لم تتخلص المواطنة المغربية عائشة البصري بعد من الهلع الذي استبد بها الأحد المنصرم عندما كانت متوجهة من الدار البيضاء إلى نيويورك، على متن طائرة بوينغ 767300 التابعة للخطوط الملكية المغربية.. تتحدث بكثير من الحسرة والغضب عن المحنة التي عاشتها بمعية مسافرين آخرين، حين اضطرت الطائرة التي تقلهم إلى الهبوط بمطار بجزر الآصور، بعد أن شارفت على السقوط. تقول عائشة البصري إن طائرة بوينغ أقلعت، يوم الأحد الماضي على الساعة 11 و35 دقيقة من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء في اتجاه نيويورك وعلى متنها 168 مسافرا، لكن بعد حوالي أربع ساعات من التحليق في الأجواء حدثت رجة قوية أسلمت المسافرين لحالة من الهلع، التي عمقها الخوف من وقوع ما لا تحمد عقباه. فقد بدأت الطائرة تنزل بسرعة كبيرة، اضطرت معها المضيفات إلى التسمر في مقاعدهن وإرشاد المسافرين إلى استعمال أقنعة الأكسجين، قبل أن يأتي الخبر اليقين من قائد الطائرة، الذي أعلم الركاب بأن زجاج المقصورة تصدع، مما اضطره إلى النزول من 10 000 متر إلى 3000 متر، في انتظار الهبوط الاضطراري في أقرب مطار. حطت الطائرة في مطار «تيرسيرا» بجزر الآصور، حسب رواية عائشة البصري التي ضمنتها في رسالة مفتوحة، بعثتها، باسم لجنة المسافرين على متن الرحلة AT0200، إلى الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية ادريس بنهيمة، وحصلت «المساء» على نسخة منها، غير أن المسافرين، الذين نجوا من موت محقق، لم يكونوا يظنون أنهم سيقضون لحظات عصيبة في المطار. تؤكد البصري أن الركاب حشروا في قاعة انتظار وحرموا من أي اتصال بممثلي الخطوط الملكية المغربية، ومن أية عناية تفرضها مثل تلك الظروف. إنهم لم يتلقوا أية معلومات حول مصيرهم بعد ذلك الهبوط الاضطراري. وعندما عبرت سيدة، حسب الرسالة، عن تذمر، قال لها أحد المسؤولين عن الطائرة: «احمدوا الله لأنكم مازلتم على قيد الحياة»، بل إن أحد أفراد الطاقم رفض مرافقة طفلة إلى المستشفى، بعد تعرضها لوعكة صحية، بدعوى أنه لا يمكنه تحمل أية مسؤولية. العناية التي تبرم الموظفون من إحاطة زبنائها بها، لقيها المسافرون الناجون من مواطن مغربي، استحثه الواجب الإنساني على تقديم يد المساعدة إليهم، فقد تطوع هذا الشاب الذي يقيم بالأرخبيل، كما تحكي الرسالة، بمجرد علمه بالحادث، كي يقوم بدور المترجم لدى سلطات المطار، وأقنع المسؤولة عن المقصف بقبول الأداء بالدولار، حتى تتسنى للمسافرين مواجهة الجوع والعطش، وأبدى اهتماما كبيرا بالأطفال والمسنين والمسافرين المرضى بالسكري.. لقد ظل يخدم المسافرين من الخامسة والنصف بعد زوال يوم الأحد إلى حدود الثالثة صباحا من يوم الاثنين. وبينما نقل طاقم الطائرة إلى الفندق في ال10 و45 دقيقة، لم يُنقل إليه بعض المسافرين إلا في الساعة الثانية عشرة مساء، أما من لا يتوفرون على تأشيرة عبور، من مغاربة وأفارقة، فلم يتأت لهم ذلك إلا في الساعة الثالثة صباحا، ليعود الجميع إلى المطار بعد ذلك بساعتين، ويحشروا مجددا، كما تحكي الرسالة، في قاعة انتظار بدون أكل أو دعم، إلى أن أقلعت بهم طائرة بوينغ أخرى إلى نيويورك. حلوا بنيويورك سالمين، لكنهم سيتذكرون طويلا تلك الطائرة التي وصفوها ب«النعش الطائر»، إذ غابت فيها بعض ضمانات السلامة، فالمقاعد، كما تصفها الرسالة، متهالكة وما عادت تتيح إمكانية الجلوس عليها في الوضعية التي تفرضها معايير السلامة، وبعض الأجزاء من السقف بها شقوق، وبعض المراحيض تجهيزاتها سيئة وصور جهاز التلفاز مضببة.. هذا ما أوحى للمسافرين بعقد العزم على رفع دعوى قضائية ضد شركة الخطوط الملكية المغربية. ومن جانبها أوضحت المسؤولة عن التواصل بالخطوط الملكية المغربية، ل«المساء»، أن الطائرة المعنية تخضع لفحص دقيق بشكل دوري احتراما لما تفرضه القوانين الدولية، وأن ما وقع يوم الأحد حادث استثنائي، فرض النزول في أقرب مطار، حيث حطت الطائرة في مطار بجزر الآصور. ومادامت الشركة لا تتوفر على ممثلية لها في الأرخبيل، فقد تم الاتصال بالإدارة العامة وممثلية الشركة في لشبونة، التي اتصلت بشركة متخصصة في الخدمات، حيث تؤكد المسؤولة أنه تم إيواء المسافرين في فندق لمدة ثلاث ساعات ونصف بعد هبوط الطائرة، ليتم نقلهم بعد ذلك على متن طائرة أقلعت من الدارالبيضاء.