عادت فضيحة تبديد117 مليار سنتيم من أموال التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية للواجهة بعد أن استمعت غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط أول أمس، لملتمسات النيابة العامة في حق المتهم الرئيس محماد الفراع، وباقي المتابعين معه والبالغ عددهم 21 متهما. وسرد ممثل الحق العام على امتداد أزيد من ثلاث ساعات سلسلة من الوقائع التي استند عليها من أجل المطالبة بإدانة الفراع الرئيس السابق للتعاضدية بعقوبة «تتناسب وخطورة الأفعال المنسوبة إليه»، بعد أن أشار إلى قيامه بنسج علاقات مشبوهة مع أمناء للمال بالتعاضدية مقابل تبادل المنافع وهو ما مكن من توظيف عدد من أبنائهم في مقابل تعبيد الطريق لعدد من الصفقات التي همت اقتناء عقارات بقيمة مالية تم النفخ فيها بشكل كبير. ونبه ممثل الحق العام إلى أن الفراع الذي حضر المحاكمة بمعية زوجته حقق عددا من المنافع الشخصية، قبل أن يحين الدور على بعض أقاربه الذين «استفادوا من مستحقات مالية امتدت أيضا إلى تبادل للمنافع مع عدد من الشركاء الذين كانت تتعامل معهم التعاضدية، وهو ما جعل المتهم يحقق عددا من المصالح الخاصة على حساب معاناة فئة عريضة من المرضى». وشدد ممثل النيابة العامة على أن المتهم الرئيس في هذه النازلة استفاد بمعية مجموعة من المتهمين من ممتلكات توجد في ملكية التعاضدية، مشيرا إلى أن ما اقترفه من تبديد لأموال عمومية كان نتيجة نسجه شبكة من العلاقات المبنية على «التغرير والترغيب والتقريب وتبادل المنافع». بدا واضحا أن الانتقادات التي رفعتها عدد من فعاليات المجتمع المدني بخصوص استمرار عدد من المدانين والمتابعين جنائيا في تسيير الشأن العام، وحضور الأنشطة الرسمية، قد لقيت صدى لدى النيابة العامة التي طالبت بقطع الطريق على هذه العينة من خلال القول ب»عدم أهلية المتهم ومجموعة من المتابعين في تدبير إدارة جمعية أو اتحاد، ومصادرة الأملاك المحجوزة في حدود المبالغ المحددة لفائدة الدولة»، كما التمس منع الفراع من تولي خدمات عامة أو انتخابية في حالة الحكم عليه بعقوبة جنحية»، علما أن هذا الأخير استمر رغم إدانته بالحبس النافذ ابتدائيا واستئنافيا في تسيير بلدية الصويرة. من جانبه حاول الدفاع اللعب على الثغرات القانونية التي تعتري عمل التعاضديات بالمغرب ما حولها إلى بقرة حلوب لعدد من المسؤولين الذين اغتنوا بشكل سريع، ونبه الدفاع إلى أن المشرع لم يعط وصفا أو تسمية للتعاضدية، وأن الأمر لا يتعلق بأموال عمومية بل بأموال خاصة، وهو ما ينسف الأساس القانوني للمحاكمة القائمة على تهمة تبديد أموال عمومية، قبل أن تقرر المحكمة مواصلة الاستماع إلى مرافعات الدفاع نهاية الشهر الجاري تمهيدا للحسم في هذه القضية التي ستجعل الفراع يواجه الحبس النافذ في حال إدانته. وكانت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط قد قضت في 25 أبريل 2012، برفع العقوبة الحبسية الابتدائية من أربع إلى خمس سنوات حبسا نافذا في حق محمد الفراع الرئيس السابق للتعاضدية بعد مؤاخذته من أجل تهمة «تبديد أموال عمومية» فيما قضت بعدم متابعته من أجل «اختلاس أموال عمومية واستغلال النفوذ»، كما قضت المحكمة في حق باقي المتابعين بأحكام تراوحت بين سنتين حبسا والبراءة قبل أن تقرر محكمة النقض قبول طلب النقض الذي تقدم به الفراع وعدد من المتابعين.