سبتة / جمال وهبي - فور دخوله إلى مدينة سبتة صعد محمد أحمد الطيب الوزاني، الملقب ب«النيني»، إلى تل جبلي يطل على الحدود المغربية بمعبر باب سبتة وبدأ يصيح ويسب بأعلى صوته «لن ترونني بعد اليوم أيها الأوغاد»، جملة اختصر بها «النيني» مغامرته الناجحة في الفرار من سجن القنيطرة، مقابل أموال طائلة كان يدفعها للمسؤولين عن السجن. في شهر نونبر الماضي علم «النيني»، المزداد بمدينة سبتة بتاريخ 27 غشت 1975، بأن المحكمة العليا الإسبانية قضت بتخفيض آخر عقوبة سجنية في حقه إلى سنة ونصف، والتي حسب القانون الجنائي الإسباني قد تم الفصل فيها مثلما تم الفصل في قضايا سابقة. «كلمني على الهاتف وقال لي: سأحضر إلى إسبانيا، وسأذهب إلى مفوضية الشرطة هناك لتجديد بطاقتي الوطنية» يقول أحد أقرب أصدقاء النيني. بعدها سيبدأ النيني في تنفيذ خطة هربه المحكمة ليدخل التراب الإسباني عن طريق باب سبتة. وحسب أسبوعية «إنترفيو» الإسبانية، فإن ثروة النيني تقدر بأكثر من 30 مليون أورو، «رقم ثروتي المالية يفوق عدد سنوات عمري»، يقول متباهيا بعد وصوله إلى إسبانيا. وحسب معلومات مؤكدة فإن إسبانيا سوف لن تسلم محمد أحمد الطيب الوزاني إلى المغرب، رغم كون هذه الأخير أصدر في حقه مذكرة بحث دولية عن طريق مكتب الأنتربول بالرباط. وتضيف نفس المصادر، استنادا إلى مصدر قضائي، أن إسبانيا لن تسلمه «مادامت لم تصدر في حقه أية متابعات قضائية إسبانية، وذلك طبقا للمادة الثالثة من اتفاقية تسليم المطلوبين للعدالة، المبرمة بين المغرب وإسبانيا، سنة 1997». «الاتفاقية لا تنص على تسليم دول أوربية، وإسبانيا على الخصوص لمواطنيها إلى المغرب، باعتبار أن «النيني» مواطن إسباني» يقول المصدر القضائي. «عندما تمنح رشاوى إلى الشرطة الإسبانية فإنها لا تزعجك فيما بعد، أما إذا منحتها لشرطي مغربي، ففي اليوم الموالي تجد آخرين مصطفين يطرقون بابك لطلب الأموال» يضحك النيني بملء فمه. في 15 شتنبر الماضي، وفي الوقت الذي كانت فيه عائلة أحد الموظفين بسجن القنيطرة تشتكي من التعذيب الممارس عليه أثناء التحقيق معه، كان النيني يشرب مع أخيه المسمى «العربي»، وصديقاته وأصدقائه نخب انتصاره ونجاحه في الفرار عبر النقطة الحدودية بجواز سفر إسباني. «كل شيء يشتريه بالمال. لقد سبق له أن خرج من السجن وحضر إحدى حفلات الزفاف المقامة بمنتجع مارينا سمير السياحي، حيث يملك إقامة فاخرة هناك» يكشف أحد مقربيه. ورغم أن السلطات المغربية تحاول قدر المستطاع إرجاعه إلى زنزانته بسجن القنيطرة، فإن النيني يتحدى كل ذلك من خلال زياراته المتعددة إلى عائلته وأصدقائه بإقامته الكائنة بشارع «بوستيغو» بمدينة سبتة، قادما إليها من إقامته الفاخرة بمدينة مالقة. أول عهد للنيني بالسجن كان سنة 1991 عندما اشتبك مع أحد عناصر شرطة المرور بمدينة سبتة، لتتوالى فيما بعد لائحة من السوابق المتمثلة في 24 قضية من مختلف التهم كقضايا تهريب المخدرات والضرب والجرح، ليكسب بعدها خبرة كبيرة في تهريب المخدرات، حيث كان يقوم بتهريب 5 أطنان من المخدرات المغربية سنويا إلى التراب الإسباني ومنه إلى دول أوربا. «شحنة من كل عشر أخرى تصل إسبانيا كانت تخص النيني» يكشف أحد أقربائه، «لكن سجله العدلي في إسبانيا لا يشمل حاليا أية متابعة في حقه. من حقه التمتع بحياته هنا»، يضيف قريبه. النيني الذي يحظى باحترام وتقدير كبيرين من طرف أصدقائه بسبتة، يتجول الآن بكل حرية في شوارع مالقة بسيارته «هوندا» الفاخرة ، منتشيا بانتصاره على المغرب ونجاحه في الفرار من زنزانته المجهزة بكل ما يتمناه أي معتقل مغربي.