وصف فيليبي غونزاليس، رئيس الحكومة الإسبانية السابق، مسلسل برشلونة الذي انطلق سنة 1996 بأنه «لم تكن له الحركية المنشودة»، وقال إنه شخصيا عندما كان في آخر أيامه رئيسا للحكومة الإسبانية، ورئيسا للمجموعة الأوربية سنة 1995، قام بمجهودات من أجل إرساء سياسة تجاه أوربا الشرقية وتجاه دول جنوب البحر الأبيض المتوسط من أجل تسهيل اندماجهم في الاتحاد الأوربي، إلا أنه قال: «بعد انهزامي في الانتخابات سنة 1996، انطلق اتفاق برشلونة، ولوحظ أنه عرف تناقصا في مجال الشراكة مع دول جنوب المتوسط». وأكد رئيس الحكومة الإسبانية السابق، خلال ندوة دولية نظمها مركز الدراسات الإسبانية-البرتغالية أمس بالرباط تحت عنوان «البحر الأبيض المتوسط من أجل تعايش أفضل»، أنه لا يريد تحميل المسؤولية لأحد حول سبب تعثر الشراكة الأورومتوسطية، إلا أنه قال إن هناك عاملين يؤثران على تقدم الشراكة، الأول يرتبط بأزمة الشرق الأوسط، حيث إنه كلما ساد توتر في هذه المنطقة، مثل الوضعية الحالية «الدرامية في قطاع غزة»، فإن ذلك ينعكس على نفسية شعوب المنطقة، مما يعقد تقدم مسلسل الشراكة. والعامل الثاني هو مشكل أزمة اتحاد المغرب العربي، وقال: «هناك إشكالية بين بلدان المغرب العربي، وهي أنه لا يوجد توافق بين دوله»، وأضاف: «لماذا لا تعمل أوربا على تقديم أسس اتفاقات سياسية بين هذه البلدان، ومساعدتها على مد الجسور في ما بينها؟». وبخصوص تصوره لطريقة تدبير الشراكة، قال غونزاليس: «لا يجب على أوربا أن تنتظر وحدة المغربي العربي من أجل إنجاز شراكة، بل عليها أن تفسح المجال للدول التي ترغب في الشراكة مثل المغرب، وألا يعاقب بسبب رفض الآخرين». وبشأن الخلاف بين المغرب والجزائر حول الصحراء، قال غونزاليس: «لنترك هذا المشكل جانبا، ونرى كيف يمكن التقدم في مجالات أخرى». وحول المسار السياسي في المغرب، قال إنه لاحظ وجود تناقض بين مسار التحديث الذي يعرفه المغرب والنزاهة التي مرت فيها الانتخابات، وبين العزوف الكبير الذي عرفته الانتخابات. وفسر غونزاليس العزوف بأن الديمقراطيات التمثيلية تعرف أزمات في عدد من الدول، وأضاف قائلا: «لكن الناس يذهبون إلى صناديق الاقتراع بكثرة إذا كانت هناك رهانات كبرى مثل ما حصل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية». ومن جهته، فسر العربي الجعايدي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس، ظاهرة العزوف ب«ضعف المؤسسات السياسية المغربية» و«الطابع الغامض للعرض السياسي الذي قدمته الأحزاب»، وأضاف أن هناك سببا آخر مرتبطا بكون الانتخابات ليس لها أثر مباشر على الحياة اليومية للمواطنين، لأن نظام الحكم في المغرب «ملكية تنفيذية تهتم بتدبير الحياة اليومية للمواطنين». وأكد الجعايدي أن هناك تناقضا بين الخطاب السياسي الحداثي الذي قدمته عدد من الأحزاب وبين الممارسة السياسية التي تضفي طابعا هشا على العمل السياسي. ولتجاوز هذا الوضع، دعا الجعايدي إلى إدخال إصلاحات لاستعادة ثقة المواطنين، وقال: «هذا يفترض شفافية أكبر بخصوص دور الملك والحكومة والبرلمان».