محمد الراجي - في مثل هذه الأيام من السنة الماضية كانت أرواح الأطفال الصغار تتصاعد إلى السماء عند الرفيق الأعلى واحدة تلو الأخرى، إلى أن بلغ عددها سبعة وثلاثين روحا . هذا المشهد الرهيب لم يحدث في فيلم سينمائي خيالي، بل حدث في قرية حزينة تدعى «أنفكو» بإقليم الحسيمة في الشمال المغربي. عندما كان هؤلاء الأطفال الأبرياء يغادرون هذا العالم تباعا ، كان الشيخ محمد بيد الله الذي كان وزيرا للصحة وقتئذ يطمئن الرأي العام بتصريحات كاذبة، ويعطي أرقاما مزيفة عن عدد الضحايا، هكذا كان يقول بأن عدد الأطفال الذين ماتوا لم يتجاوز ثلاثة عشر طفلا، في الوقت الذي تشهد فيه القبور الصغيرة التي تأوي أرواحهم أن عددهم يقترب من أربعين. تلك الكارثة وحدها كانت كفيلة بإسقاط الحكومة ومحاسبة المسؤولين، لكن مع الأسف لسنا في بلد ديمقراطي . موجة الموت الهوجاء التي اجتاحت العالم الصغير لأطفال قرية أنفكو لم تخلف ولو هزة صغيرة في قلوب ومشاعر المسؤولين المغاربة ، لذلك لم يكلف وزير الصحة نفسه عناء إرسال ولو مجرد بعثة طبية لإنقاذ حياة من تبقى من الأطفال، وظل الجميع ينتظر إلى أن أصدر الملك تعليماته بإرسال وفد بقيادة مستشارته زليخة الناصري لزيارة المنطقة المنكوبة، الوفد ذهب إلى هناك على متن سيارات الدفع الرباعي، لكن وصوله كان متأخرا جدا، ومن تم كانت الزيارة بلا معنى، تماما كما يحدث عندما تأتي سيارة الإسعاف بعد أن يكون المستنجد قد فارق الحياة. الآن مر عام كامل على الكارثة، لا شك أن غصة الفراق الأبدي ما تزال عالقة في قلوب الأمهات المكلومات، ولا شك أن الدموع الحارقة تنزل من عيونهن كلما مررن بجانب المقبرة التي ترقد فيها فلذات أكبادهن داخل القبور الباردة، وعندما يموت طفل جديد بسبب البرد يتذكرن أطفالهن الذين ماتوا بشكل جماعي. سيتذكرن تلك الفاجعة إلى الأبد، وسيتذكرن دوما أن الشعارات والكلام الجميل الذي لا يمل المسؤولون من ترديده كل يوم على مسامع الناس في الإذاعة والتلفزيون والجرائد الرسمية عن مغرب الازدهار والخير والنماء ليس سوى وهما. رحمة الله عليكم يا أطفال أنفكو، وصبرا جميلا لأمهاتكن المكلومات. [email protected]