كل من يمر من شارع الطاهر العلوي في مدينة البيضاء يفاجأ بفتاة في مقتبل العمر تدعى سناء اجضاهيم تحمل حقيبة وبيدها «ميزان» إلكتروني يدفع المارة إلى التساؤل، قبل أن يكتشفوا أنه لقياس ضغط دم المارة والزبناء الذين يقصدونها. همس شخص في أذن صاحبه متسائلا عن وجود مثل هذا النموذج من النساء وهذا العمل الذي بدا غريبا بالنسبة إليه، لأن ما تقوم به مخصص عادة للطبيبات أو الممرضات في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة أو العامة. تنادي سناء اجضاهيم: «عبرو الضغط بزوج دراهم». عبارة تكررها في كل وقت إلى أن يستجيب لها أي مواطن أو مواطنة، إما بدافع الفضول لمعرفة مهنة جديدة بالنسبة إليه ولم يسبق له أن رآها في مكان آخر، أو من أجل قياس ضغط الدم الذي أصبح ينزل أو يعلو بفعل المشاكل الاجتماعية التي أصبحت تزداد يوما بعد يوم، خاصة مع الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية التي جعلت المراكز الطبية الخاصة تستغل حاجة المريض لها لترفع من الثمن، وهذه الفئة هي النوع الثالث من زبناء «سناء اجضاهيم» التي تقيس ضغط الدم، وبالتالي ضغط وتيرة الحياة فقط بدرهمين. سناء لم تجد عملا آخر من أجل إعالة نفسها وأسرتها، فقررت أن تقتحم هذه المهنة التي اجتهدت لتكون موردها الرئيسي للرزق في زمن أصبح فيه الحصول على عمل قار ومدر للدخل شيئا صعبا، وهي فخورة بعملها لأنه يمنحها فرصة أن تكون سيدة نفسها وصاحبة القرار في اختيار الوقت المناسب للعمل. سناء الحاصلة على شهادة الباكالوريا، تعترف بأنها أحبت هذه المهنة من صميم قلبها وترغب في التعود عليها باعتبارها مهنة غير منتشرة في المغرب ومقتصرة على بعض الخواص والمراكز الاستشفائية التي تكون، إما بعيدة عن المواطن أو تكلفتها تفوق القدرة الخاصة للمرضى الذين يضطرون إلى الانتظار، وكذا لاعتبارها فرصة لغير المرضى لكي يقيسوا ضغط الدم بثمن رمزي. وتؤكد سناء أن كبار السن هم أكثر المقبلين على الاستفادة من آلتها للقياس، حيث لا تكتفي بقياس ضغط الدم، بل تقيس كذلك نسبة السكري بعشرة دراهم فقط، في حين أن الصيدليات تقيسه بعشرين درهما، وهذا ما فسرت به الإقبال المتزايد للمارة على الاستفادة من آلتها الصغيرة باعتبار أنها لا تكلف المرضى ما لا يطيقون. وتتمنى سناء التي استهوتها الصحافة بالمغرب أن تنضم إلى أسرة الإعلام بالمغرب، ولهذا فهي منشغلة بالبحث عن معهد مناسب لدخلها ولمستواها الدراسي لتعبر من خلالها إلى مجال آخر بعيد نوعا ما عن الميدان الذي تمارسه. لم تزاول سناء هذه المهنة عن تطفل، بل بعد حصولها على دبلوم الإسعافات الأولية قبل سنتين، وهي إلى جانب ذلك تمارس بعض التجارة الحرة من أجل مساعدة نفسها ماديا وكذا أسرتها المتكونة من ثلاثة إخوة وأب وأم. كما استفادت من عدة تداريب في بعض المستشفيات بالدار البيضاء من بينها على الخصوص مستشفى مولاي يوسف، ومصحة الزيراوي، لكنها تتأسف لكونها بعد كل هذه التداريب لم تحصل على وظيفة في المجال العمومي بوزارة الصحة. وأوضحت أنها ولجت عالمها الخاص مستفيدة من الشهادة التي حصلت عليها لتقوم بوظيفتها بشكل مستقل عن الدولة، وفي المقابل تؤكد أن وزارة الصحة لم توقفها عن العمل وعن قياس الضغط للمارة والزبناء الذين يجيئون إليها خصيصا من أجل ذلك.