حقق وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بفاس يوم الأربعاء الماضي مع فتاة تبلغ من العمر حوالي 28 سنة، بعدما تم اعتقالها في حالة «تلبس» وهي تخوض «معركة» للنصب على سائق سيارة أجرة صغيرة. وقرر وكيل الملك إيداعها رهن الاعتقال الاحتياطي في انتظار البت القضائي في ملفها. ويرتقب أن يواصل وكيل الملك الاستماع إليها في جلسة حدد لها تاريخ 10 أبريل المقبل. فيما تواصل السلطات الأمنية البحث عن أعضاء آخرين يفترض أنهم ينتمون إلى الشبكة التي تتزعمها هذه الفتاة، ومن ضمنهم «حاج» تُقدمه للراغبين في الحصول على «كريمة» بأنه عميد شرطة مكلف بإجراء أبحاث دقيقة حول الراغبين في نيل هذه ال«كريمة»، و«حاجة» تقول إنها من ساكنة «التواركة» بالرباط وتدعي بأن لها علاقة قوية تربطها بها، إضافة إلى سائق سيارة أجرة كبيرة كانت الفتاة توحي للضحايا بأنه سائقها الخاص. وتشير المصادر الأمنية إلى أن التحقيق مع هؤلاء الأشخاص الذين كانوا على علاقة بهذه الفتاة من شأنه أن يميط اللثام عن شبكة تخصصت في النصب باسم القصر الملكي على ضحايا، أغلبهم ينحدرون من أسر فقيرة وأملهم الوحيد هو الحصول على «كريمة»، يراهنون عليها لإنقاذهم من الأوضاع الاجتماعية الهشة التي يعيشونها. ويحكي «عبد السلام المزداري»، البالغ من العمر 32 سنة، ومهنته سائق طاكسي، أن الفتاة التي أطيح بها واتهمت بتزعم هذه الشبكة، أوقفته بالقرب من المستودع البلدي كأي زبون، وهي ترتدي جلبابا أسود، وطلبت منه أن ينقلها إلى حي فاس الجديد المجاور للقصر الملكي. وبينما كان يوصلها إلى وجهتها تجاذبت معه أطراف الحديث حول أوضاعه الاجتماعية، مخبرة إياه بأنها «ابنة» للقصر الملكي وموظفة في «التواركة»، وعوض أن تكمل مشوارها، طلبت منه أن يوقف السيارة بالقرب من القصر الملكي، ووضعت رهن إشارته رقم هاتفها النقال ليتصل بها بعدما أكدت له بأنها أشفقت على حاله، ووعدته ب«هدية» ستنقذه مما هو فيه. وعادت الفتاة فيما بعد لتلتقي بسائق الطاكسي، وربطت الاتصال هاتفيا، بحضوره، ب«حاج» قالت عنه إنه عميد شرطة سيسهل مأمورية السائق للحصول على «كريمة»، وطلبت منه مدها ببعض الوثائق الإدارية وبصور فوتوغرافية. وفي لقاء آخر طلبت منه أن ينقلها إلى ولاية الأمن، موهمة إياه بأنها ستلتقي بالعميد نفسه لتسلمه الوثائق، قبل أن تغادر مقر الولاية، بعد مرور ما يقرب من 15 دقيقة، بدون رزمة الوثائق التي تسلمتها منه. وطلبت منه مجددا أن يمكنها من 8 نسخ أخرى من الوثائق الإدارية السابقة ومعها صور فوتوغرافية، بالإضافة إلى مبلغ مالي لشراء الطوابع المطلوبة. وتواصلت اللقاءات بين الطرفين، ولم تكن تقطعها سوى «سفريات» تقول الفتاة إنها تقوم بها إلى «تواركة». وفي كل لقاء كانت تحرص على أخذ مبلغ مالي منه، إلى أن وصلت ساعة الحسم. فقد طلبت نهاية الأسبوع الماضي من سائق الطاكسي الحضور على عجل إلى موعد مهم، مخبرة إياه بأن لجنة مكلفة بالتحري في ملفه، وتتكون من 8 أشخاص، قد وفدت من الرباط إلى فاس، وربطت الاتصال ب«الحاج» الذي أكدت أنه يرافقهم في هذه «الرحلة» وناقشت معه وضعية اليتم التي يعانيها سائق الطاكسي، لكن «الحاج» أكد لها بأن على الراغب في «الكريمة» أن يمنح 5000 درهم لكل عضو من هؤلاء الأعضاء الثمانية. وبالرغم من أن تخفيضا أجري في المبلغ الإجمالي، فإن السائق لم يستطع «الأداء» وطلب مهلة ليتدبر أمره، واتجه نحو أصدقائه، قبل أن تطلب منه الفتاة مجددا أن يمدها ب1500 درهم ل«الحاج» كمقابل على شهادة احتياج ضمَّنها ملفه، ومن شأنها أن تسهل له مأمورية الحصول على الرخصة، فعاد مجددا إلى أحد أصدقائه. ورغم أن هذا الصديق منحه المبلغ الإضافي فقد نصحه بضرورة أخذ الحيطة في مثل هذه «المعاملات»، خصوصا أنه يجهل كل شيء عن الهوية الحقيقية للفتاة. وبدأت شكوك السائق تكبر مع توالي الاتصالات، وقرر، يوم الأحد الماضي، أن يستعين بأحد رجال الأمن من معارفه للتأكد من هوية هذه الفتاة. ولم يتردد هذا الأخيرفي الاتصال بمسؤولين أمنيين لإخبارهم بشكوكه حول شبكة تنصب باسم القصر الملكي. وسرعان ما أحيطت الفتاة، وهي على متن سيارة أجرة ضحيتها، بدورية أمنية بمركز المدينة. وكشفت التحقيقات أن «ماجدة.ش» تمتهن الخياطة، وتقطن بحي مولاي عبد الله بفاس، وكانت تشتغل في إحدى شركات الخياطة بالرباط. وعثر بحوزتها على مبلغ 5375 درهما ونسخ من بطائق الهوية لأربعة ضحايا آخرين، بالإضافة إلى صورتين لشخصين. وقبل أن تقر بالتهم الموجهة إليها، قالت للمحققين إنها تستطيع توفير «كريمة» لأي شخص لأنها على علاقة قوية ب«حاجة» التواركة بالرباط.