنتخب المغربي ساهمت في تلطيف الأجواء بين مشجعي تطوان والرجاء فقد اتفقا معا على تسديد شتائمهم نحو هدف واحد، مما أجل الخلافات الضيقة بين الفصائل المشجعة حتى المتطرفة منها، فالعدو واحد والسلاح واحد والقضية واحدة طبعا. امتلأت مدرجات ملعب سانية الرمل بالمتفرجين وضاقت جنبات الملعب بالحاضرين حيث فاق العدد 20 ألف متفرج، وبنفس القدر ضاق الناس ذرعا بإصرار الجامعة على التشبث بكراسيها وتوزيع النكبات بالتقسيط على شعب ظل يعول على الكرة لتمنحه لحظة انعتاق من الغم والهم والآهات. واختارت جماهير أخرى مقاطعة الملاعب احتجاجا على الخروج المذل للمنتخب المغربي من دورة غانا، فالجمهور القنيطري الذي اعتاد شد الرحال بأعداد وافرة،قاطع رحلة «الكاك» إلى اخريبكة ونابت فئة قليلة عن الغائبين «والغايب حجتو معاه»، وحجته فضلا عن نتائج الفريق نكبة أكرا. وعلى الرغم من التشنج الحاصل بين الجماهير المسفيوية والمراكشية، إلا أن مدرجات ملعب المسيرة لم تخل من موشحات الهجاء وكلمات التأبين في حق منتخب وطني مصنوع من الورق المقوى، وظلت على الرغم من الأهداف الأربعة تنتشل لحظات من عمر اللقاء تخصصها لوصلة تنكيلية بجامعة الكرة وللخالدين فيها أبدا.